قبل عام تماماً، وفي السابع والثامن والتاسع من كانون الثاني من العام 2015، استقبل المُواطنين في فلسطين والدول المُجاورة عاصفة ثلجية باردة ومُمتدة زمنيا ً الى أكثر من 96 ساعة، انقسمت الى مراحل رطبة باردة، وباردة جداً، وترافقت بأمطار غزيرة، ورياح عاتية، وكانت التوقعات تُشير الى تساقط وتراكم الثلوج بشكل جيد، نجحت توقعات العاصفة في مُعظم عناصرها، لكنها لم تكن دقيقة في جزئية تراكم الثلوج، مع أن الثلوج تساقطت على مناطق لم تصلها منذ عشرات السنوات حيث كانت منخفضة وقريبة من الساحل وتراكمت لبضعة سنتيمترات في جبل الكرمل في حيفا، وتراكم لأكثر من 20 سم في الجبال العالية، لكن ذلك كان مُخيّبا ً للآمال حيث توقع الجمهور وصول التراكم الى نصف متر في القمم.
العاصفة "هُدى" هو الأسم الذي أُطلق على العاصفة باتفاق واسع على مستوى عدة دول، وترقّب المُتابعون أخبار العاصفة يوما ًبيوم وساعة بساعة قبل وصولها بأسبوع، وصدحت جميع الاذاعات، والفضائيات، ووكالات الأخبار بآخر توقعات العاصفة هدى، وتتبعها الجميع ميلاً ميلاً من مسقط رأسها في شمال أوروبا، لحين وصولها بحر الشام في المتوسط وتشكيل المنخفض الجوي العميق.
المحال التجارية ازدحمت بالمواطنين، الذين اندفعوا بشكل جنوني لشراء ما يخطر ببالكم وما لم يخطر، حيث كان للعاصفة إليكسا في العام الذي سبقها أثر كبير، حينها تركت اليكسا اكثر من متر من الثلوج في الجبال، واُغلقت الطرقات لفترات طويلة نسبياً وسببت شلل في الحياة العامة، لذلك كان في عقول الناس صورة ضمنية وتوقع بأن تكون هدى الناعمة خشنة التأثير في النهاية، فجهّزوا لها كأنما حالة طوارئ طويلة الامد ستسود البلاد.
هدى اسم ٌناعم، لعاصفة عاتية، أمطارها شملت البحر الاسود شمالاً، وصولاً الى السعودية جنوباً، مروراً بقبرص وسوريا ولبنان وفلسطين والاردن ومصر وشرق اليونان، وعلى الرغم من خيبة امل محبي الثلوج بالكميات الثلجية الهاطلة، إلّا أن التسجيلات المُناخية الخاصة بهذه العاصفة تُميزها بأنها من الطراز الرفيع، حيث وصلت الامطار التراكمية خلال فترة تأثير المنخفض الى 140 ملم في القدس، وأكثر من 200 في سواحل الشمال في خمسة ايام، وهبطت الحرارة في جبال الخليل الى ثلاثة درجات تحت الصفر قُبيل انحسار العاصفة بيومين، لكن هذه الحرارة المنخفضة تزامنت مع ضعف الجبهة الهوائية، وبالتالي لم تستفد المناطق المنخفضة من تهيئ ظروف تساقط الثلوج لأنه الهطولات كانت معدومة، واشتدت الامطار في اليوم التالي، بالتزامن مع انسحاب البرودة التي تساعد على تساقط الثلوج، فهطلت الامطار الغزيرة.
ووصلت سرعة بعض هبات الرياح المُسجلة في محطات شمال ووسط البلاد حينها الى أكثر من 80 كم/ ساعة.
نقلا عن "طقس الوطن"