رام الله-الاقتصادي- وفاء الحج علي- يوصف هواؤها بأنه شقيق ماء النيل، فهو كنيل مصر، ما إن جربته حتى تعود له مجبرًا مشتاقًا... هواء رام الله والبيرة، أو تلة الله المرتفعة كما أطلق عليها في بداياتها.
رام الله والبيرة ، أدتا واجب العاصمة عندما احتُلت عاصمتنا، ترفضا أن تكون أكثر من مركز حراك سياسي واجتماعي واقتصادي مؤقت للدولة الفلسطينية. فتلك المدينتان العريقتان جمّعت الفلسطينيين من كل بقاع الوطن، واحتضنتهم في 19 ألف كيلومتر مربع، وزيّنتهم بكل اللهجات الفلسطينية، لتصبحا نموذج الحياة العصرية الفلسطينية.
بكل ثقة تقول أم شادي (90 عامًا)، التي ولدت وترعرت في مدينة رام الله، أن "المدينة في عينها تشبه العروس الحسناء، ما إن اشتم الشخص عليلها حتى بات مجبرًا على الرجوع إليها"؛ لكن ما سرّ جاذبية مدينتا رام الله والبيرة ؟
أولا: قبلة للسياح الأجانب:
رام الله، تصفها أم شادي هي "مدينة شقراء ذات أرجل خضراء"، ما يعني أنها مدينة باتت تشهد إقبال السياح الأجانب إليها، وتعد المدينة الثانية بعد بيت لحم من حيث انتشار المرافق السياحية كالمطعام والفنادق.
ثانيا: مصدر للرزق والمال:
تمثل المدينة قبلة للباحثين عن العمل من كل مناطق الضفة الغربية، كون أن معظم المؤسسات العامة والخاصة والأهلية تنتشر فيها، كما أنها باتت مركزا لرجال الأعمال في فلسطين الراغبين في إنشاء مشاريع تجارية واستثمارية.
ثالثا: مركز حكم للسلطة الفلسطينية:
تمكنت المدينة من النهوض بعد أن أوقعها الاحتلال مرات عديدة، وباتت للمدينة مكانة سياسية جعلتها من أهم المدن الفلسطينية؛ فهي تحتضن مقر الرئاسة (المقاطعة)، ومقر رئيس الوزراء، ورئاسة الوزراء، والمجلس التشريعي الفلسطيني، ومجمع الوزارات، والمقرات العامة الرئيسية لأجهزة الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية، بالإضافة إلى معظم مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها، والوزارات.
رابعا: تجمع للمؤسسات الدولية والسفارات:
تحتضن رام الله أيضًا الممثليات والقنصليات والسفارات العاملة لدى دولة فلسطين أو السلطة الفلسطينية، ومكاتب مؤسسات الأمم المتحدة، والكثير من المؤسسات الأهلية الفلسطينية والعربية والأجنبية.
خامسا: رمز لشخصيتين مهمتين:
تكتسب المدينة خصوصية رمزية للفلسطينيين لأنها تحتضن ضريح الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات "أبو عمّار"، كما أنها تحتضن ضريح شاعر فلسطين الكبير محمود درويش.
سادسا: بطالة أقل وأجور أعلى:
إن معدلات البطالة المتفاقمة يومًا بعد يوم في فلسطين، لم تصب رام الله بنفس الحجم الذي اصاب به المدن الأخرى، حيث تمكنت رام الله من الحفاظ على مستوى بطالة معقول إذا ما قورنت بالمحافظات الأخرى ، إذ يبلغ عدد سكان المحافظة 333597 قاطنًا، وهم يشكلون ما نسبته 7.4% من مجموع سكان فلسطين، في حين تبلغ نسبة القوة العاملة من هؤلاء 43.8%.
أما معدل البطالة في رام الله والبيرة، بلغت (16.3%)، وهي نسبة ضئيلة نسبيًا؛ كما يصل متوسط الأجر اليومي في رام الله إلى 102.3 شيقل، في حين يصل إلى 84 شيقلا في نابلس، و82.6 في الخليل، و105.7 في القدس.
سابعا: مقر للشركات الكبرى:
تحتضن المدينة شريحة كبيرة من الموظفين من كل الوطن، كونها تضم مقرات مجموعة الاتصالات الفلسطينية "بالتل"، وشركة الاتصال الفلسطينية "جوال"، و"الوطنية موبايل"، والعديد من شركات التأمين والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، بالإضافة إلى المكاتب الرئيسة لـ15 مصرفا إقليميا، ووطنيا، ودوليا، من أصل 21 بنكا عاملة في فلسطين؛ وهذه مقرات تشغل أعدادًا كبيرة من القوى العاملة من مختلفة المدن والقرى الفلسطينية.
ثامنا: حياة ثقافية وليلية نشطة:
لا تتوقف الحياة بعد المغرب في رام الله، بل تبقى المدينة مستيقظة لترعى أبناءها في مقاهيها المزينة بالأنوار، ودور السينما، كما تحتضن نشاطات ثقافية متنوعة ومختلفة لمراعاة الأذواق الفنية المختلفة في مراكز ومنتديات ثقافية محلية ودولية.
في المدينة أيضًا أول قصر ثقافي في الوطن، قصر رام الله الثقافي، بالإضافة إلى مركز خليل السكاكيني الثقافي، والمركز الثقافي الفرنسي الألماني (معهد غوتة) ومتحف محمود درويش، الذي يحتفي بسفير الأدب الفلسطيني وحياته.
في المدينة أيضًا العديد من المراكز الرياضية، والأندية الشبابية الفاعلة، مثل: مجمع رام الله الترويحي.
تاسعا: الجو اللطيف:
تتميز المدينة بجو لطيف صيفا وبارد شتاء يجعلها بعيدة نوعا ما عن الطقس الحار أو الرطب الذي يسود في مدن شمال الضفة وفي الساحل الفلسطيني أو في الأغوار.
عاشرا: مكان جغرافي متوسط:
تقع رام الله في منتصف الضفة الغربية تقريبا، ما يجعلها ممرا بين شمال الضفة وجنوبها، وهي تمثل انطلاقا أسهل للتنقل بين مختلف المحافظات الأخرى.