رام الله-الاقتصادي-وفاء الحج علي- المقاعد الدراسية الفارغة، والاعتصامات أمام مقرّات الحكومة، ستكون قريبًا أقل ما يقلق السلطة الفلسطينية، فاستمرار الأزمة التعليمية الحالية سيخلف ضررًا اقتصاديًا فادحًا يتطلب سنوات لإصلاحه أو حتى التخفيف من وطأته، حسب قول الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم.
عبد الكريم: "قرابة الـ40 ألف معلم يتقاضون رواتبهم رغم الإضراب"
ويوضح عبد الكريم أن هناك تداعيات اقتصادية خطيرة لإضراب المعلمين، الذي يشّل العملية التعليمية منذ قرابة الثلاثة أسابيع، مضيفًا أن هناك تأثيرات أخرى قد تظهر على المدى الطويل، إن استمر الحال على ما هو الآن.
ويوضح أن التداعيات المباشرة تتمثل في تكلفة تعطل العملية التعليمية، ويقول: "هذا بحد ذاته فيه خسارة في الإنتاجية، فتوقف حوالي 40 ألف معلم عن التدريس، يخلف فرصًا مفقودة، الأمر الذي يمثل هدرًا للوقت والمال، فهم سيتقاضون أجورهم أثناء تعطلهم عن العمل".
ويلفت عبد الكريم إلى أن هناك مئات الآلاف من الطلبة الذين يذهبون بالمعتاد صباحًا إلى دوامهم، ويعودون في ساعات الظهر، وعدم تواجدهم بالمدارس بالإضافة إلى الـ40 ألف مدرس، يعني بالتأكيد فقدان قطاعات اقتصادية مختلفة فرصًا كثيرة، ذاكرًا أن أكثر القطاعات تضررًا هي الحركة التجارية والمواصلات.
ويتابع: "لهذا العدد الكبير من الأشخاص قوة شرائية ضخمة ومستمرة، وتوقفهم عن الدوام في مدارسهم سيعني بالتأكيد تعطل هذه القوة الشرائية"، مستوضحًا بحالة المقاصف المدرسية، التي تم تضمينها أو إحالتها للقطاع الخاص، الذي ناله جزءًا من الضرر، مبينًا أنه لم يتبين بعد كيف سيتم تدارك هذه الخسائر التي لحقت بالمقاصف المدرسية، وتعويضها، من خلال إعادة النظر في سبل التعاقد بين أصحاب هذه المقاصف ووزارة التربية.
طلبة "التوجيهي" سيتأخرون في التحّول إلى قوة منتجة
أما في حال استمر إضراب المعلمين دون التوصل إلى اتفاق أو حل، سيؤدي إلى حدوث تداعيات أكثر جدية، لكن رغم خطورتها ما زالت هذه غير منظورة.
ويقول عبد الكريم أن هذه التداعيات قد تظهر لاحقًا، وهي تكمن في تأخر انعقاد امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي"، الأمر الذي سيفقد الكثير من الطلبة فرص الالتحاق في الجامعات، وهذا سيؤخر انضمامهم لسوق العمل وتحولهم إلى قوة منتجة.
تداعيات يمكن تجنبها
ويؤكد عبد الكريم أن هذه التداعيات ليست ذات قيمة في الوقت الحالين وأنها ما زالت غير ملحوظة وغير مرئية، موضحًا أن ما قد يجعلها أكثر خطورة هو تفاقم الأزمة القائمة.
ويضيف: "من الممكن تحمل هذه التداعيات حتى الآن، لكن الأهم من القلق حيالها هو محاولة الخروج بأقل الضرر وتجنب الأعباء الاقتصادية الناجمة عن إضراب المعلمين".
ودعا عبد الكريم إلى التساؤل حول ما إذا كانت الحكومة الفلسطينية قادرة على تحمل الأعباء الاقتصادية التي سيلحقها التوصل إلى اتفاق جديد مع المعلمين مرجحًا أن يكون الاتفاق رغم ثمنه الباهظ أفضل من استمرار الوضع الراهن.
الإضراب أرجع الاقتصاد الفلسطيني سنوات إلى الوراء
يرى عبد الكريم أنه من الصعب الحديث عن رقم محدد للخسائر التي خلفها إضراب المعلمين، وذلك لتقاطع العملية التربوية مع قطاعات اقتصادية أخرى، إلا أنه يرجح أن تكون هذه تقدّر بعشرات الملايين من الشواقل.
وعلى الصعيد نفسه، يؤكد عبد الكريم أن إضراب المعلمين ضاعف أزمة الاقتصاد الفلسطيني، وسيؤخر أي فرصة لتعافيه، مشدّدًا على ضرورة أن تصب الجهود في سبيل إنهاء الحالة القائمة.