تصاعدت أزمة نقص الدولار في مصر وأرتفع السعر في السوق غير الرسمية " السوداء" ليتخطى السعر الرسمي بفارق 120 قرشا، حيث بلغ بالسوق الموازية لـ 903 قرشا للدولار مقابل 783 قرشا في التعاملات الرسمية، وذلك وسط محاولات يجريها البنك المركزي للسيطرة على الأزمة في حين رجح محللون من أن يؤدى هذا الأمر لارتفاع الأسعار على العديد من السلع المستوردة.
وتعاني مصر من وجود سعرين لصرف العملات، فبجانب السعر الرسمي بالبنوك، يوجد سعر آخر بالسوق غير الرسمية، كما تظهر الأزمة دائما في أوقات نقص العملة.
وقام البنك المركزي في نهاية يناير الماضي، برفع حد الأقصى للإيداع النقدي الدولاري من 50 ألف دولار إلى 250 ألف دولار شهرياً، وبدون حد أقصى للإيداع اليومي، وزيادة الحد الأقصى للإيداع النقدي للشركات العاملة في مجال التصدير إلى مليون دولار.
فيما قررت عدد من البنوك المحلية وضع حد جديد للسحب النقدي عن التعامل بكروت الدفع خارج مصر، وذلك بعدما رصدت استخدام بعض الأفراد لتلك الكروت في عمليات الإتجار في السلع عند التعامل بها خارج البلاد، كما خفضت منح "الكاش" لعملائها عند السفر للخارج من 3 آلاف دولار إلى ألفين فقط.
واعتبر المحلل المالي إسلام عبدالعاطي، أن ارتفاع الدولار في السوق الموازية بمثابة أزمة على كافة المستويات حيث تعتمد مصر على الاستيراد أكثر من الانتاج المحلى، لاسيما ما يخص المواد البترولية، مرجحا أن تتأثر بعض السلع بذاتها وأخرى من ارتفاع الجمارك، إضافة لزيادة أسعار بعض السلع بالتبعية منها الطاقة والمواد الخام.
وأوضح عبدالعاطى، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن السوق الموازي يعبر بنسبة كبيرة عن السوق الرسمي، وهو ما ظهر في حسابات موازنة العام المالي المقبل 2016/2017 حيث تم تثبيت سعر الدولار الأمريكي عند 8.30 قرشا ما يعنى أن سعر الصرف الرسمي سينخفض مقابل الدولار.
أما من ناحية الاستثمار فإنه أوضح أن تخفيض العملة قد يكون أمرا جاذبا للاستثمار الأجنبي مقابل بعض السلبيات، حيث يتعامل المستثمر الأجنبي بالعملة المحلية، كما لا تفرض الحكومة قيود عليه بشأن التحويلات للخارج.
وشدد عبدالعاطي بأن تذبذب سعر الدولار قد يؤثر على توافرها بالأسواق، وذلك من ارتفاع السعر وبالتالي سحبه من السوق من جانب بعض المستثمرين للمضاربة والاستثمار بالعملة إضافة إلى مشكلات أخرى للمستوردين.
وأكد المحلل المالي رأفت عامر في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، على غموض السياسة النقدية، وهو ما يؤثر على سوق العملات بشكل عام، كما تحتاج مصر الى الية لتقليص الفارق بين السعرين الرسمي و الموازي.
وأوضح عامر الى أن القرار السابق للبنك المركزي برفع حد الايداع بالعملة الاجنبية لمليون دولار شهريا قد يدعم الانتاج والمصانع بتوفير الأموال للسلع الأجنبية غير أن صدور قرار بحظر التعامل بالدولار بالمواقع الاليكترونية عبر البنوك الوطنية على اعتبار أن القانون في بلد مصري يتيح البيع والشراء بالعملة المحلية ما يثير القلق في السوق من غموض السياسة النقدية.
وتولى طارق عامر، مهام عمله كمحافظ للبنك المركزي المصري يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خلفا لهشام رامز الذي شهدت فترة ولايته أزمة حادة في توفير الدولار فشل في تجاوزها.
وفور تولى عامر، عمل على توفير الدولار للشركات والمستوردين، وضخ بالسوق نحو مليار دولار، غير أنه أعطى الأولوية في توفير الدولار للمصانع لاستيراد احتياجاتها، كما قامت عدد من البنوك المحلية بطرح شهادات ادخار محلية بأعلى سعر عائد في السوق وصل إلى نسبة 12.5 في المائة، ونجحت في جمع نحو 100 مليار جنيه.
ونتيجة للإجراءات السابقة انخفض سعر الجنيه أمام الدولار بنحو 20 قرشا، وانهيار السوق السوداء، إلا أن الأزمة عادت مجددا مطلع الشهر الحالي، في إطار تقارير عن توقف بعض الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصري عن العمل، وهو ما قابلته الحكومة بسرعة إعلان نفيها توقف تلك المصانع، وسعيها نحو توفير الدولار.
ولم تساعد خطة الحكومة في الاقتراض من المؤسسات الدولية، في توفير العملة الصعبة خلال الفترة الماضية، ما دفع بعض البنوك المحلية إلى تعديل حدود "الكاش" المسموح به للأفراد عند السفر للخارج، وكذلك تقييد استخدامات بطاقات الدفع للسحب النقدي والمشتريات.
وحصلت مصر على قرض من بنك التنمية الصيني بقيمة مليار دولار، لتعزيز احتياطاتها من النقد الأجنبي، وبلغت مدة القرض 11 عاما، منها ثلاث سنوات سماح، وثمان سنوات للسداد بفوائد ميسرة.
كما تلقت مصر قرضا من البنكين الدولي والتنمية الإفريقي بقيمة 1.5 مليار دولار مطلع العام الجاري، كما حصلت على ودائع خلال العام الماضي من أربع دول عربية وهي السعودية والكويت والإمارات والبحرين بلغت قيمتها 6 مليارات دولار.
وارتفع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى 16.477 مليار دولار في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، مقارنة مع 16.445 مليار دولار في نهاية ديسمبر بارتفاع بلغ نحو 32 مليون دولار.
عن "CNN"