“أنتجوا أفلامًا عن إسرائيل”، هكذا خاطب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عددًا من نجوم هوليوود الذين التقى بهم، وفي الواقع فإن هوليوود لم تكن في انتظار مثل هذا الطلب، فمنذ أكثر من 50 عامًا، أيقنت الصهيونية أهمية تحسين صورة “إسرائيل” من داخل أروقة شركة “هوليوود” للإنتاج الفني.
فقد عملت مباشرة بعد إعلان دولتهم أنها تكرس الأموال والخبرات الفنية والتقنية من أجل ضمان خدمة مصالحها على أيدي القوة الناعمة واسعة التأثير “السينما”، بل إن بعض الشخصيات “الهوليوودية” لم تكتفِ بأداء أدوار فنية لصالح “إسرائيل” وتحسين صورتها مقابل تشويه صورة العرب والفلسطينيين، حيث أخذت بعض تلك الشخصيات تجمع الأموال وتقوم بجولات مكوكية لصالح دولة الاحتلال.
كيف سخر اللوبي الصهيوني هوليوود لصالح كيانه؟
أدرك اللوبي الصهيوني مدى أهمية صناعة الأفلام السينمائية في خلق الدعاية المؤيدة لكيانه، والتأثير والتغيير في مواقف الرأي العام العالمي لصالحه، لذا بدأ العمل مبكرًا بعد إعلان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، فمع قدوم الستينيات وحرب عام 1967 بدأت حملة مساندة من قبل الكثيرين من نجوم “هوليوود” للكيان الإسرائيلي، وكان ذلك بالتزامن مع ازدياد سيطرة ما يعرف بـ”اللوبي الصهيوني” على زمام الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد “هوليوود” مصنع الأفلام السينمائية.
لقد بدأ الكثير من نجوم “هوليوود” وأبطال أفلامها يقدمون دعمهم للكيان الصهيوني، رُفع مستوى الإنتاج في حقبة الستينيات إلى أرقام خيالية في عدد من الأفلام الروائية والتسجيلية التي تخدم مصالح إسرائيلية، بعد ذلك بدأت السينما الإسرائيلية تتلمس طريقها وحدها دون أن يعني هذا الانفصال عن هوليوود، بل تعمقت العلاقة أكثر حين أصبحت علاقة شراكة، إذ سيطر رأس المال اليهودي على هوليوود، وأنتجت الأفلام المطلوبة لصالح “إسرائيل”.
وبعد حرب 1967 التي أدت إلى تشريد عدد كبير من الفلسطينيين، وقعت السينما بهوليوود في مأزق تراجع شعبيتها لدى الجمهور الغربي الذي شاهد صور فظائع اليهود في فلسطين؛ فعمدت إلى اتباع خط جديد متمثل في إظهار اليهود كضحايا “الإرهاب” العربي، وعملت على إظهار قدرات الجيش الإسرائيلي الأمنية وقدرته على ردع من يحاول المس بـ”إسرائيل”؛ حيث تم إنتاج فيلم “البرعم” عام 1975 الذي يقدم جهاز الموساد الإسرائيلي بصورة أسطورة لا تقهر.
واستطاعت السينما في هوليوود التكيف مع المتغيرات التي طرأت على أمزجة المشاهد، فتحولت من مرحلة الدعاية المباشرة إلى الدعاية المستترة، ولم تجد بالمقابل سينما عربية فاعلة ومؤثرة قادرة على مواجهتها، وكشف تزويرها للحقائق، وتحريفها للوقائع التاريخية؛ فاستمرت في إنتاج أفلام جديدة.
كل ذلك جعل عددًا من مشاهير الممثلين في هوليوود يتبنون المواقف الإسرائيلية حتى ولو لم يكونوا من أصول يهودية، ولعبت هوليوود دورًا خطيرًا في إنتاج أفلام تدعم دولة الاحتلال، وتتحدث عن اليهود ومعاناتهم مثل فيلم “شمشون ودليلة” الذي أخرجه سيسيل ديميل عام 1949، وفيلم “داوود وباتشيع” عام 1951، و”خفايا إيزابيل” عام 1953 وكلها ترمز إلى الشخصية اليهودية، كما أنتج فيلم “حائط المبكى” عام 1969، وفيلم “تحيا أورشليم” للناقد الفرنسي هنري شايبيه وتدور أحداثه في القدس، وتابعت هوليوود دعمها لإنتاج أفلام إسرائيلية، وكرست كل إمكاناتها لإنتاج أفلام وتسويقها إلى العالم.
وفي الآونة الأخيرة، يعتبر فيلم “لا تعبث مع زوهان” واحدًا من أبرز الأفلام التي كشفت حجم الانحياز الهوليوودي ضد الفلسطينيين، في هذا الفيلم جعل الحق الفلسطيني مسرحًا ليس لذلك النوع من الكوميديا فحسب، بل للانتحال والكذب والعنصرية، مقابل تصوير قدراته الخارقة والتي تصب في أسطورة المجند الإسرائيلي الذي لا يقهر.
أما في فيلم “ميونيخ” فقد صوّر العنف الإسرائيلي بأنه رد فعل على عنف فلسطيني مماثل، من غير التطرق بدقة وحيادية لقصة الصراع من بدايته، إذ لم يستعرض مشهدًا ولو واحدًا عن النكبة، وما تلا ذلك من نزوح وحصار وتدمير البنية التحتية وغير ذلك من الخسائر، وصور الفيلم الفلسطينيين بجماعة مارقة تتسلل من غير أي ذريعة قانونية أو إنسانية لتتهجم على الفريق الإسرائيلي، مقابل تصوير المجتمع الإسرائيلي بالمدني المتحضر.
ما هي الإغراءات التي قدمتها دولة الاحتلال الإسرائيلي لنجوم هوليوود هذا العام؟
سيجارة إلكترونية باهظة الثمن، وعمليات تجميل، وبرنامج لياقة بدنية في فيلا خاصة، هذه بعض من الهدايا التي مُنحت لنجوم مرشحين لنيل الأوسكار هذا العام، المانح هي الحكومة الاحتلال الإسرائيلي فضمن سياستها الرامية لتحسين صورتها، أنفقت قبل أيام 1.5 مليون دولار نظير رحلات مجانية لمجموعة من المخرجين والممثلين المرشحين لنيل جائزة أوسكار.
قسيمة الرحلة التي تستغرق 10 أيام، مدعومة بالكامل من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، وتقول المصادر الإسرائيلية إن هذه “أغلى هدية في حقيبة هدايا أوسكار التي يتم إهداؤها للمرشحين ومقدمي حفل توزيع الجوائز، وتمثل ربع قيمة حقيبة الجائزة تقريبًا، التي تبلغ قيمتها 200 ألف دولار”.
يقول وزير السياحة الإسرائيلي، ياريف ليفين إن “هؤلاء صفوة صناعة السينما في هوليوود، ولهم تأثير على الرأي العام، لذلك يسرنا أن نستضيفهم. سيكون لزيارتهم أثر كبير بين محبيهم ومتابعيهم، خاصة على الشبكات الاجتماعية”.
كيف يعمل المديرون التنفيذيون في هوليوود لاصطلاح الصورة العامة لدولة الاحتلال الإسرائيلي؟
واحد من أخطر الدلائل على عمل بعض المديرين التنفيذيين في هوليوود لإصلاح الصورة العامة لإسرائيل هو ما كشفه موقع “مينت برس” عن حقيقة رسائل البريد الإلكتروني الواردة في أرشيف ويكيليكس لتسريبات سوني، فقد كشفت تلك الوثائق أن “المديرين التنفيذيين في هوليوود يعملون من أجل إصلاح الصورة العامة لإسرائيل في أعقاب عملية الجرف الصامد ضد غزة الصيف الماضي”، ويظهر أرشيف سوني المتاح “تحيز هوليوود تجاه الصهيونية، ووجود اتجاه لدعم إسرائيل وسياستها الصهيونية العنيفة أثناء وبعد الهجوم على غزة”.
أما اختراقات المجموعة التي أطلقت على نفسها اسم “حراس السلام” فتكشف “أن أرشيف سوني يظهر فيه التحيز والتعصب الصهيوني في هوليوود، وتوضح هذه الوثائق مدى تواطؤ وحرص العاملين بها وعلى رأسهم إيمي بيث باسكال، رئيس مجموعة شركة سوني منذ عام 2006، على تحسين صورة اليهود”.
ولفت الموقع لقيام باسكال وحوالي 200 مدير تنفيذي في هوليوود ببذل الكثير من الجهود، بهدف “صناعة أعمال إبداعية يلقون فيها اللوم على حركة حماس الفلسطينية المسئولة عن قطاع غزة، ويتهمونها بالهجوم المدمر على إسرائيل”، كما يقول أحد صحفيي هوليوود في مقال صحفي نشر في أشهر المجلات الإسرائيلية يحمل عنوان “صهاينة هوليوود على قيد الحياة وفي صحة جيدة”.
ما الذي يدفع هوليوود إلى دعم دولة الاحتلال؟
في كتابه الشهير “العرب الأشرار في السينما”، يستعرض الدكتور جاك شاهين أكثر من 900 فيلم أمريكي ظهرت فيها شخصيات عربية. ليجد أن 12 فيلمًا منها فقط تقدم صورة إيجابية للعربي، و50 فيلمًا تقدم صورة متوازنة، في حين أن البقية، وهي الأغلبية، تقدم صورةً سلبيةً للعربي. ويؤكد الدكتور جاك شاهين في كتابه: “أن العرب يظهرون كأشخاص مخلفين وخطرين عبر العدسات المشوِهة لهوليوود، مقابل الصورة الطيبة عن إسرائيل واليهود”.
لكن لماذا يحدث ذلك؟ يكشف موقع “واللا” العبري أن النجوم اليهود في هوليوود يقومون بابتزاز بعض نجوم “هوليوود” الصاعدين؛ بحيث يتم دعمهم فنيًّا من قبل “اللوبي الصهيوني” مقابل مشاركتهم في الفعاليات التي تجريها الجمعيات والجهات الداعمة للاحتلال، فضلًا عن مقابلتهم لشخصيات إسرائيلية مشهورة كقادة عسكريين وسياسيين.
إذًا القضية في الأساس هي قضية سيطرة المال على صناعة السينما والسياسة أيضًا؛ حيث إن استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل يعود إلى أن “الكونجرس يعتمد بشكل كبير أحيانًا على التبرعات المالية للصهاينة المتطرفين”، ويضيف الدكتور إدمون غريب: “أن كثيرين من الصحفيين الأمريكيين ينقلون إلى عملهم اتجاهًا لا شعوريًّا باقتران إسرائيل بالفضيلة والعرب بالحقد وسوء النية، وكأن الصراع هو مجرد سيناريو لفيلم رعاة بقر بالغ البساطة يشتمل على (عناصر خير) و(عناصر شر)”.
ماذا فعل نجوم هوليوود لكسب ود الجماعات اليهودية؟
تصريحات عديدة لنجوم هوليوود تحمل في طياتها علاقة وطيدة تبرز مدى تغلغل الجماعات اليهودية في مراكز صناعة الأفلام والسينما العالمية، سعى الكثير من هؤلاء لخطب ود الصهيونية من خلال أدوارهم ونشاطاتهم.
فقد وقع هؤلاء في العدوان الأخير “الجرف الصامد” على عريضة لدعم “إسرائيل”، وشملت هذه العريضة أسماء لامعة مثل (أرنولد شوارزنيجر وسيلفستر ستالون)، جاء في هذه العريضة: “لا يمكن السماح لحماس بإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، ولا يمكن أن يسمح لها أن تحتفظ بشعبها رهينة، المستشفيات لتضميد الجراح، وليس لإخفاء الأسلحة. المدارس للتعليم، وليس لإطلاق الصواريخ”، بل لم يكتفِ هؤلاء بدعم الاحتلال بل عادوا أيضًا نجوم هوليوود الذين انتقدوا العدوان، واتهموهم بمعاداة السامية.
ويقوم هؤلاء بين وقت وآخر بجمع المال من أجل جيش الاحتلال، ففي حفل عشاء خيري أقيم مؤخرًا في هوليوود لتكريم الجنود الإسرائيليين، جمع نجوم هوليوود ومن أشهرهم باربرا سترايسند وأرنولد مبلغ 33.5 مليون دولار لدعم الجيش الإسرائيلي، وهو مبلغ قياسي.
وقالت في هذا الحفل إحدى الممثلات وتدعى باميلا أندرسون: “إسرائيل دولة سحرية، وهي من أحب الأماكن إلى قلبي، فهي مزيج من القديم والحديث”، ويكشف موقع “واللا” العبري عن وثائق سرية قام بتسريبها موقع “ويكيلكس” تثبت تورط نجوم أمريكيين من “هوليوود” في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حيث قام
بعض نجوم “هوليوود” من الأصل اليهودي بمطالبة شركات عالمية على غرار شركة سوني ببذل جهود مضنية في قضية الدعم المادي والمعنوي للاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة صيف العام 2014.
أرنون ميليتشان.. عرّاب «إسرائيل» في هوليوود
في كتاب “سري للغاية من إسرائيل” تُروى قصة منتج سينمائي أمريكي يهودي، من أصل إسرائيلي، لعب هذا المنتج العديدَ من الأدوار الإعلامية في خدمة “إسرائيل”، وهو على علاقة وثيقة بالرئيس الإسرائيلي السابق، شيمون بيريز.
إنه “أرنون ميليتشان” أحد أكبر المنتجين في صناعة السينما الأمريكية في هوليوود الذي جُند من أجل تغيير الصورة الذهنية للدولة العبرية وممارساتها في الغرب، ومن أشهر إنتاجه السينمائي، الفيلم الإسرائيلي “ديزنجوف 99″، و”امرأة جميلة”، و”محامي الشيطان”، و”السيد والسيدة سميث”، و”ملحمة المؤامرة”، وهي أفلام تخدم الرسالة الإعلامية الإسرائيلية داخل الولايات المتحدة والغرب وفقًا لمراقبين.
لقد تمكن ميليتشان من أن يؤسس أكثر من شركة عملت في هذا الإطار، ومن بينها “هيلي تريدينج”، و”ميليتشان براذرز”، يرجح أنه بعدها تلقى تمويلًا ضخمًا من الدولة العبرية، وقد أخذ ميليتشان العمل في أكثر من مسار، فكان له الكثير من الإنتاج في المجال المسرحي والسينمائي والتليفزيوني.
نقلا عن وطن للأنباء