رام الله- الاقتصادي- التحالف العالمي للاشتمال المالي- نَشأ القِطاع المالي الفلسطيني قبل عقدين من الزمن رغم القيود المستمرة التي تفرضها إسرائيل على حركة الأفراد والبضائع، علاوةً على القيود التي تفرضها على استخدام الموارد الطبيعية والمالية. ولقد تمكَّن الفلسطينيون وبنجاح من تأسيس قطاعهم المالي والذي يتكون من: البنوك وسوق الأوراق المالية وشركات التأمين وشركات تمويل الرهن العقاري ومؤسسات الاقراض المتخصص وشركات التأجير التمويلي.
والآن، وبفضل الجهود التي تبذلها سلطة النقد الفلسطينيَّة (PMA)-وهي مؤسسة عُضو في التحالف العالمي للاشتمال المالي منذ عام 2010-فقد تمكنت من وضع فلسطين كدولة رائدة في مجال الاشتمال المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA). ومن الجدير بالذكر أنَّ سلطة النقد برزت باعتبارها أول عضو من المنطقة في شبكة التحالف العالمي للاشتمال المالي يلتزم "بإعلان مايا" (Maya Declaration) للعمل من أجل إطلاق الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية لغير المتعاملين مع البنوك في فلسطين، وذلك من خلال:
• رفع مستوى الوعي والتثقيف المالي بين كافة فئات المجتمع الفلسطيني.
• تطوير المنتجات والخدمات المالية وتسهيل الوصول إلى مصادر التمويل.
• تعزيز مبادئ حماية حقوق مستهلكي الخدمات المالية.
وقد أقرَّ أيضاً صندوق النقد العربي بالمكانة الإقليمية الرفيعة التي تحتلها سلطة النقد الفلسطينيَّة في مجال الاشتمال المالي في وقت سابق هذا العام، عندما اختيرت سلطة النقد لوضع المبادئ الارشادية لتطوير الاستراتيجيات الوطنية للاشتمال المالي في الدول العربية. ومن المتوقع أنْ يتم اعتماد هذه المبادئ من قبل محافظي البنوك المركزية العربية حتى يتسنى للدول الإحدى وعشرين الأخرى الأعضاء في صندوق النقد العربي الاستناد اليها في وضع استراتيجيات وطنية للاشتمال المالي.
ونتيجة لعدم وجود عملة نقدية وطنية فلسطينية تقتصر مسؤوليات سلطة النقد في الوقت الراهن على التنظيم والإشراف على قطاع المؤسسات المالية المصرفية في فلسطين إضافة إلى ادارتها لنظام مدفوعات عصري ومتطور. وتعمل الهيئة الرقابية الثانية في القطاع المالي الفلسطيني وهي هيئة سوق رأس المال الفلسطينيَّة (PCMA) على تنظيم والإشراف على القطاع المالي غير المصرفي، ويشمل ذلك سوق الأوراق المالية، شركات التأجير التمويلي، شركات تمويل الرهن العقاري وصناديق التقاعد وشركات التأمين.
وخلال التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون بين سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال الفلسطينيَّة من أجل انشاء استراتيجية وطنية للاشتمال المالي، أكدّ محافظ سلطة النقد الدكتور جهاد الوزير على ضرورة رفع مستوى الوعي والتثقيف المالي، وكذلك تعزيز اسس حماية حقوق مستهلكي الخدمات المالية وتسهيل الوصول إلى موارد التمويل لاستخدام المنتجات والخدمات المالية، قائلاً: "لقد أدَّى طلب المستهلكين المتزايد في فلسطين على هذا النوع من الخدمات إلى تسليط الضوء على الحاجة المُلحة إلى توحيد المبادرات والإجراءات من أجل تجنب الازدواجية في الموارد والجهود المبذولة، والتوسع في الاشتمال المالي ليشمل أكبر شريحة ممكنة من القطاعات المستهدفة".
وتلبيةً لهذا الطلب المتزايد، فقد بدأت المؤسستان بإعداد الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي في ديسمبر 2013 بدعم من التحالف العالمي للاشتمال المالي. وقد وضعت هذه المبادرة فلسطين ضمن دولتين متقدمتين في منطقة الشرق الأوسط إلى جانب مملكة المغرب تمتلكان استراتيجيات وطنية للاشتمال المالي. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى صياغة أساس سليم لزيادة استخدام الفلسطينيين للخدمات والمنتجات المالية المختلفة وعلى جميع المستويات الاجتماعية، بما في ذلك قطاعا ذوي الدخل المنخفض والمهمشين. وسيتم ذلك بطريقة عادلة وشفافة وبأسعار معقولة لتلبية احتياجاتهم.
إضافة إلى ذلك، حصلت سلطة النقد الفلسطينيَّة على جائزة أسبوع المال العالمي (Global Money Week) لعام 2013 من المؤسسة الدولية للتعليم المالي للأطفال والشباب لتنظيمها أفضل برنامج توعية مالية في منطقة الشرق الأوسط. كما أطلقت سلطة النقد في وقت سابق وبنجاح مجموعة من الأنظمة منها نظام المعلومات الائتماني، التصنيف الائتماني ونظام الشيكات المعادة.
وقد أثار الدور الريادي لسلطة النقد في تعزيز الاشتمال المالي اهتماماً حقيقياً في زيادة مستوى الاشتمال المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وتحديداً من خلال توفير المساعدة التقنية لبعض البنوك المركزية العربية الزميلة والتي باشرت في تطوير سياساتها المتعلقة بالوعي والثقافة المالية وإنشاء استراتيجيات وطنية للاشتمال المالي، فقد اتَّبعت العديد من البنوك المركزية في المنطقة نموذج سلطة النقد الفلسطينيَّة، علاوةً على ذلك فقد باشرت بعض البنوك المركزية في هذه الدول الانضمام إلى شبكة التحالف العالمي للاشتمال المالي.