رام الله-الاقتصادي- سيراء سرحان-هل فكرت يوماً بامتلاك منزل أو مكتب تجاري أو محل؟ ستقول: نعم فكرت، لكن، هل تعلم أن تكلفة متر مربع واحد سيجعلك تعيد التفكير مرة بعد مرة؟ أو لربما فعلاً كنت تعلم وأعدت النظر في ذلك، لأن المبلغ الذي ادّخرته لسنوات لا يكفي لتملّك عشرين متراً فقط، وهذا لا يكفي لمشروعك أو سكنك، ونحن هنا لا نتحدث عن أصحاب رؤوس الأموال، بل عن موظفين لا يملكون سوى راتب في آخر كل شهر، فمن أين سيتملّكون؟
رام الله العاصمة الاقتصادية كما يعتبرها البعض، زادت باقتران هذه الصفة لها وطأة سلبية على المواطنين، لتزيد العبء عليهم، فالحياة فيها تزيد غلاءً يوماً بعد يوم بشكل لا يطاق، فمن يسكن هذه المدينة ويتنقّل بينها وبين مدينة أخرى يلاحظ الفرق الكبير في الأسعار، لتصل أحياناً فرقاً خيالياً لا يمكن تصديقه، هذا فيما يتعلق بسلع يومية، فكيف هو الحال في أسعار العقارات؟
في حديثنا مع مجموعة من وسطاء ومالكي العقارات في هذه المدينة، أجمعوا على أن المشكلة ليست بطمعهم أو رفع أسعارهم كما يحلو لهم، وفقاً لوصف البعض ممن يحاول امتلاك بيت للسكن أو مكتب للعمل، بل تركيز الاقتصاد الفلسطيني من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية في مدينة واحدة، الأمر الذي يجعل من هذه المدينة عالمية بأسعارها، فالموظف القادم من الجنوب أو الشمال، سيسعى للتملك في المدينة كحلّ للإرهاق المادي والجسدي بالتنقل يومياً من مسقط رأسه إلى مكان عمله.
رئيس اتحاد المطورين في القطاع العقاري نزار الريماوي، أكّد أن ركوداً حلّ في العقارات بمدينة رام الله، مشيراً إلى أن أهم أسباب هذا الركود هو الوضع السياسي والاقتصادي، واصفاً إيّاهما بالقاسيين والسيئين للغاية.
وقال: "أسعار المكاتب والشقق مرتفعة جداً، يعود ذلك لارتفاع أسعار الأراضي في مدينة رام الله بالتحديد، حيث أعلن عنها الأعلى سعراً في الشرق الأوسط وفقاً لتقرير أصدره البنك الدولي".
وفيما يتعلق بالعلاقة بين سعر الأرض والعقار التجاري أو السكني، أضاف الريماوي: "ينعكس ارتفاع الأراضي على أسعار العقارات، فالأرض تشكّل نسبة كبيرة من قيمته، ليتراوح سعر المتر المربع للعقار التجاري سنوياً 50 دولاراً – 100 دولار في حال الإيجار، ويصل إلى ما يتراوح 500 دولار فما أكثر للبيع، وفقاً للموقع والمواصفات واختلافها، وهذه المحددات تنطبق على المتر المربع للعقار السكني حيث يصل سعره في حال الإيجار إلى 35 دولاراً، و500 دولار فما أكثر للبيع.".
أحد المواطنين حذّر من التسهيلات البنكية، لما لها من خطورة حاضراً ومستقبلاً، وحين سألته عن السبب، قال لي: " أصبح المواطن أكثر اتكالاً على البنك، فلم يعُد مفهوم "على قد لحافك مد رجليك" مستساغاً عند الكثير، فيتوجه الفرد فينا إلى أقرب بنك ليأخذ قرضاً ويشتري منزل أحلامه، ليصبح مديناً لهذا البنك لسنوات عديدة تقيّده نفسياً قبل أن تؤثر عليه مادياً."
ويضيف: "لو أن هذه التسهيلات غير موجودة، لقلّ الطلب على العقارات وحاول حينها أصحابها التقليل من أسعارها حتى لا تبقى بلا مشترٍ أو مستأجر".
اختلاف في الآراء فيما يتعلق بإيجاد حل جذري لهذا الارتفاع الهائل في الأسعار، فنرى محللاً اقتصادياً ينصح بضرورة إيجاد وساطة مع البنوك للتقليل من الفائدة على المواطنين، ونرى مواطناً يصر على أن المهم في هذا الأمر هو إيجاد حل لارتفاع أسعار الأراضي، بذلك يقل سعر العقار بعيداً عن تذبذبات أسعار مواد البناء، لكن في ظل هذه الحلول المقترحة، هل يمكن تطبيقها يوماً ما، مع العلم أن الأيام التي تأتي لا تجلب معها سوى المبالغة الإضافية بارتفاع الأسعار؟