كشف وزير المالية د. شكري بشارة أن قيمة ما خسرته الخزينة الفلسطينية من الفاقد في المقاصة مع اسرائيل طيلة الـ 20 سنة الماضية يتراوح ما بين 4.8 ـــ 7.2 مليار دولار، بمعدل شهري 20 ــ 30 مليونا، اضافة الى مصاريف بقيمة 1.680 مليار دولار يقتطعونها بغير وجه حق بمعدل شهري قدره 7 ملايين دولار كحد ادنى.
واكد بشارة ان اجمالي الخصميات الاسرائيلية من اموال المقاصة لهذا العام بلغت 1.550 مليار شيكل، تشكل الكهرباء لوحدها 1.026 مليارا، يليها العلاج الصحي في المستشفيات الاسرائيلية 239.5 مليون شيكل، والمياه 246 مليون شيكل، والمجاري 82.7 مليون شيكل.
وذكر د. بشارة، في ورشة العمل التي نظمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية (ماس) لمناقشة موازنة 2016 أن ايرادات المقاصة ازدادت في العام 2015 لتصل الى 8.005 مليار شيكل اي بزيادة نسبتها 8% وقدرها 30 مليون شيكل عن العام السابق، وتشكل 16.90% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي في الضفة. متوقعا أن تصل في العام الحالي الى 8.24 مليار شيكل وبزيادة نسبتها 2.9% عن العام الماضي.
الدعم الخارجي للموازنة 2015
واكد د. بشارة، ان الدعم الخارجي للموازنة شهد انخفاضا حادا العام الماضي 2015، اذ تقلص إلى 750 مليون دولار ويغطي 60% فقط من العجز الجاري، بينما كان في الفترة بين 2007-2012 يغطي قرابة 80% بحدود 1.2 مليار دولار، وكان هذا الدعم انخفض بمعدل 1 مليار دولار ما بين 2013-2014.
ويرى بشارة، بأن المستوى المثالي للدعم الخارجي للموازنة هو 1.2 مليار دولار، لكي تتمكن الحكومة الفلسطينية من الإسراع بإزالة العجز الجاري للموازنة في خلال مدة زمنية تتراوح بين 3 - 5 سنوات، وعلى فرضية أن جميع المعطيات والعوامل الأخرى تبقى مستقرة.
وأشار، الى ان مجموع الدعم المالي الخارجي لموازنة الحكومة الفلسطينية في العام الماضي بلغ 710.9 مليون دولار منها 330.5 مليون دولار اجمالي الدعم العربي وكانت السعودية اكثر الدول العربية التزاما حيث بلغ اجمالي ما قدمته 241.6 مليون دولار تليها الجزائر 52.8 مليونا، في حين ان الامارات العربية المتحدة وقطر والولايات المتحدة الامريكية والبنك الدولي لم تقدم مليما واحدا للموازنة.
وقال بشارة: "أما في حال كان حجم الدعم الخارجي للموازنة بمستوى مليار دولار، فإن هذا المستوى يمكننا من الإزالة التدريجية للعجز الجاري خلال فترة تتراوح من 5-7 سنوات، ولكن على المستوى الحالي من الدعم الخارجي للموازنة اي بحدود 705 مليون دولار فإنه لا يساعد في تحقيق نمط نمو ايجابي".
واكد بشاره، على استمرار الانخفاض في الدعم الخارجي للموازنة، حيث كان معدله خلال 2007 الى 2012 بحدود 1.2 مليار دولار وانخفض 200 مليونا بين عامي 2013/2014، وشهدا انخفاضا حادا في العام الماضي 2015 بحيث وصل الى 750 مليون دولار.
ويرى بشارة، ان مستوى الدعم المثالي يجب ان يكون بحدود 1.2 مليار دولار ما يساعد على تضييق العجز التشغيلي لمدة 3 ـــ 5 سنوات، واذا كان الدعم بحدود مليار دولار، فان بشارة يعتقد انه بمقدور الحكومة تسديد العجز في غضون 7 سنوات ان بقيت المعطيات الاخرى مستمرة كما هي، ولكن بوجود الدعم الحالي بقيمة 750 مليون دولار فإن ذلك كما يقول"لن يترك لنا مجالا اطلاقا للاستثمار والتطوير اكثر او ضخ سيولة في الاقتصاد والبنية التحتية وخلق فرص عمل ووظائف"، في حين دخل العائدات الضريبية تشكل تقريبا 70% من الايرادات وتغطي 53% من المصاريف التشغيلية شهريا.
وتابع بشارة قائلا: "مع هذه الخلفية استمرت الحكومة في جهدها المكثف للإرتقاء بأدائها المالي عبر 3 محاور متزامنة: تعظيم الإيرادات، السيطرة والترشيد في النفقات، والإسراع في الإصلاحات ذات الأولوية. ولذلك وبالرغم من تلك الخلفية غير المؤاتية فقد تمكنا من تحقيق معظم الأهداف المالية التي طرحت عام 2015، بما فيها الاستمرار في نمط تضييق العجز الجاري".
واكد بشارة، أن النمو الاقتصادي لسنة 2015 لم يتجاوز 1.5%، ولا يتيح نمط هذا النمو المجال لامتصاص أو تخفيض نسب البطالة ويجب أن تصل نسبة النمو في فلسطين إلى 7% ولكن مثل هذا النمو الاقتصادي لدينا لا يسمح بالتطوير وقد دفع نسب البطالة الى الارتفاع لتصل الى 27.4% في العام الماضي.
وبالنظر الى الاداء المالي قال بشارة "بلغ العجز الاجمالي 5.042 مليار شيكل، واجمالي الايرادات 11.312 مليار شيكل؛ وتشمل العائدات الضريبية من الجانب الاسرائيلي، والايرادات الضريبية المحلية وقد بلغت 2.322 مليار شيكل بنمو 8.10% عن العام السابق".
التضخم الوظيفي في القطاع العام
واكد بشارة، ان التضخم الوظيفي في القطاع العام يعالج تدريجيا، نتيجة لكلفة الرواتب التي تشكل حوالي 17% من الناتج القومي الاجمالي، (وتعتبر من أعلى المستويات العالمية، ولن يكون سهلا علاجها في ظل الظروف التي نعيشها، وبالنتيجة نجحنا بالمحافظة على نمو سالب حيث تناقص عدد الموظفين في القطاع العام الى 209 موظف).
وأشار بشارة الى تحويل مبلغ 120 مليون شيكل، بمعدل شهري 10 ملايين شيكل، لصالح هيئة التقاعد الفلسطينية، وقال (سنقوم بمضاعفة المبلغ في موازنة 2016، كما قمنا بتخفيض متأخرات القطاع الخاص بأكثر من 250 مليون دولار، واتعهد بتصفير متأخرات القطاع الخاص مع نهاية العام الحالي)، متوقعا أن تنخفض الرديات الضريبية لمستويات أدنى من مستويات عام 2015 حيث من المتوقع أن تسجل 441 مليون شيكل أي بانخفاض مقداره 24.8%، وذلك من خلال تحديد الدعم الشهري للبترول بمبلغ 20 مليون شيكل.
وذكر(يقتطع الاسرائيليون شهريا ما يقارب 40 مليون شيكل للطاقة التي يزودون بها قطاع غزة، ويسترجعون ديونهم على البلديات والهيئات المحلية وشركات التوزيع بحدود 35 مليون شيكل شهريا، (وفي الشهر الاخير اقتطعوا من مبلغ المقاصة 73 مليون شيكل بدل طاقة فقط. ومن أهداف السنة الحالية المعالجة الجذرية لتكاليف الطاقة مع اسرائيل لانها مدمرة ولا نقدر على استمرارها، وامتنعنا عن اللجوء الى الاقتراض من البنوك التجارية بما يزيد عن السقف المتاح وللمحافظة على صافي التمويل البنكي بحدود 160-170 مليون دولار).
الخطوط العريضة للسياسة المالية لعام 2016
واقر بشارة، بعدم واقعية أي فرضيات متحفظة تتبناها وزارة المالية تخص الأشهر القادمة التي ترجح احتمال استمرارية الأحداث السياسية والامنية كما هي حاليا خصوصا إن التطورات الميدانية تشير إلى عدم وضوح في الإتجاهين الإقتصادي والإجتماعي بشكل عام.
لذلك فقد قال (ان موازنة العام الحالي 2016 تتسم بتبني سياسات حريصة ويقظة وعلى جميع المحاور والتركيز على المضي قدما بشكل ملح في تنفيذ الجهد الاصلاحي، والحفاظ على سياسة الحد من التعيينات للمساهمة في ترشيد التضخم الوظيفي، والإستمرار في سياسة دعم الوقود (البترول والديزل) بحد لا يتجاوز0.5% من الناتج المحلي الإجمالي أو 5% من العجز التشغيلي أيهما أقل، وإعتماد مبدأ عدم تراكم أي متأخرات جديدة للقطاع الخاص لتمكين هذا القطاع من المساهمة الفاعلة في استدامة الإقتصاد الوطني، وترشيد آليات صرف الإعانات الإجتماعية والفحص المستمر لها).
إضافة الى ترشيد تكلفة عقود التشغيل تماشيا ووفقا لقرارات الحكومة، واستكمال معالجة وتصويب صافي الإقراض وخاصة في قطاع الطاقة، وترشيد التحويلات الطبية الداخلية أسوة بما تم إنجازه في التحويلات الطبية الخارجية، والإرتقاء بالجباية وتحسين سياسات التحصيل من خلال الإنتقال إلى المرحلة الثانية من إستراتيجية منظومة الإيرادات 2014 - 2016، وتعويض الإنخفاض المتحقق من إنخفاض شرائح ضريبة الدخل عبر الاستمرار في زيادة الوعاء الضريبي وإستراتيجية توسيع القاعدة الضريبية، والتطبيق التدريجي لتعديل الرسوم الحكومية المستوفاة على الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقال (ان السياسة المالية القادمة تقتضي تكثيف التعاون عبر الوزارات وبالأخص مع سلطة النقد لحثها على الإرتقاء بدورها لتحفيز نمو الإقتصاد الوطني وإعادة النظر في نسب الإحتياطي الحالية، والتي لا تتماشى مع الأوضاع الإقتصادية، وتكثيف التعاون والإتصال مع الدول المانحة، وفي حال عدم إمكانية زيادة الدعم الخارجي العمل على وضع آلية تسهيلات أو قروض لمواجهة الطوارئ، وعمل كل ما يمكن لتأمين استقرار ودقة سداد الرواتب والأجور، وتكثيف الجهود لمعالجة الملفات التجارية والمالية العالقة مع الجانب الإسرائيلي).
وشدد بشارة على أهمية العمل على (ترشيد الاعانات الاجتماعية والنفقات التحويلية والتي تبلغ 2.444 مليار شيكل موزعة على مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى 660 مليون شيكل، والشؤون الاجتماعية 767 مليون شيكل، وزارة التربية والتعليم العالي 120 مليونا، الصندوق القومي الفلسطيني 620 مليونا، وزارة الحكم المحلي 130 مليونا، سلطة الطاقة والموارد الطبيعية 55 مليونا، الإحتياطات المالية 55 مليونا، والمؤسسات غير الحكومية 12 مليونا).
زيادة 2.8% في اجمالي الايرادات الفعلية
وذكر مدير عام الموازنة في وزارة المالية، فريد غنام، ان اجمالي الايرادات الفعلية 11.312 مليار شيكل لعام 2015، ومن المتوقع أن تسجل زيادة مقدارها 2.8% عن العام السابق، ولكن اجمالي النفقات بلغت 14.895 مليار شيكل منها رواتب واجور 7.433 مليار شيكل والتي من المتوقع أن تصل الى 7.66 مليار شيكل في العام 2016، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 3.1% عن العام 2015، وذلك بسبب العلاوة السنوية البالغة 1.25% وعلاوة غلاء المعيشة البالغة 1.5%.
ويتوقع غنام، أن (يصل إجمالي النفقات وصافي الاقراض الى 15.2 مليار شيكل اي بزيادة نسبتها 2.1% فقط عن العام 2015، ومن المتوقع أن يصل صافي الإقراض لوحده الى 850 مليون شيكل في العام 2016، وهو ما يمثل إنخفاضا بنسبة 26.4% عن العام 2015، فيما بلغت النفقات التشغيلية والتحويلية والرأسمالية الصغيرة 6.308 مليار شيكل وبلغ صافي الاقراض 1.154 مليار شيكل).
واكد غنام، أن (العجز الجاري بلغ 4.170 مليار شيكل، والنفقات التطويرية 872 مليون شيكل، والعجز الاجمالي 5.042 مليار شيكل والفجوة التمويلية – 2.215 مليار شيكل).
الموازنة لا تمتلك أدوات للتأثير بطرق معاكسة للدورة الاقتصادية
ولكن د. عادل الزاغة، أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، يرى ان هذه الموازنة لا تمتلك ادوات للتأثير بطرق معاكسة للدورة الاقتصادية، ولا توفر أدوات كافية لحل مشاكل تتعلق بفشل السوق والتنسيق ولا تتخذ اجراءات لزيادة الادخار، وبالتالي الاستثمار بما يخلق محفزات للنمو الاقتصادي.
واكد انه على اهمية التقليص والترشيد، ولكن يجب الخشية من الانطباع الذي قد يولد لدى القطاع الخاص والجمهور بشكل عام من الدخول في حالة من التشاؤم وان حصلت سيكون لها انعكاسات سلبية.
وبين الزاغة، ان مؤشرات الموازنة تظهر معدلات ادخار قومي منخفضة جدا بسبب الادخار العام السلبي ونسب ادخار القطاع الخاص منخفضة، لذا تكبر الفجوة بين الادخار والاستثمار ويعود ذلك بشكل كبير الى القطاع العام، وهذا ستكون له انعكاسات سلبية على معدلات النمو الاقتصادي في المستقبل القريب والمتوسط.
ويعتقد الزاغة، انه من الاجدى البحث جديا في كيفية تحفيز معدلات الادخار، وان تبدا الحكومة بتحويل جزء من انفاقها الجاري الى انفاق استثماري لاجراء الصيانة اللازمة للبنية التحتية، لأن تاخير اعمال الصيانة اثبت انه اكثر تكلفة من الصيانة الدائمة.
واكد الزاغة، انه من الواضح وجود واقعية اكبر في تقدير المنح والمساعدات سواء لدعم الموازنة أو لتمويل النفقات التطويرية وقد تكون له اثار بعيدة المدى بالنسبة لاستعدادات المانحين بعدم تجاوز هذه التقديرات في المستقبل ومن جانب فهي محاولة اكبر في الاعتماد على الذات والتقليل من الاعتماد على المساعدات الخارجية.
ولكن هذا بحسب الزاغة (يتطلب جهد جبار لسد فجوة الموارد في كل من باب الايرادات وباب النفقات، فهناك محاولة لتجميد النفقات الجارية وصافي الاقراض عند حدود العام المنصرم ومحاولة لزيادة صافي الايرادات بحدود 5% عن العام الماضي مما سيساعد في تخفيض العجز الجاري ليصبح 8% في 2016 ولينخفض في العامين اللاحقين على التوالي الى 7.5% و 6.07% من الناتج المحلي الاجمالي).
وأضاف الزاغة (هناك ايضا محاولة لتقليص الاعتماد على التمويل بحوالي 17% عن العام المنصرم ما سيقلص مزاحمة القطاع الخاص على التمويل البنكي ولكن للاسف يجب الاشارة الى ان هذا النوع من التمويل إنما يخصص لتمويل الانفاق الجاري وليس لاغراض استثمارية).
توقعات ايجابية مبنية على ثقة يخشى ان لا تكون في محلها مع اسرائيل
وأشار الزاغة الى أن التبعية للاقتصاد الاسرائيلي تتجلى ولا يمكن تجاوزها في هذه الموازنة ولا في العديد من الموازنات القادمة، وايرادات المقاصة ستبقى تشكل تقريبا 70% من مجمل الايرادات، بينما الايرادات المحلية تراوح مكانها بنسة 30% من هذا الاجمالي، وهذا الامر يجعل المجال المتاح للسلطة الفلسطينية للاعتماد على الذات محدود، ولكن من جهة أخرى هناك توقع بأن تزداد ايرادات المقاصة بنسبة 7% عن العام المنصرم، (والتوقعات الايجابية هنا مبنية على ثقة أخشى أن لا تكون بمحلها في الجانب الاسرائيلي، ولكن نأمل نجاح التعاون المفترض).
أما بالنسبة للايرادات المحلية فيتوقع الزاغة أن تزيد بنسبة 6% على افتراض نجاح توسيع رقعة القاعدة الضريبية وتوحيد المكلفين وتحسين طرق جباية ضريبتي الدخل والقيمة المضافة، (فما يزال هناك الكثير الذي يجب فعله في مجال مكافحة التهرب الضريبي من جهة وتوسيع قاعدة المكلفين لدفع ضريبة الدخل وتحسين الادارة الضريبية، وما يزيد في الشك أن منبع هذه الزيادات في الايرادات المحلية هو الزيادة الاكثر على الايرادات الضريبية التي يتوقع ان تزيد تقريبا بنسبة تصل الى 22% عما كانت عليه).
ضبابية في مصادر الزيادة في الايرادات غير الضريبية
ويستنتج الزاغة، أن هذه ستكون المسؤولة عن الزيادات أكثر في الايرادات المحلية ولكن ليس واضحا مصادر الزيادة في هذه الايرادات غير الضريبية، متسائلا هل هناك فرض رسوم جديدة؟ هل سيتم زيادة الرسوم الموجودة ؟ أو هل سيتم شمل فئات أوسع في هذه الرسوم؟ أو أنه سيكون هناك خليط من الاجراءات في هذا المجال؟ هذا أمر غير واضح ويعاني من غموض.
ويتوقع الزاغة ان انخفاض الرديات الضريبية مرده الحفاظ على دعم المحروقات بمستوى أدنى بحدود 300 مليون شيكل سنويا، بانخفاض تقريبا 35% عما كان عليه في العام المنصرم، وهذا الأمر مبني اكثر على توقعات استمرار أسعار البترول في مستواه المتدني، (إن هذا الدعم يقدم للجميع ومن المثير أن الدعم الذي لا يستهدف الشرائح الأفقر في المجتمع هو دعم يميل أكثر لخدمة الشرائح الأكثر حظا في المجتمع).
تبني سياسات دعم هادفة لمساعدة الأقل حظا في المجتمع
وشدد الزاغة على أنه لا بد من التفكير جديا في تبني سياسات دعم هادفة لمساعدة الأقل حظا في المجتمع، بدلا من الدعم الشامل للجميع (ليس فقط في مجال الوقود ولكن ايضا في مجالات الكهرباء والماء. وبرأيه سيكون اقل تكلفة على الحكومة واكثر عدالة في الوقت نفسه الذي يعجز فيه النظام الضريبي من تحقيق العدالة بسبب عدم شموليته من جهة وكثرة الثقوب فيه وانكفائيته).
واثنى الزاغة، على تحدي زيادة رشاقة الجهاز الحكومي والادارة العامة -على حد وصفه- وقال (إنه أمر على مستوى كبير من الأهمية في وقت تحتل فيه مخصصات الأمن النسبة الأكبر في الاتفاق الجاري وتحتل فيه الرواتب جزءا هاما من هذا الانفاق ما يجعل الموازنة تفتقر الى عوامل القدرة على معاكسة الدورة الاقتصادية عند اللزوم وخصوصا أن النفقات التحويلية الاجتماعية تعامل كقيمة ثابتة تقدر بـ 700 مليون شيكل سنويا كما كان مستواها في العام المنصرم).
الموازنة تفتقر الى عوامل استقرار ذاتية فعالة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي
وقال الزاغة (تفتقر الموازنة الى عوامل استقرار ذاتية فعالة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهذا الأمر سيضع ضغوطا أكبر للجوء لموازنات الاحتياط ان وجدت، وكما تبين فإن موازنة الاحتياط هي 55 مليون شيكل، وبالتالي الاعتماد على موازنة الاحتياط لمواجهة عدم الاستقرار الاقتصادي هو أمر غير يقين).
زيادة الوعي بأهمية تسديد الفواتير لا ترتقي الى مواجهة ثقافة السرقة والاحتيال
وقال الزاغة، ان الطريقة المتبعة في تسديد فاتورة الكهرباء، تقلل من قدرة البلديات على القيام بالدعم التقاطعي لنفقاتها الأخرى خصوصا وان ايرادات ضريبة الاملاك لا تزال محدودة بسبب الاختلاف الواسع بين القيمة السوقية والقيم التخمينية التي يتم فرض ضريبة الاملاك عليها، ولكن من جهة اخرى يجب أن يشكل هذا الأمر ضغطا على البلديات لمعالجة تسعير خدماتها بطريقة أكثر اقتصادية، وينبغي علينا كذلك أن نشكك في أهمية اتباع زيادة الوعي بأهمية تسديد الفواتير لأنها لا يمكن أن تؤدي الغرض المطلوب وهي لا ترتقي الى مواجهة ثقافة السرقة والاحتيال.
وانتقد د. الزاغة، الموازنة لعدم احتوائها على مخصصات لتحقيق التعاون مع القطاع الخاص في تنمية مراكز صناعية أو تحسين بعضها القائم وقال (اذا ترك هذا الأمر للقطاع الخاص فلا يقوم به بسبب المنافع التي تتحقق للغير والتكلفة الباهظة له، ومع أن الحكومة تدعم هذا النوع من التعاون في المنتديات الفكرية إلا ان الممارسة ما تزال بعيدة عن النظرية).
كما انتقد الموازنة لعدم احتوائها ايضا على تنفيذ مبتكرات مشهود لها كضريبة الكربون في جانب الايرادات في مكافحة فشل السوق في قضايا تلوث البيئة والازدحام المروري وتترك هذه المسألة للمزيد من التدهور الذي لا تحمد عقباه وتتراجع ثقافة النقل العام ولا يتم البحث عن حلول لمراجعة ذلك بين المدن وداخل التجمعات السكنية.
ويرى الزاغة، أن الحكومة يجب أن تشجع من خلال مخصصات الانفاق التطويرية وبدون الدعم الأجنبي على تحقيق قفزة حقيقية في التعاون مع القطاع الخاص لتنمية المناطق الصناعية والزراعية وتحسين الطرق اليها. قائلا (آن الاوان لتدخلات في هذه الجوانب لضمان الاستدامة التي نبتغيها).
موازنات تعد بطريقة معزولة عن ما يجري في الاقتصاد
ويقول عبد الفتاح أبو الشكر، أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح (المتتبع الموازنات الفلسطينية منذ عام 94 لغاية الآن يجد أن هذه الموازنات يتم اعدادها بطريقة معزولة تماما عما يجري في الاقتصاد الفلسطيني، اذ يتم اجراؤها بطريقة محاسبية (حجم النفقات وتوقعات حول قيمة الايرادات وقيمة العجز وكيفية تخفيضه)، بينما المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني لا علاقة للموازنة بها).
مع أن الموازنة هي عبارة عن السياسة المالية للحكومة والتي يجب أن يكون لها أهداف اقتصادية، وبالنظر الى الموازنات التي تم اعدادها فإن أبو الشكر يؤكد ان المؤشرات الاقتصادية التي تصدر عن جهاز الإحصاء المركزي تظهر ارتفاع معدلات البطالة ونسبة الفقر باستمرار، ونمط توزيع الدخل يزداد بتفاوت.
ويشير أبو الشكر إلى أنه من المفترض (أن يكون للموازنة أهداف اقتصادية واضحة وسياسة مالية، وكل سنة لا نسمع عن تخفيض معدلات البطالة ونسبة الفقر، وهي المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني، فلا يوجد هناك أي رؤية للموازنة في كيفية انعاش الانعاش الاقتصادي الفلسطيني).
ضبابية في الرسوم التي ستتم جبايتها ومخاطرها الاجتماعية
أما المحاسب العام السابق يوسف الزمر، فيرى أنه وحسب المعيار الأساسي (يجب أن تكون فاتورة المقاصة ما بين السلطة واسرائيل مليار شيكل ولكن ما زال لدينا عجز بقيمة 200 مليون شيكل وبالعودة الى 2010 والى 2014 فإنه يوجد هناك تطور في هذا الاتجاه).
وبخصوص المتأخرات فقد قال (لدينا أمرين تم التحدث عنهما بطريقة غير دقيقة فالمتأخرات في موازنة 2015 تتحدث عن تسديد 1.170 مليار شيكل، وفي نفس الوقت نجد أن القيمة الكلية للمتأخرات 3 مليارات وهي تغطية الفجوة التمويلية).
ويضيف الزمر:(لدينا ايرادات ونفقات محدودة وفجوة تمويلية واضحة في كل سنة، فالفجوة التمويلية في حالة عجز تسديد كامل التمويل سواء منح او ايرادات بكل تأكيد سيتم تراكم المتأخرات).
وفيما يتعلق بطموح الايرادات في سنة 2016 قال الزمر:(لا يوجد توضيح للرسوم التي ستتم جبايتها ومخاطر الرسم تتمثل في المخاطر الاجتماعية على المجتمع نفسه، فان زدنا رسم التقاضي من المحتمل أن يقلع المواطنون عن اللجوء والاحتكام للقضاء والمحاكم، وان تمت زيادة رسم الحكم المحلي فسيدفع الناس الى عدم الترخيص، وان زدنا رسم الصحة فهذا يعني أن هناك طبقات مسحوقة ستعاني).
ويضيف الزمر:(بينما في المقابل علينا أن نستمر في الاصلاحات الضريبية وبالذات الايرادات الضريبية من الطرف الاسرائيلي، فما نزال نعاني من فاقد كبير، اتمنى ان ينصب الجهد باستمرار بهذا الاتجاه لتحصيل ما يمكن، وباعتقادي مهما وضعتم من رسوم لن يوازي أي شيء يتم تحصيله من المقاصد.
قلق من المؤشرات الاقتصادية
أما ابراهيم برهم، رئيس مجلس ادارة مركز التجارة الفلسطيني"بال تريد" فأعرب عن قلقه من المؤشرات الاقتصادية خلال السنوات الثلاث القادمة؛ من حيث نسبة النمو الاقتصادي والبطالة وضعف الاستثمار، كما أعرب عن قلقه من ارتباط الموازنة بالايرادات الضريبية منوها إلى أن موازنة 2016 تعتمد نفس النسب من حيث الإيرادات الضريبية (بينما تركيزها على المشاريع التطويرية قليل جدا، آخذا بالاعتبار عوامل ارتباطها بالتمويل الخارجي بنسب كبيرة، وان المبلغ المرصود قليل، ولا يمكن الاعتماد عليه لدفع العجلة الاقتصادية، والتقليل من نسبة البطالة).
مراجعة الممارسات اليومية لدوائر الضريبة
ودعا برهم، إلى مراجعة الممارسات اليومية لدوائر الضريبة حتى تبنى الثقة بين دوائر المالية والقطاع الخاص والتي تعاني الكثير من الغموض، كما طالب باعادة النظر في الأساليب المتبعة في محاربة التهرب الضريبي، وعدم الإجحاف بالقطاع الخاص الملتزم ضريبيا والذي ينبغي أن يحظى بالتسهيلات.
وطالب برهم بإعادة النظر أيضا في بعض السياسات المتعلقة بقطاع الكهرباء في غزة حتى لا نتكبد خسائر إضافية، وطالب بالضغط لحث التجار في قطاع غزة على تسليم بياناتهم المالية لدوائر وزارة المالية باعتباره مالا ضائعا.
دور الحكومة في التنمية الاقتصادية
وشدد برهم على أهمية تواصل القطاع الخاص مع الحكومة ووزارة المالية، فيما يتعلق بمستحقات القطاع الخاص، لا سيما وأن لهذه المستحقات أهمية قصوى بضخ السيولة، في الوقت الذي شدد فيه على أهمية أن يكون للحكومة دور في تفعيل التنمية الاقتصادية من حيث زيادة الاستثمار في الوطن وخاصة في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والخدمات، لإيجاد فرص عمل للشباب والخريجين، ولسد الفجوة الكبيرة في الميزان التجاري من حيث زيادة الصادرات وضرورة الاستثمار وتخصيص بعض الأموال للقطاعات الانتاجية في البحث عن أسواق للمنتجات الوطنية، وكذلك زيادة حصتها في السوق المحلي، وقال إن زيادة الانتاج المحلي سيؤثر بشكل كبير على العائدات الضريبية ورفع مستوى دخل الفرد.
عن "الحدث"