يعاني مزراعو القطاع من التبعات المدمّرة للحرب، بينما يخشى مزارعون في الضفة قطاف الزيتون خشية التعرض لاعتداءات المستوطنين
الاقتصادي- يختلف موسم الزيتون في الأراضي الفلسطينية هذا العام عما سبقه، اذ يعاني من التبعات المدمّرة للحرب المتواصلة منذ عام في قطاع غزة، بينما يخشى مزارعون في الضفة الغربية قطاف الأشجار في أراضيهم خشية التعرض لاعتداءات المستوطنين.
ويقول رامي أبو أسعد المالك حقلا للزيتون في دير البلح وسط قطاع غزة لوكالة فرانس برس “نفرح عندما يبدأ موسم الزيتون ولكننا خائفون في الوقت نفسه لأنها حالة حرب”.
هذا العام، بات موسم القطاف تجربة محفوفة بالمخاطر في غزة، حيث يضطر المزارعون والعمال الى التنبه لتحليق المسيّرات والطائرات الحربية الإسرائيلية خوفا من أن تلقي صواريخها على مقربة منهم بدون سابق إنذار.
وتسببت الحرب بدمار هائل في القطاع المحاصر. وتؤكد الأمم المتحدة أن نحو 68 بالمئة من أراضيه الزراعية تضررت، بينما يعجز المزارعون عن ري المحاصيل أو الاعتناء بها.
ويضيف أبو أسعد “أعداد أشجار الزيتون قليلة للغاية مع الوضع. الحال صعبة والتكلفة عالية للغاية”.
انتاج محدود
يتوقع المهندس الزراعي جمال أبو شاويش انخفاضا كبيرا في المحصول هذا العام. ويقول إن “كمية الزيتون في الأعوام السابقة كانت تراوح بين 37 ألفا و40 ألف طن. العام الحالي ربما تقل عن 15 ألفا.. حتى جودة الزيتون أو الزيت لا تقارن بجودته في الأعوام السابقة”.
توازيا مع هذا التراجع، يرجَح أن ترتفع أسعار الزيتون والزيت في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل معاصر القطاع.
والوضع ليس أفضل حالا في الضفة الغربية المحتلة، وإن تفاوتت الأسباب.
ويقول المزارع خالد عبد الله إنه لن يقطف الزيتون من أراضيه المحاذية لمستوطنة بيت إيل هذا الموسم خوفا من التعرّض لاعتداءات المستوطنين.
ويضيف لفرانس برس “لم أفكّر حتى في التوجّه الى تلك الأراضي القريبة من المستوطنة، لأن الوضع خطير جدا”.
لهذا السبب، اختار الاكتفاء بما تحمله أرضه الواقعة في قرية جفنا شمال رام الله. ويوضح بينما يقطف بعض أشجار الزيتون مع زوجته ماجدة “لدينا بالقرب من المستوطنة حوالى 42 دونما مشجّرة بالزيتون، لكن للأسف لا أستطيع الوصول اليها”.
اعتاد خالد عبد لله وغيره من الفلسطينيين المالكين لأراضٍ مزروعة بالزيتون قريبة من المستوطنات، التنسيق مع منظمات إسرائيلية غير حكومية للحصول على تصاريح خاصة تمكّنهم من قطف زيتونهم. ويقول “خوفي الآن ازداد لأنه لم تعد هناك مؤسسات حقوقية قادرة على حمايتنا من هجمات المستوطنين، ولم يعد هناك تنسيق”.
ومنذ بداية الحرب، ارتفعت وتيرة التوتر في الضفة حيث تزايدت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين والمواجهات بين الطرفين، بالإضافة الى تكثّف العمليات العسكرية الإسرائيلية.
مدني وعسكري
في قرية مادما جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية (2500 نسمة)، مُنع أصحاب الأراضي من الوصول اليها لقطف الزيتون الأسبوع الماضي. وتكرّر الأمر لثلاثة أيام، وعمد مستوطنون الى إعطاب مركباتهم.
ويقول رئيس مجلس قرية مادما عبد الله زيادة “طُرد أصحاب الأراضي من أراضيهم على أيدي مستوطني يتسهار. وكلّ يوم، هناك مواجهات”.
ويقع حوالى 1500 دونم مزروعة بالزيتون في شمال القرية.
ويضيف زيادة “لا نستطيع تمييز من يمنعنا إن كانوا مستوطنين أو جنودا، لأنهم مرة يكونون بزيّ مدني ومسلحين، ومرة أخرى بزيّ عسكري”.
ويتابع “كنا نتعرّض لاعتداءات من المستوطنين، لكن هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة ومخاوفنا أضعاف”.
في قرية تل (7 آلاف نسمة) قرب نابلس، يقول رئيس المجلس القروي نعمان رمضان إن سكانها تمكنوا حتى الآن من الوصول الى حوالى ثلث ما وصلوا إليه العام الماضي من الأراضي المزروعة بالزيتون.
ويمتلك أهالي قرية تل حوالى خمسة آلاف دونم مزروعة بالزيتون تقع على جانب طريق استيطاني تتواجد عليه بؤرة حفات غلعاد الاستيطانية المحروسة من الجيش.
ويوفّر موسم الزيتون للفلسطينيين مصدر دخل أساسيا من الزيت، وتحديدا للأسر الفقيرة. ووفق معطيات خبراء ووزارة الزراعة الفلسطينية، فإن المساحة الإجمالية المزروعة بالزيتون في الضفة الغربية وغزة تصل الى 935 ألف دونم.
وحذّر خبراء في الأمم المتحدة من أن المزارعين في الضفة سيواجهون “أخطر موسم زيتون على الإطلاق”.