لم يشأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يضع على نفسه ضغوطاً إضافية خلال قيادته للعدوان على قطاع غزة، خاصة تلك الاقتصادية المتعلقة بمسار أعمال وتجارة المستثمرين، بتهديده معاقبة كل من يسرب أرقاماً حول الخسائر الناجمة عن العملية أو صواريخ المقاومة.
إلا أن الخسائر الاقتصادية التي تتعرض لها إسرائيل منذ نحو أسبوعين، تفضح نفسها بنفسها، وكان آخرها عدم قدرة بورصة تل أبيب إخفاء التراجع في مؤشراتها وأسعار أسهمها، بإعلانها انخفاضاً حاداً في تعاملاتها خاصة مع بدء العملية البرية، اليوم الاثنين.
ورغم إعلان اقتصاديين صباح أمس أن خسائر البورصة تتجاوز 90 مليون دولار، إلا أن خسائر أكبر بانتظارها، خاصة مع إعلان كتائب القسام أسر جندي إسرائيلي، بل ستكون الخسارة أكبر إن كان الجندي على قيد الحياة.
ولم يكن حال التجارة والصناعة أفضل حالاً، خاصة في مناطق وسط وجنوب إسرائيل، التي أضحت هدفاً سهلاً لصواريخ المقاومة، فقد قال وزير المالية يائير لابيد نهاية الأسبوع الماضي، إن الحكومة على استعداد لتعويض التجار والمزارعين وأصثحاب المصانع في تلك المناطق، بسبب تضررها.
ومنذ 14 يوماً، لم تفتح المصانع والمتاجر وأسواق التجزئة أبوابها، فيما ظلت المزارع خاوية من العاملين، انتظاراً لأية تهدئة قادمة، ليتجمد الناتج المحلي الإجمالي في تلك المناطق لأسبوعين كاملين.
ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، يعمل في مناطق جنوب إسرائيل أكثر من 250 مصنعاً، وقرابة 500 مزرعة للخضار والفواكه، تجاورها مصانع تغليف وتعليب، ومزارع للثروة الحيوانية.
أما السياحة، فهي الخاسر الأكبر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث أوردت صحيفة هآرتس أمس الأحد، إن آلاف الحجوزات ألغيت من مكاتب السياحة والسفر والفنادق، لتخسر السياحة قرابة 40٪ من قوتها.
وفي بيان صادر عن جمعية فنادق إسرائيل، الأحد، فإن 500 مليون دولار خسائر متوقعة للقطاعات السياحية والمرافق في المدن الإسرائيلية، بسبب صواريخ المقاومة التي وصلت لما بعد تل أبيب.
ورغم انخفاض نسب النمو الاقتصادي في إسرائيل للربع الأول من العام الجاري إلى 2.1٪، مقارنة مع توقعات تفوق 3.5٪، فإن كتاب أعمدة إسرائيليين قالوا إن التراجع خلال الربع الثالث الجاري سيكون أكبر، يرافقه تراجع في حجم وقيمة الصادرات.
وبحسب أرقام صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي مؤخراً، فقد ارتفع العجز التجاري الإسرائيلي بسبب تراجع الصادرات، إلى 8.3 مليار دولار خلال النصف الأول، مقارنة مع 4.6 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من العام الماضي.
كما تراجعت التجارة الداخلية الإسرائيلية، بنسبة 40٪، خلال الأسبوعين الماضيين، خاصة في مناطق وسط وجنوب إسرائيل، حيث تراجعت عمليات الاستيراد والتصدير بين المدن الإسرائيلية، وفقاً لتقرير نشره موقع جلوبس الإسرائيلي.
وفي شأن متصل، توقع وزير المالية الإسرائيلي يائير لابيد، أن تؤدي العملية الجارية على غزة، إلى ارتفاع كبير في موازنة الأمن، خلال العام القادم، "مقدراً قيمة الزيادة بنحو 4 مليار شيكل.
وكانت وزارة الجيش الإسرائيلية، قد هددت الشهر الماضي، بوقف التدريبات والطلعات الجوية للجيش، بسبب عدم كفاية الموازنة المخصصة لهم، مطالبين برفعها، بنحو 2 مليار شيكل، الأمر الذي لاقى رفضاً من رئيس الحكومة الإسرآئيلي ووزير ماليته.
أما تكلفة الحرب على غزة، فقد أورد موقع جلوبس المختص في الاقتصاد الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، إن التكلفة الأولية لعملية "الجرف الصامد"، التي بدأتها إسرائيل تبلغ 8.5 مليار شيكل (2.4 مليار دولار أمريكي).
وأضاف الموقع، إن العملية التي بدأتها إسرائيل، ستكون شبيهة بعملية الرصاص المصبوب، التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة عام 2009، أي أن هنالك حملة مطولة، ستشمل دخولاً برياً للقوات الإسرائيلية.