رام الله - الاقتصادي - رضخت أكبر شركة أمن في العالم "G4S" البريطانية، لضغوط حملة عالمية تشنها حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) منذ أكثر من أربع سنوات، ولا تزال، احتجاجاً على تورط الشركة في السجون الإسرائيلية وانتهاكات أخرى لحقوق الشعب الفلسطيني.
فقد قررت الشركة إنهاء كل عقودها الإسرائيلية "خلال 12-24 شهراً".
جاء إعلان الشركة في تقرير "نتائج نهاية العام" الذي نشر يوم الأربعاء الفائت. ووصفت صحيفة "فاينانشال تايمز" قرار الشركة بمثابة الانسحاب "من الأعمال المسيئة لسمعتها".
فمنذ عام 2010، خسرت G4S عقوداً تقدر بملايين الدولارات في عشرات الدول حول العالم استجابةً لنداء حركة مقاطعة إسرائيل BDS واستنكاراً لدور الشركة في سجون الاحتلال الاسرائيلية، حيث يتم تعذيب الأسرى الفلسطينيين وسجنهم دون محاكمة، وتنديداً بدورها في توفير الخدمات والمعدّات الأمنية لحواجز الاحتلال ومستعمراته ومركز تدريب للشرطة الإسرائيلية.
خسرت شركة G4S عقوداً واستثمارات هامة من شركات خاصة، وجامعات، واتحادات عمال، وهيئات الأمم المتحدة. حيث سحبت مؤسسة بيل غيتس، على سبيل المثال، استثماراتها والتي تقدر بـ 170 مليون دولا من شركة G4S بعد حملة ضغط مكثفة شهدت احتجاجات في سياتل، ولندن، وجوهانسبورغ.
وفي الأسابيع الأخيرة، انضمت منظمة يونيسيف (UNICEF) في الأردن وسلسلة مطاعم كبرى في كولومبيا إلى الجهات رفيعة المستوى التي أنهت عقودها مع G4S بعد حملات المقاطعة التي كشفت تواطؤ الشركة في الجرائم الإسرائيلية.
صرّح محمود النواجعة، المنسق العام للجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة اسرائيل، والتي تشكل أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني وتقود حركة المقاطعة BDS عالمياً: "كما في ذروة المقاطعة الدولية لنظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في جنوب أفريقيا، فإن ضغط حركة مقاطعة إسرائيل BDS، أدى إلى إدراك بعض أكبر الشركات في العالم أن تورطها في نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي يضر بسمعتها وأعمالها".
وأضاف: "إن مديري الصناديق الاستثمارية باتوا يدركون بشكل متزايد مسؤوليتهم الائتمانية التي تلزمهم بسحب استثماراتهم من البنوك الإسرائيلية والشركات العالمية المتورطة في انتهاكات إسرائيل الخطيرة لحقوق الإنسان، مثل G4S و HP، بسبب المخاطر الجدية المترتبة على مثل هذه الاستثمارات. وقد بدأنا نشهد 'تأثير الدومينو’ على هذا الصعيد."
في الأشهر الأخيرة فقط، انسحبت الشركتان الفرنسيتان، "فيوليا" و"أورانج "، وكذلك شركة CRH ، أكبر شركة لمواد البناء في أيرلندة، من السوق الإسرائيلية، بالأساس نتيجة ضغط حركة مقاطعة إسرائيل BDS.
في يناير 2016 تحديداً، وضع الصندوق الاستثماري للكنيسة الميثودية المتحدة، وهي من أكبر وأغنى الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة، خمسة بنوك إسرائيلية على "القائمة السوداء" بسبب تورطها في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تمويل المستعمرات الإسرائيلية.
علقت المحامية الفلسطينية سحر فرنسيس، مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان: "نرحب بقرار G4S الأخير، لكننا ندرك أنه لا يؤثر فوراً على أولئك الذين يواجهون الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان داخل السجون الإسرائيلية اليوم".
وأضافت: "في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بتصعيد اعتقالاتها الواسعة للناشطين والمناضلين الفلسطينيين كجزء من حملتها لقمع وترهيب المجتمع الفلسطيني، يجب على G4S أن تضع حداً فورياً لتورطها في نظام السجون الإسرائيلية، فضلاً عن مشاركتها في تأمين الحواجز العسكرية والمستعمرات الإسرائيلية، وجميعها غير شرعي بموجب القانون الدولي".
وقال محمود النواجعة: "نحن ممتنون لجميع النشطاء في أنحاء العالم الذين يدعمون نضال الشعب الفلسطيني ونحثهم على الاستمرار في حملة مقاطعة G4S. فالشركة سيئة السمعة معروفة بالتراجع عن تعهدات سابقة بإنهاء مشاركتها في جرائم إسرائيل، ولذلك ستبقى حملة مقاطعة G4S على رأس أولويات حركة مقاطعة إسرائيل BDS حتى تنسحب الشركة على أرض الواقع من مشاريع إسرائيل الاحتلالية والاستعمارية والعنصرية".
"نرحب أيضاً بنية G4S إنهاء تورطها في انتهاكات حقوق الإنسان في مراكز احتجاز الناشئة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والتي تشكل جزءاً من منظومة السجون الجماعية حيث تسود العنصرية البغيضة".
"من الولايات المتحدة إلى فلسطين، ومن جنوب أفريقيا إلى المملكة المتحدة، G4S متورطة بعمق في العنصرية الممارسة في منظومة السجون الجماعية المخصخصة ومراكز احتجاز المهاجرين. إننا مصرّون على الاستمرار في العمل الوثيق مع شركائنا حول العالم لمحاسبة G4S على دورها هذا في انتهاكات حقوق الإنسان".
أضاف النواجعة: "في الوقت الذي فشلت فيه إسرائيل في وقف النمو الهائل لحركة المقاطعة BDS التي تسعى لتحقيق الحرية والعدالة والعودة لشعبنا، تتزايد محاولاتها اليائسة مؤخراً لتشويه سمعة الحركة ونزع الشرعية عنها، بما في ذلك الضغط من أجل تمرير قوانين قمعية في أوروبا والولايات المتحدة بهدف إسكات المعارضة لسياساتها ونظامها وقمع حرية التعبير. نحن نؤمن بأن نهجنا الأخلاقي وقضيتنا العادلة هما اللذان سيسودان في النهاية، كما يثبت هذا الإعلان الأخير لشركة G4S".
ففي سبتمبر عام 2015، انسحبت شركة "فيوليا" من جميع مشاريعها الإسرائيلية، كنتيجة مباشرة لحملة استمرت 7 سنوات ضد دورها في مشاريع البنية التحتية للمستعمرات الإسرائيلية والتي أدت إلى خسارتها مناقصات حول العالم تقدر بأكثر من 20 مليار دولار.
وقبل أشهر اعترف رجل أعمال إسرائيلي مرموق، يتخذ من فرنسا مقراً له، في وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن تنامي قوة حركة المقاطعة BDS يؤدي إلى تَجنّب معظم الشركات الأوروبية الكبرى الاستثمار في الاقتصاد الإسرائيلي.
يُذكر أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الإسرائيلي قد هبط بنسبة 46% في عام 2014 مقارنة بعام 2013، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة، وتنسب إحدى معدات التقرير ذلك الانخفاض جزئياً للنمو الهائل لتأثير حركة مقاطعة إسرائيل BDS.
محطّات مميزة في مسيرة حملة مقاطعة G4S:
أعلنت شركة G4S في عام 2013 أنها ستنهي دورها في المستعمرات والحواجز العسكرية والسجون الإسرائيلية المقامة في الأرض المحتلة عام 1967 بحلول عام 2015 لكنها لم تنفذ تعهدها. وفي عام 2014، أعلنت الشركة أنها "لا تنوي تجديد العقد" الذي أبرمته مع مصلحة السجون الإسرائيلية عندما ينتهي في عام 2017.
مارس 2016 – أنهت منظمة يونيسف (UNICEF) في الأردن عقدها مع G4S بعد ضغوط حركة المقاطعة BDS. وكان مكتب المفوضية العليا للاجئين في الأردن قد أنهى بدوره عقده مع G4S في ديسمبر 2015.
نوفمبر 2015 – صوت مؤتمر حزب العمال في المملكة المتحدة لصالح إنهاء عقده الأمنيّ مع G4S.
أبريل 2015 – أكثر من 20 شركة في جنوب أفريقيا أنهت عقودها مع G4S، مما كلّف الشركة خسائر تقدّر بأكثر من 500،000$.
نوفمبر 2014 – أنهت بلدية مقاطعة دورهام في ولاية كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة الأمريكية، عقداً مع G4S بعد حملة قادتها منظمة "صوت يهودي من أجل السلام ".
مايو 2014 – سحبت مؤسسة بيل غيتس كل استثماراتها في شركة G4S، والمقدرة بـ 170 مليون دولار، بعد حملة ضغط دولية تضمنت التماساً من 100 منظمة عالمية ومظاهرات أمام مكاتب المؤسسة في كل من جوهانسبورغ ولندن وسياتل. كما أنهت الكنيسة الميثودية المتحدة استثمارها في G4S.
يناير 2014 – قرر مجلس الطلبة في جامعة كِنت في جنوب شرق إنجلترا إنهاء عقده مع شركة G4S بعد حملة ضغط صاخبة بسبب دور الشركة في انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين. وحذت عدة مجالس طلبة في الجامعات البريطانية حذو طلبة جامعة كنت. كما قررت كل من كلية كنغز في لندن وجامعة ساوثامبتون في وقت لاحق عدم تجديد عقودهما مع G4S بعد ضغوط الطلبة.
ديسمبر 2012 – نتيجة لحملة طلابية حيوية، قررت جامعة أوسلو (النرويج) إنهاء تعاقدها مع شركة G4S، مشيرة إلى أن الجامعة لا تريد أن "تدعم شركات تعمل في منطقة رمادية من الناحية الأخلاقية". واتخذت جامعات بيرغن (النرويج) وهلسنكي (فنلندا) في وقت لاحق خطوات مماثلة.
أبريل 2012 – عشية الإضراب التاريخي عن الطعام الذي شارك فيه أكثر من 2000 سجين سياسي فلسطيني، دعت 13 منظمة
تعنى بحقوق الإنسان والأسرى الفلسطينيين إلى حملة محاسبة عالمية ضد G4S