رام الله- الاقتصادي-وفاء الحج علي- إذا راقبت سلوكيات الناس في شوارعنا الفلسطينية قد لا تتعجب إن رأيت أطفالاً يتركون مخلفاتهم على مقاعد الحدائق، أو أشخاصا ناضجين يلقون سجائرهم على الطرقات، رغم وجود سلة مهملات على مقربة.
بات هذا أمرًا اعتياديًا لدى الكثيرين، بل يمارسه الناس دون وعي أو حتى تفكير بما قد ينتج عنه.
لماذا يلقي الناس النفايات على الأرض؟
ربى هاني لاحظت من خلال عملها في إحدى مدارس محافظة رام الله والبيرة، كأخصائية نفسية أن هذه الظاهرة، رغم انتشارها بشكل كبير، لم يصل الناس إلى إدراك واضح لخطورتها، مؤكدةً أن لها نتائج جدّية وخطرة على عدد من المستويات.
ليس هذا فقط، بل هناك العديد من العوامل النفسية والتربوية والاجتماعية التي تفاقم هذه الظاهرة، وتحفز هذا السلوك، كما تبين هاني.
وتوضح: "سيكولوجية هذه الظاهرة ترتبط بعدد من الأمور، فقد يشعر الشخص أنه عبر إلقاء النفايات على الأرض قد يوفر الوقت الذي كان سيتطلبه إلقاؤها في سلة المهملات، كما أنه سيوفر عليه جهد الوصول إلى المكان المخصص لإلقائها".
وتضيف: "قد يكون العامل الأكثر تأثيرًا هو ضغط الأنداد، فعندما يرى الشخص أن أفراد بيئته ومجتمعه يمارسون طقوسًا معينة، قد يشعر أنه عليه تبني هذه السلوكيات كي يشعر أنه مثل باقي أقرانه".
من الأسباب الأخرى التي قد تعزز هذه الظاهرة، حسب قول هاني: "هو شعور الإنسان بأنه غير مقدّر في بيئته، وبخاصة مع الظروف الحياتية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، من بطالة وفقر وانتشار للوساطة عند التوظيف، وغيرها من الأمور التي قد تشعر الشخص أن إنسانيته غير مقدّرة، ما يبعده عن أي عمل قد يساهم في إفادة مجتمعه أو مكان عيشه".
تربية أم ثقافة؟
تؤكد هاني أن "للتربية دور لا يمكن إغفاله في الحدّ من ظاهرة رمي النفايات بالطرقات والأماكن العامة، مبينةً أن هذه التربية تبدأ في البيت وتكمل في المدرسة، إلا أن التربية رغم تأثيرها الكبير، تبقى أقل ثقلاً من الثقافة السائدة في المجتمع، وأن التربية تحتاج إلى وقت كبير لكي تأتي أوكلها".
وتدعو هاني الآباء في البيوت والمعلمين في المدارس إلى تكريس مبدأ الحفاظ على نظافة البيئة المحيطة، ليس بالكلام فحسب، وإنما عبر السلوكيات على أرض الواقع، ذاكرةً أنه في كثير من الأحيان قد تقتصر التربية على الأقوال مع إغفال الأفعال، وأن الشيء الذي يترك الأثر الأكبر هو الفعل، فعندما يرى الطفل أباه يدعوه إلى المحافظة على نظافة بلده، فيما يلقي هو قمعة سيجارته على الأرض، فإن ما سيزرع في نفسه هو أن هذا السلوك مقبول رغم نهي الأب عنه بالكلمات.