رام الله - الاقتصادي - يجهد تجار أسواق مدينة رام الله، في تسويق بضاعتهم من السلع الأساسية من الخضار والفواكه والمواد التموينية، دون تحقيق الحد الأدنى من هامش المبيعات التي كانت قبل الثالث من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وهو تاريخ اندلاع "الهبة الشعبية".
ويرى تجار، أنه على الرغم من عدم اقتراب مواجهات بين الشبان الفلسطينيين، وقوات الاحتلال الإسرائيلية من مراكز المدن ولكن في محيطها، وحتى تراجعها مقارنة بالشهور الماضية، إلا أن حالة الخوف من المستقبل المجهول، تخيم على سلوك المستهلك.
يقول الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، إن سلوك المستهلك الطبيعي، يتجه نحو الادخار في حالة التوترات السياسية والأمنية، وهو ما حصل فعلاً منذ مطلع أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وأضاف للاقتصادي، "لا أحد يعلم متى تنتهي الأوضاع الحالية، وبالتالي فإن المستهلك يتجه للادخار، تحسباً لانهيار الأوضاع الأمنية، وتطور الهبة الشعبية إلى انتفاضة".
وتابع، "الأسواق الفلسطينية كانت تعاني أصلاً من تراجع في مؤشراتها، بسبب التبعات الاقتصادية التقليدية لوجود الاحتلال الإسرائيلي، لتدخل التوترات الأمنية، وتزيد من واقع الاقتصاد المحلي سوءاً".
وقدرت وزيرة الاقتصاد عبير عودة، في تصريحات لها الشهر الماضي، خسائر الفلسطينيين الاقتصادية من "الهبة الشعبية"، بنحو 5 مليار شيكل (1.275 مليار دولار أمريكي)، وتشكل نسبتها 14.1٪ من الناتج الإجمالي المحلي.
ويرى المتحدث باسم وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن، إن كافة القطاعات الاقتصادية تضررت بفعل "الهبة الشعبية"، خاصة في قطاع صناعة السياحة والقطاع التجاري.
وقال للاقتصادي "بدا واضحاً على أسواق الضفة الغربية بالتحديد، تراجع حركة متسوقي فلسطينيي الداخل القادمين من داخل الخط الأخضر، ما قلص من القوة الشرائية من أسواق الضفة الغربية".
وأضاف أن المرافق السياحية التي كانت تعج بفلسطينيي الداخل، أصبحت تعمل بربع طاقتها في الوقت الحالي، مع استمرار التوتر، الذي دفعهم إلى البقاء في مدنهم إلى حين استقرار الأوضاع على الأرض.
وأشار أن الهبة الشعبية ألقت بظلالها على أسواق العمل، "لأن تراجع القوة الشرائية يعني تراجع الانتاج والاستيراد، وهذا يدفع أرباب العمل للاستغناء عن موظفين أو عدم توسيع المنشأة".
ولم تكن أسواق الضفة الغربية، الوحيدة التي تأثرت بالأوضاع الحالية، التي انعكست أيضاً على الأسواق العربية في مدينة القدس، بسبب عمليات القتل والاستفزازات التي ينفذها الجنود والمستوطنون الإسرائيليون بحق السكان المقدسيين.
وعبر العديد من التجار المقدسيين، خلال لقاءات متفرقة معهم، عن استيائهم لحال التجارة المقدسية في الأسواق العربية للمدينة، منذ مطلع أكتوبر تشرين أول الماضي.
وقالوا للاقتصادي، إن حركة المستهلكين العرب والسياح الأجانب، تراجعت بشكل واضح في الأسواق العربية تخوفاً لأية عمليات إطلاق نار، "وهذا قلص من مبيعاتنا بنسبة 40٪، مقارنة مع أيام ما قبل الهبة الشعبية".
ويرى الباحث الاقتصادي المقدسي، محمد قرش، أن إسرائيل تحذر السياح الأجانب من التوجه إلى الأسواق العربية، حفاظاً على حياتهم، "بينما هدفها الرئيس التضييق على التجارة المقدسية".
وطالب المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، بالوقوف إلى جانب الأسواق العربية وتقديم الدعم المادي، لمساعدة التجار على الصمود أمام محاولات التهويد التي تنفذها إسرائيل بحقهم.