قال نائب رئيس سلطة الطاقة في غزة، فتحي الشيخ خليل، في مقابلة مع "العربي الجديد"، إنّ أزمة الكهرباء سياسية وتهدف إلى تشديد الحصار على القطاع، مشيرا إلى حاجة غزة إلى 500 ميغاواط لحل هذه الأزمة بشكل جذري.. نص المقابلة:
ـ يواجه قطاع غزة أزمة متواصلة في الكهرباء خلال السنوات الأخيرة فلماذا لم يتم وضع حلول جذرية لها؟
نقص كميات الوقود اللازمة لإنتاج الكهرباء هو الأزمة الكبرى، فكميات الوقود لا تتوافق مع الاحتياج اليومي، لذلك يوجد عجز في الطاقة التي يحتاجها القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عشر سنوات، فضلاً عن حالة الانقسام الفلسطيني التي تلقي بظلالها على إنهاء أزمة الكهرباء، التي تعتبر أحد أبرز المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطن الغزي.
ـ ما هي مصادر الطاقة التي توفر التيار الكهربائي لغزة خلال السنوات الأخيرة؟ وكم يقدر حجم العجز؟
يوجد في قطاع غزة ثلاثة مصادر توفر الطاقة الكهربائية تتمثل في الخطوط الإسرائيلية التي توفر نحو 120 ميغاواط، بالإضافة إلى الخطوط المصرية، التي تزود مدينتي رفح وبعض أجزاء من خانيونس جنوب القطاع بالتيار الكهربائي والتي لا تزيد عن 35 ميغاواط، إلى جانب 60 ميغاواط تنتجها محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة
وهذه المصادر المتنوعة لا توفر الطاقة إلا لنحو 8 ساعات، حيث لا يتوفر للقطاع حاليا سوى نحو 200 ميغاواط من أصل 500 ميغاواط يحتاجها القطاع.
ـ لماذا لا تعمل محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة بكامل قدرتها التشغيلية ؟
تعاني سلطة الطاقة في غزة بشكل يومي من أزمة نقص السولار وعدم سماح الاحتلال الإسرائيلي بوصول 600 ألف لتر من الوقود اللازم لتشغيل 4 مولدات في محطة توليد الكهرباء، الأمر الذي يؤدي إلى تشغيل مولدين فقط وإحداث إرباك في جدول توزيع التيار الكهربائي، فضلاً عن عدم وفاء الهيئة العامة للبترول التابعة لوزارة المالية بإرسال الكميات المطلوبة للقطاع وكذلك الضرائب التي تفرضها السلطة الفلسطينية على الوقود المورد للقطاع، والذي يفوق ضعف الثمن الحقيقي للوقود.
ـ لكن جرى الحديث عن مشروع لإنشاء محطة تعمل بالطاقة الشمسية وهو ما يتفادى أزمة الوقود في إنتاج الكهرباء؟
بالفعل، غير أن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، ومنع إدخال المعدات وقطع الغيار اللازمة تسبب في تعطيل المشروع خلال الشهور الماضية، وعدم قدرة الشركة الأميركية المستثمرة في البدء بشكل عملي فيه، إلا أن العام الجديد سيشهد حراكاً جدياً في الملف بعد نجاح المستثمرين في تخطي هذه العقبات.
من المتوقع أن يوفر المشروع بعد انتهاء جميع مراحله ما بين 250 و300 ميغاواط ستسهم في تحسين واقع التيار الكهربائي بشكل كبير في غزة.
ـ تحدثت عن أن الانقسام الفلسطيني جزء من أزمة الكهرباء؟
ملف الكهرباء مرتبط بالحصار والأزمات السياسية الداخلية المتمثلة في الانقسام الذي يعتبر حجر عثرة أمام إنهاء هذا الملف الذي تهدف العديد من الأطراف للضغط على الغزيين من خلاله.
ـ وماذا عن دور اللجنة التي تشكلت من الفصائل الفلسطينية لتجاوز أزمات القطاع؟
أسهم الانقسام الفلسطيني في حالة من عدم الثقة والتشكيك في إدارة ملف الكهرباء من قبل حكومة التوافق والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي دفع باتجاه تشكيل لجنة فصائلية تعمل على تقريب وجهات النظر والتنسيق بين المؤسسات المسؤولة بغزة عن ملف الكهرباء وبين السلطة الفلسطينية ورفع التقارير بالشكل الصحيح وممارسة الفصائل لدورها الوطني لحل أزمة الكهرباء التي تعتبر إحدى أبرز المشكلات اليومية التي يعاني منها سكان القطاع منذ عام 2006.
وتمكنت في عدة مرات هذه اللجنة من الاتفاق على إزالة ما يعرف بـ"ضريبة البلو" التي تفرضها السلطة على السولار المورد لمحطة توليد الكهرباء والذي يتجاوز ضعف قيمة السولار بشكل كلي.
ـ وهل أبلغتكم حكومة التوافق بإنهاء فرض هذه الضريبة بشكل كلي خلال عام 2016؟
بحسب ما أبلغنا به من قبل الفصائل الفلسطينية، فإنه لا نية لدى الحكومة لإعفاء غزة بشكل كلي خلال عام 2016 من ضريبة "البلو" واقتصاره على إعفاء جزئي بالرغم من كل الإجراءات التي نقوم بها لتحسين الجباية المالية، وعدم رفع الضريبة في ظل عدم بدء مشروع خط الغاز ومشروع الربط الكهربائي مع الخطوط الإسرائيلية ستبقى الأزمة وستتعقد بشكل أكبر وستفشل كل جهود حل الأزمة.
ـ بخلاف الضريبة، البعض يتحدث عن خلافات بينكم وبين الهيئة العامة للبترول في رام الله بشأن كميات الوقود اللازم لتوليد كهرباء غزة؟
الهيئة العامة للبترول هي جهة تنفيذية تقوم بتنفيذ القرارات التي تصدرها وزارة المالية، التي تعمل على عرقلة تنفيذ قرار إعفاء كهرباء غزة من ضريبة "البلو" عدة مرات وتتحكم في كميات الوقود التي تصل للقطاع، ووزارة المالية في رام الله غير منسجمة مع قرارات مجلس الوزراء والتي تأخذ بالحسبان إعفاء وقود غزة من الضرائب وتعمل بشكل دائم على إعاقة هذه القرارات ويتعاملون مع غزة على أساس تجاري واستثماري واضح.
ـ وما هو مصير مشروع إنشاء خط الغاز لمد محطة توليد الكهرباء؟
تم إبلاغنا بشكل رسمي من قبل حكومة التوافق بوجود موافقة إسرائيلية واضحة وصريحة على تزويد محطة الكهرباء بخط غاز لتشغيل المحطة، وهناك سلسلة من الإجراءات الفنية تتمثل في مسارات الخطوط والمنطقة، التي سيجري تنفيذ المشروع بها، لكن يبقى مصير نجاح المشروع رهناً بتوسعة محطة التوليد لزيادة تأثيره وتحسين كميات الكهرباء المنتجة، أما في الواقع الحالي فتأثيره سيبقى محدودا للغاية ولن يؤدي إلى تحسن ملحوظ في كميات الكهرباء المنتجة.
ـ لماذا لا يوجد أي استثمارات من خلال رؤوس الأموال أو بعض الدول في مجالات الطاقة الكهربائية في غزة؟
كان الاحتلال الإسرائيلي وما زال المعطل الرئيسي للاستثمار في مجالات الطاقة بفعل القيود المفروضة اقتصادياً على القطاع والسعي لافتعال الأزمات وفرض حظر على شركة الكهرباء الحالية من أجل إدخال معدات لإصلاح الخطوط التالفة، فضلاً عن أن السلطة الفلسطينية غير معنية بإيجاد فرص استثمار حقيقية لعمل محطة جديدة في ظل واقع الانقسام.
ـ إلى أين وصل مشروع إدخال غزة على مشروع الربط الكهربائي مع الخطوط الإسرائيلية؟
هناك موافقة إسرائيلية كاملة على المشروع والأمر يحتاج أن يتم تقديم طلب من قبل الحكومة الفلسطينية والرئيس محمود عباس للبدء بخطوات التنفيذ العملية، مع العلم أن هناك تمويلا مرصودا للعام 2016 من قبل البنك الإسلامي للتنمية والبنك الدولي بقيمة 25 مليون دولار لصالح تنفيذ المشروع، بالإضافة إلى أن العديد من الجهات والدول المانحة على استعداد كامل لتغطية المشروع إذا جرى البدء فيه من قبل الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية.
أما عن المعوقات فهناك اشتراط من قبل حكومة التوافق بوجود ضمانات حقيقية لجباية قوية في قطاع غزة لدفع فاتورة الخط الإسرائيلي وتطويرها لتشمل دفع فاتورة الكهرباء الحالية القادمة من إسرائيل، في ظل عدم وجود رغبة من قبل حكومة التوافق بتحمل أي أعباء مالية عن الكهرباء التي يحصل عليها قطاع غزة.
ـ ما هو حجم الأضرار الذي لحق بقطاع الكهرباء والطاقة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة؟
يقدر حجم الخسائر المباشرة الناتجة عن الاستهداف الإسرائيلي بنحو 14 مليون دولار، فضلاً عن استهداف الاحتلال لحزانات الوقود وبعض المرافق الخاصة بمحطة توليد الكهرباء، والتي تعتبر قطاعاً منفصلاً عن سلطة الطاقة وهي قطاع استثماري فقط والعلاقة معهم قائمة على أساس شراء التيار الكهربائي بين شركة التوليد والحكومة الفلسطينية متمثلة في سلطة الطاقة بغزة.
ـ تحدثت عن أسباب تتعلق بنقص الوقود والاستهداف الإسرائيلي لمحطة الكهرباء، لكن البعض في الشارع الفلسطيني يقول إن هناك فساداً مالياً داخل أروقة الشركة القائمة على محطة كهرباء غزة فما ردك؟
اتفاقية التشغيل الخاصة بمحطة غزة تختلف عن باقي شركات العالم، حيث تضمنت مسؤولية الحكومة عن توفير الوقود اللازم للمحطة، والشركة تبقى تحصل رسوماً مالية سواء عملت أم لم تعمل، وهذه نقطة تحتاج إلى مراجعة، ولا بد من مراجعة شاملة لاتفاقية التشغيل الخاصة بشركة توليد الكهرباء.
ـ شهدت الآونة الأخيرة زيادة في الرسوم المحصلة من موظفي غزة التابعين للسلطة الفلسطينية فماذا عنها؟
أدى تراكم الديون بشكل كبير على موظفي السلطة في غزة إلى قيام وزارة المالية في رام الله بخصم مبلغ 170 شيكلاً (الدولار 3.88 شيكل) شهرياً، قبل عدة سنوات دون النظر إلى كمية الاستهلاك الشهري الخاصة بالموظف، والتي تتجاوز هذه المبالغ، ما أدى للتوافق مع الحكومة الفلسطينية مؤخراً على زيادة الخصومات المالية لتشمل إجمالي الفاتورة بما لا يزيد عن مبلغ 500 شيكلاً شهرياً.
وهذه الاستقطاعات من أجل تحسين عملية الجباية وزيادة كميات الوقود المرسلة لمحطة توليد الكهرباء بغزة والعمل على توفير بدائل جديدة لتحسين مصادر الطاقة الموجودة.
نقلا عن العربي الجديد