حلمٌ شائعٌ أن تقوم بما أنت شغوفٌ به. المشكلة الوحيدة في هذا الطموح هو أننا نبرع أحياناً في أشياء بعيدة عن اهتماماتنا، أي كما في عبارة غلوريا ستاينم الشهيرة "نعلم ما نحتاج إلى تعلمه، ونكتب ما نحتاج إلى معرفته".
لا تقلق! لا يعني هذا أن حلمك قد مات، بل يعني أنك بحاجة إلى معرفة كيف تجعل هذا الحلم مثمراً باستخدام المهارات التي تمتلكها حالياً. لا شك أن حلمك سيتغير قليلاً، لكنك، في نهاية اليوم، ستكون قادراً على القيام بما أنت شغوفٌ به.
هنا أربعة أسئلةٍ يجب أن تسألها لنفسك للمساعدة في تحقيق هذا:
1-ماهي المهارات التي ساعدتك على الازدهار في عملك؟
لا شك أنك طورت مهارات معينة ضرورية خلال سنوات الطفولة والجامعة. فلنأخذ مثلاً سكوت إيدينغر (مستشار ناجح جداً للرئيس التنفيذي لإحدى الشركات) الذي نشأ مفلساً في مجمّع بيوت مسبقة الصنع.
في عمر التاسعة، كان عليه أن يتلاءم مع ظروفه غير المثالية. استطاع إيدينغر أن يستفيد من صِعاب طفولته باكتساب خبرة في التواصل، في حل النزاعات، التوافق مع الآخرين وإقناعهم.
في الجامعة، صقل إيدينغر مهاراته في التواصل، ليصبح من ضمن أفضل محاورين في النقاشات العامة التي تُقام في الكلية. بعد التخرج، قام بمساعدة العديد من الشركات في معالجة تقصير بعض أقسامها عبر التركيز على المهارة الأكثر أهميةً في العمل: كيف تبيع منتجاتها.
بالطبع لا يعاني كل الناس من سوء الحظ مثل إيدينغر، لكن هذا لا يعني أنك لم تُصادف عراقيل في حياتك، وأنك لم تعرف كيف تتغلب عليها. فكر بالصعاب التي واجهتك، هل هناك شيء مشتركٌ بينها؟ طريقتك في التغلب عليها هي ما تبرع فيه، وكل ما عليك فعله الآن هو معرفة أي مجال يناسب مهارتك هذه.
2-مالذي يجعلك تشعر بقوتك؟
يقول ماركوس باكينغهام، مؤلف كتاب "اكتشف قوتك الآن": "إمكانيتنا تلفت انتباهنا بطريقة واضحة، إذ أن استخدامها يجعلنا نشعر بالقوة. اللحظات التي تشعر فيها بأنك نشيط، فضولي وناجح، هي إشاراتٌ لمكامن قوتك".
فكِّر أيضاً بالحالات التي تكون فيها المسؤول الأول عن عمل ما وتشعر بضغط العمل. حين تكون مضغوطاً، تريد أن تشعر بأنك تسيطر على الأمور، ولكي تشعر بذلك، تقوم بما يجعلك تشعر بقوتك، وحين تحدد وتركز على ما يجعلك تشعر بالقوة، تشعر بسعادة أكبر وهذا يجعلك قادراً على حل مشاكل أكثر في ظروف أكثر تنوعاً.
3-ما الذي جعلك متفوقاً حين كنت طفلاً؟
حين نكون أطفالاً، نقوم بما نحب القيام به، حتى ولو جعلنا ذلك نبدو شاذين. حين تعود إلى أوقات الطفولة، ستكتشف موهبةً فطرية. في المدرسة الابتدائية، كانت كانديس براون إليوت تُسمى "الموسوعة براون" نسبةً إلى الشخصية الشهيرة في كتب الأطفال.
تقول براون:"معظم الأطفال اعتقدوا أني الأذكى في المدرسة، لكن معظم أساتذتي كانوا محبطين لأن علاماتي كانت متوسطة. صنفوني ضمن فئة التحصيل الدراسي الضعيف. بالمقابل، كانت لدي أحلام يقظة عن حوارات مع مشاهير من قبيل مدام كوري. كانت لدي أحلام أخرى عن بناء أول وحدة ذكاء اصطناعي داخل خزانة غرفة نومي، عن كيفية بناء مدن عائمة، عن اختراعات عظيمة وأشكالٍ جديدة من الفن".
بعد أربعة عقود، تحمل إليوت 90 براءة اختراع صادرة عن الولايات المتحدة. واختراعها الأشهر "PenTile" يستخدم في مئات الملايين من الهواتف الذكية، الكومبيوترات اللوحية، أجهزة اللابتوب والتلفزيونات ذات الدقة العالية.
أسست شركة لتطوير هذه التقنية ثم باعتها لاحقاً لشركة سامسونغ. حين كانت طفلة، كانت أحلام يقظتها تُعتبر غريبة بالنسبة لزملائها ومخيبة لأساتذتها. لكن أحلامها تلك أصبحت منبع طاقتها حين كبرت.
هل ثمة شيء جعلك تبدو غريباً حين كنت صغيراً؟ هل يمكن أن يكون منبع طاقتك الخارقة؟
4-ما هي الإطراءات التي تميل إلى إهمالها؟
غالباً ما نغفل عن مكامن قوتنا. كن متيقظاً للإطراءات التي تتجاهلها عادةً، ليس لأنك خجول بل لأن الأمر يبدو طبيعياً كالتنفس. قد يحدث أيضاً أن تسمع مديحاً مرات عديدة بحيث تقرف منه! لمَ لا يستطيع الناس أن يمدحوا الأعمال التي بذلت جهداً هائلاً في القيام بها؟
من المفهوم أن تتجاهل الإطراءات التي تتعلق بما تحسن القيام به، لكن وخلال مهنتك، سيجعلك هذا السلوك تبدو وكأنك ترخّص من قيمتك الحقيقية.
كتب رالف والدو إيمرسون ذات مرة: "في كل عمل عبقري نتعرف على أفكارنا التي تجاهلناها، تعود إلينا بجلال غريب معين". لا تفترض أن شيئاً يأتي بسهولة أو يبدو واضحاً بالنسبة لك هو أمرٌ معتادٌ أو عديم القيمة بالنسبة للآخرين.
هل توجد إطراءات تتجاهلها باستمرار؟ هل توجد أي طاقة خارقة لم تضعها ضمن سيرتك الذاتية؟
لا يوجد نقص في الأعمال التي يجب أن تُنجز أو المشاكل التي تحتاج إلى حل. حالما حددت ملكاتك الأساسية، يسهل تحديد مكمن قوتك المميزة، أي ما تسطيع فعله في مكان عملك ولا يستطيع الآخرون القيام به. إن كنت تتطلع لأن تكون ناجحاً، ابحث عن الأمور التي تثير شغفك بشكل خاص، ثم ابدأ العمل معتمداً على قواك المميزة.
ترجمة هافينغتون بوست عربي