الاقتصادي- مر نحو عام على منع العمال الفلسطينيين من الرجوع إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، تزامناً مع بدء الحرب على القطاع في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ولفهم أهمية ومركزية القضية، يكفي القول إنه عشية اندلاع الحرب كان العمال الفلسطينيون في أماكن العمل الإسرائيلية يشكلون حوالي 22.5٪ من القوى العاملة في الضفة الغربية، ويساهمون بنحو 24٪ من الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية، وفق حديث مع وليد حباس الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار".
والايقاف المفاجئ للعاملة الفلسطينية شكل صدمةً اقتصاديةً للقطاعين العام والخاص في السوق المحلي.
وأضاف حباس لـ "الاقتصادي" أن هناك وجهتي نظر داخل إسرائيل حول عودة العمال الفلسطينيين إلى أعمالهم.
وجهة النظر الأولى تعود للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية (الجيش والإدارة المدنية والمخابرات) وتدعو لعودة العمال.
أما وجهة النظر الثانية، وهي لليمين الإسرائيلي المهيمن والذي يشكل الحكومة الإسرائيلية الحالية، فهي تدفع إلى "حسم" العلاقة مع الفلسطينيين بدلا من إدارتها، مما يشير إلى نية بإنهاء سياسة ادخال العمال التي بدأها الاحتلال منذ 1967.
ويعني ذلك، وفق حباس، أنه إذا استمرت وجهة نظر اليمين هذه، فإنه على المدى المتوسط - لغاية نحو 10 سنوات- سيتم قطع العلاقة الإسرائيلية مع العمالة الفلسطينية كلياً.
جدير بالذكر، أن إيقاف العمالة الفلسطينية في الداخل تسبب أيضا في أزمة اقتصادية إسرائيلية لا سيما على قطاعات البناء والتشييد، والزراعة والخدمات، خصوصاً وأن 80% من العمال الفلسطينيين (أي حوالي 120-130 ألفا) بالداخل كانوا يعملون في قطاع البناء.
ويذكر أن حوالي 150 ألف عامل في الضفة الغربية فقدوا عملهم داخل أراضي الـ48، بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على وصول العمال إلى أماكن العمل، منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بحسب تقرير للبنك الدولي.
ولفت الباحث في "مدار" إلى أن قطاع البناء والتشييد الإسرائيلي من أهم القطاعات الاقتصادية، وحاصل على قروض ومحافظ مالية من البنوك تقدر بألف مليار شيكل. هذا يعني أنه إذا توقف سوق الإنشاءات والبناء، لن يكون الضرر على المقاولين وأصحاب الشركات فقط، بل سيمتد إلى البنوك وجهات أخرى.
ومنذ 7 أكتوبر، حاول الاحتلال استبدال العمال الفلسطينيين من خلال استيراد عمالة آسيوية رخصية، لكن كل هذه الخطط فشلت إما بسبب عدم مهارة ودراية العمال الأجانب بالبناء الإسرائيلي، أو لأسباب سياسية - اجتماعية أخرى.
إلا أن هذا لا يعني عدم قدرة الجانب الإسرائيلي الاستغناء عن العمالة الفلسطينية على الأمد البعيد، لكن الأمر سيتطلب خطة استراتيجية لا يمكن إنجازها بشكل مباشر في ظل الحرب الحالية، وفقاً لحباس.
ورغم القرار الإسرائيلي العام بمنع دخول العمال الفلسطينيين، إلا أنه يقدر اليوم عدد العمال الفلسطينيين في الداخل بنحو 40 ألفا، والذي يدخلون إما عن طريق سماسرة عمال، أو تهريب، وعادة ما يتم غض النظر عنهم من قبل دولة الاحتلال للحيلولة دون تفاقم الأزمة الاقتصادية.
ورغم تأثير الأمر على السوق الإسرائيلي، إلا أن توقف العمال الفلسطينيين شكل أيضاً ضربةً للقطاعين العام والخاص في السوق المحلي.
وكان "الاقتصادي" قد أشار في تقرير سابق له إلى أن قيمة ضريبة الدخل للعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر والمستوطنات عبر المقاصة بلغت (81.4) مليون شيكل، في الأشهر التسعة الأولى من العام 2023، أي قبل بدء الحرب على غزة، وذلك وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.