دعا إلى التركيز على العطاءات والمشتريات الحكومية لتكون نصيرا وحليفا للمنتجات الفلسطينية
رام الله- الاقتصادي- حسناء الرنتيسي- "هناك أصناف من المنتجات الاسرائيلية أخرجت من السوق بلا رجعة، وإن حاول بعض التجار بيعها على استحياء لمواطنين يشترونها باستحياء، وكأنهم يروجون سلعة ممنوعة ومنبوذة".
هكذا بدا صلاح هنية، رئيس جمعية حماية المستهلك والمنسق العام للراصد الاقتصادي.. ناطقا متفائلا باسم حملات المقاطعة لبضائع الاحتلال، تغمره الرغبة في المضي قدما في طريقه التي رسمها مع الزملاء والمناصرين من ابناء الوطن نحو خلو السوق الفلسطيني من منتجات الاحتلال.
وعي يتنامى
وخلال لقائه بـ"القدس الاقتصادي"، قال هنية "هناك وعي متنام لدى هيئات الحكم المحلي من خلال تدخل مباشر من المجالس البلدية بالتعميم على المهندسين في البلديات بعدم وضع بنود في العطاءات توحي بالإسرائيلي مهما كان المبرر، وتوافق ذلك مع توجه نقابة المهندسين بتجديد عهد المقاطعة ومطالبة المهندسين بالالتزام، وكذلك فعل اتحاد المقاولين الفلسطيني، واتحاد المستشفيات الخاصة والاهلية الفلسطينية".
وقال هنية إن المتاجر التي اخليت من البضائع الاسرائيلية لن تكون مؤهلة للعودة عن قراراها، بسبب الثقافة الاستهلاكية المختلفة التي ظهرت في فلسطين، حيث بات المستهلك منتميا لانتاجه الفلسطيني، ولم يعد ينتمي للمنتجات الإسرائيلية.
لا تراجع
وحول ما يظهر للعموم من تراجع في "المقاطعة" للبضائع الاسرائيلية فور توقف العدوان الأخير على قطاع غزة قال هنية "عمليا لم يقع تراجع، بل حقيقة ما حدث هو قلة نشاطات بعض الحملات التي ارتبطت اصلا بموضوع غزة، الا أن المؤسسات والأطر التي وضعت في استراتيجيتها مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ودعم المنتجات الفلسطينية لم تتراجع، بل استمرت بذات الوتيرة، صحيح أن مظاهر الاعلان والكثافة الاعلامية والحضور الورقي ليس بالزخم الذي يربطه البعض بارتفاع وتيرة مقاطعة المنتجات؛ ولكن هذه المؤسسات التي تحمل استراتيجية المقاطعة ودعم المنتجات الفلسطينية تعمل للضغط والتأثير والمناصرة من خلال المواصفات والمقاييس وآليات ضبط السوق وآليات ايجاد تشريعات شكل غيابها ثغرات امام دعم المنتجات الفلسطينية".
المقاطعة ليست هبة
وأكد هنية أنه منذ اليوم الاول تم الاتفاق على أن المقاطعة ليست هبة، بل هي استراتيجية انطلقت منذ سنوات مضت، توّجت في الانتفاضة الاولى عام 1987 وتلك لها ظروفها المختلفة، وفي انتفاضة الاقصى واستمرارها منذ العام 2000 لغاية اليوم بين مد وجزر.
وتابع هنية"هناك مؤسسات حملت تلك التجربة على اكتفاها، التجاوب الشعبي والمبادرة الشعبية حققت نموذجا رائعا في المقاطعة وتطوع التجار لتنظيف محالهم من المنتجات الإسرائيلية دفعت الناس للاعتقاد أن مظهر اخلاء متجر هنا وهناك سيكون يوميا وصورة وعنوانا رئيسيا في الاعلام، الآن الوضع مختلف، هناك حديث عن خطوات متقدمة وبرامج أكثر فاعلية تتعلق بالمواصفات، وبرامج دعم المنتجات الفلسطينية قضايا مرتبطة بالمقاطعة تتمثل بترشيد الاستهلاك وتنمية الاعتماد على الذات والعودة للبساطة والاصول لتوفير مقومات الصمود والثبات.
ورأى هنية انه لا يوجد مفاضلة في السنوات التي سبقت العدوان على غزة، حيث كان الحراك الدولي في المقاطعة متقدم على الوضع المحلي الذي امتاز بالتردد في التخلي عن عبوة حليب إسرائيلية وعن قطف عنب إسرائيلي بمبررات ضعيفة عنوانها الجودة، وكأننا لم نمض أكثر من نصف حياتنا نأكل العنب من دالية هنا أو هناك، أكلها التطور العمراني في المدن، وضيعنا حقول التين والسفرجل، وبات البعض يرى في المنتجات الإسرائيلية هي الحياة، وكأن العالم يخطو خطوات متقدمة في المقاطعة ومواجهة شركات تدعم الاحتلال في المشاريع والتمويل.
وأضاف هنية "منذ شهرين والتوجه الشعبي يأخذ منحى جديد يصب في اتجاه تفعيل المقاطعة الاقتصادية فلسطينيا وعلى الأرض".
اما عن الأهداف التي تقف على قائمة انتظار "المقاطعة"، فقال هنية "قائمة الانتظار في حملة المقاطعة تذهب باتجاه المشاريع الكبرى التي تتجاوز العشرين مليون يورو ويزيد، تلك المشاريع التي يجب أن يقف المسؤول والمهندس والمكتب الاستشاري والمستفيد من المشروع والمقاول موقفا مسؤولا منسجما مع شعاراته السياسية الكبيرة ليضع المنتجات الفلسطينية اولا، واذا لم يتوفر ذلك لنذهب صوب الاستيراد من دول اميركا اللاتينية، التي وقفت موقفا مهولا مع الشعب الفلسطيني، لنذهب صوب العالم بالاستيراد لتغطية احتياجات السوق من مدخلات المشاريع الكبرى بالملايين.
لا لرفع الاسعار
وعن الاشاعات التي اطلقها البعض مستهدفا جهود حملات المقاطعة، قال هنية "من متابعة حثيثة ومعرفة واطلاع لم يقع اي رفع لسعر اي سلعة فلسطينية من قبل المصنع نفسه، هناك تلاعب من متاجر صغيرة في هذا الحي أو ذاك، وهذا يحل من خلال الرقابة وضبط السوقى وتنظيمه، هناك دعايات واشاعات من قبل المصانع والموزعين للصناعات الإسرائيلية ضد المنتجات الفلسطينية تتمثل برفع السعر وتراجع الجودة، وهنا نقول لسنا في غابة، لدينا أنظمة وتشريعات تضبط كل هذا الأمر، لدينا مواقع تواصل اجتماعي لا ترحم أحدا اذا تلاعب باي من معايير الجودة والسعر والكمية، وسنقف في وجه حملات تشويه المنتجات الفلسطينية".
الارتقاء بالأداء
واستطرد حديثه قائلا "المنتجون الفلسطينيون ارتقوا بادائهم، ودعونا نقارن ما بين العام 2000 وعام 2014 نجد تطورا نوعيا قد وقع على الصناعة الفلسطينية، بغض النظر عن تراجع مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي ولكنها حتما ستعود، وهذا ناتج عن تشوه الوعي الذي اصاب المستهلك الفلسطيني باتجاه الولاء للمنتجات الإسرائيلية، وجشع بعض التجار الذين غلبوا هامش الربح من الإسرائيلي على حساب المنتجات الفلسطينية".
واستبعد هنية وجود أسباب تقود نحو عدم وضع المنتجين استراتيجية تسويقية وترويجية، فالبيئة مهيئة لتغطية واضافة خطوط انتاج جديدة، وهذا ما نلمسه ونشجعه.
واعتبر هنية أن الاشاعات ضد المنتجات الفلسطينية وسيطرتها على مساحة من استفسارات المستهلك غير المبنية على معلومات شكلت عائقا امام المنتج المحلي وتقدم حملة المقاطعة، إضافة إلى عائق الواسطات والمحسوبيات لصالح هذا الوكيل وذاك او هذا التاجر وذاك او البائع في هذه الحسبة اوتلك، لاعتبار ان هناك منتجات عالمية تصنع في السوق الإسرائيلي، ولا داعي لمقاطعتها، وهذه الاستثناءات لن تكون على المستوى الشعبي، بالعكس يتم التركيز عليها بشكل أكبر.
كما شكل عدم توسع حملة المقاطعة بشكل متواز في كل المحافظات وخصوصا المحافظات الكبرى، عائقا ملموسا امام حملات المقاطعة.
وقال هنية "هناك مواسم تشهد دخولا للمنتجات الاسرائيلية على حساب المحاصيل الفلسطينية، خصوصا عنب الخليل والتمور، الأمر الذي دفعنا لتحصين هذه المواسم مع الشركاء، ونأمل ان تلقى الجهود نجاحا، وتتفوق منتجاتنا على نثر حالات التشاؤم قبل بدء الموسم لتبرير التهريب".
ودعا هنية إلى تكاتف الجهود بين جهد الصناعيين ووزارات الاختصاص وجمعية حماية المستهلك ومؤسسات المجتمع المدني لضمان -على الاقل - توفير حماية شعبية للمنتجات الفلسطينية عالية الجودة، وذات السعر المنافس.
وختم حديثه بالدعوة للتركيز - قبل اي شيء آخر- على العطاءات والمشتريات الحكومية التي تشكل 14% من الناتج المحلي الاجمالي، لتكون نصيرا وحليفا للمنتجات الفلسطينية، وللمستورد الفلسطيني الرسمي الذي لا يتلاعب بالبيان الجمركي ويدفع ضريبته، مطالبا الانحياز بالمواصفة لصالح المنتجات الفلسطينية.