القدس- الاقتصادي- اكدت بعثة البنك الدولي في الاراضي الفلسطينية ان القطاع الخاص يعتبر المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، إلا أن المؤسسات الفلسطينية لا زالت رهينة انعدام الاستقرار السياسي وعدم التوصل إلى حل للصراع واستمرار فرض قيود على حرية الحركة والوصول والتبادل التجاري.
ويقول ستين يورغينسون المدير الإقليمي للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: "هناك حاجة ماسة إلى قطاع خاص نشط لدعم التقدم الاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية التي تواجه بالفعل انخفاضاً في الدخل وزيادة في معدل البطالة، كما يعتبر السماح بحرية الحركة والوصول إلى الموارد من الأمور الضرورية لبناء ثقة المستثمرين وتطوير القطاع الصناعي وقطاعات الخدمات التي توفر قيمةمضافة عالية، مما يؤدي إلى دعم اقتصاد فلسطيني يتسم بالازدهار ويعمل على حمايته من موجات العنف مستقبلاً".
ويقدم تقرير أصدره البنك الدولي مؤخراً بعنوان "تقييم المناخ الاستثماري: الانقسام وانعدام الرؤية" دليلاً تجريبياً على أن عدم الاستقرار السياسي الناجم عن الصراع والحكم العسكري والعنف والانقسام السياسي وانعدام حرية الحركة والوصول للموارد والأسواق لا يزال من المعيقات الأساسية أمام النمو الاقتصادي، كما يبقى القطاع الخاص الفلسطيني مقيداً إلى حد كبير بالشركات متوسطة الحجم أساساً، والتي تعمل باستثمار رأسمالي منخفض في سوق محلي يشوبه الانقسام وفي ظل عزلة نسبية عن الاقتصاد العالمي.
واشار التقرير الى ان الأنشطة التجارية محكومة بالقيود المتعددة والقواعد المعقدة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، كما أدى الانقسام الحاد في الأسواق الفلسطينية والذي تحول إلى "مناخات محلية" إلى اختلاف الظروف والقيود اعتماداً على موقعها في الأراضي الفلسطينية. موضحا إان الأنشطة التجارية مثقلة بالوقت الإضافي والموارد المالية والقدرة على التنقل، حيث تعيق المعابر التجارية والحواجز التي تسيطر عليها إسرائيل وكذلك العوائق المادية والإجرائية الأخرى الأعمال والتجارة، وفي غزة نجد أن الصادرات ممنوعة بالكامل تقريباً والواردات خاضعة للقيود والتأخير الشديد حتى وإن تم السماح بدخولها.
وتظهر البيانات الخاصة بالشركات الفلسطينية التي شملها المسح الذي أُجري في عام 2006ثم أُجري مرة أخرى في عام 2013إلى عدم وجود أي نمو كبير في الاستثمار الرأسمالي أو التوظيف نظراً لحالة الانقسام وعدم الاستقرار، إلى جانب انخفاض معدل المشاركة في الأنشطة الإبداعية والتي تهدف إلى الارتقاء بالأعمال، والمدفوع في المقام الأول بفعل مستوى الأعمال المنخفض في أوساط شركات قطاع غزة.
ويضيف يورغينسون: "لا بد من تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وتوفير أفق جديد للأمل، حيث أن إطلاق إمكانات القطاع الخاص يمكن أن يحسن من مستويات المعيشة وأن يخلق فرص عمل ونمواً اقتصادياً، ومن مصلحة جميع الأطراف تحقيق الاستقرار في المنطقة والتقيد بالتزاماتها".
كما يسلط التقرير الضوء على النتائج الإيجابية والفرص المحتملة في المناخ الاستثماري الفلسطيني، وهنالك أدلة ناشئة وآخذة في النمو فيى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكذلك النظام البيئي لريادة الأعمال. كما يوجد وعدد من كبار المستثمرين الفلسطينيين الذين استطاعوا بنجاح اجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة في الأعوام الأخيرة. تتضمن جوانب إيجابية أخرى للمناخ الاستثماري حالات فسادصغيرة في مستوى منخفض نسبيا، كما لا يزال القطاع المالي يحافظ على الاستقرار والسيولة،وعلى الرغم من الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وغزة، فان معظم جوانب البيروقراطية لا تزال قائمة. يبين تقييم المناخ الاقتصادي أن إنتاجية العمال في الشركات الفلسطينية على قدم المساواة مع البلدان المقارنة معها،في حين أن تكاليف عمالة الوحدة تبدو أنها قادرة على المنافسة داخل المنطقة، وهذا يعني أن هناك فرصة محتملة لأن تصل إنتاجية العمالة إلى مستويات أكثر تنافسية إذا كانت الشركات على استعداد لاستثمار المزيد، وإذا تم توجيه الموارد نحو القطاعات الفرعية الأعلى إنتاجية في الصناعات والخدمات.
وتقول نبيلة عساف كبيرة خبراء تنمية القطاع الخاص في البنك الدولي والمؤلفة الرئيسية: "يقدم التقرير صورة قاتمة عن وضع المناخ الاستثماري، لكن بيانات الإنتاجية وظهور قطاعات ذات قيمة مرتفعة كالصناعات الدوائية وتكنولوجيا المعلومات يبين احتمالات النمو التي تبني على روح ريادة الأعمال، وعلى الرغم من أن انعدام الاستقرار السياسي هو العائق الاساسي للاستثمار والأعمال فإنه من الضروري تحديد سبل تحسين مناحي مناخ الأعمال على المدى القصير".