الفائض النقدي لعملة الشيكل يمثل المبالغ النقدية السائلة الموجودة لدى المنظومة المالية بعد سداد كافة التزاماتها
الاقتصادي - تواجه الضفة الغربية تحديا ماليا فريدا من نوعه يتمثل في الفائض النقدي الذي يبلغ حاليا نحو 4.2 مليارات شيكل (أكثر من مليار دولار)، مما يفرض مشاكل كبيرة على المقرضين المحليين، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
والفائض النقدي يمثل المبالغ النقدية السائلة الموجودة لدى المنظومة المالية بعد سداد كافة التزاماتها.
وظهرت المشكلة بعد تعليق إسرائيل تسلم فائض الشيكل المتراكم لدى البنوك خلال الشهور القليلة الماضية دون إبداء الأسباب.
ويحدث فائض الشيكل في الضفة الغربية على وجهة الخصوص بسبب مشتريات فلسطينيي الداخل من الضفة الغربية وأجور العمالة الفلسطينية في الداخل وبعض التحويلات المالية لأغراض التجارة.
وقالت سلطة النقد إن أحد أسباب نشوء الفائض مؤخرا يتمثل في حدوث إقبال متزايد من المواطنين والشركات والتجار على إيداع ما لديهم من عملة إسرائيلية في أعقاب إطلاق الجانب الإسرائيلي تهديدات بقطع العلاقة المصرفية مع البنوك الفلسطينية.
وأضافت "هذا الأمر تسبب بتكدس العملة الورقية في خزائن المصارف بما يفوق طاقتها الاستيعابية".
ووفقا للصحيفة، فمن المتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة، حيث تشير التوقعات إلى أن الفائض قد يصل إلى 8 مليارات شيكل (2.15 مليار دولار) بحلول نهاية العام، وهو ما يمثل أكثر من 15% من الناتج المحلي للضفة الغربية.
أرباح البنوك والمخاطر الأمنية
وتشير الصحيفة إلى أن الأموال الخاملة ليست مجرد صداع لوجستي، بل تمثل أيضا مخاطر مالية وأمنية، حيث تضررت أرباح البنوك لأنها غير قادرة على الإقراض ولا على الإيداع.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الاحتفاظ بفائض من النقد بالشيكل أدى إلى خفض أرباح البنوك الفلسطينية بنحو 20%، وهو ما يعادل 500 مليون دولار من الأرباح المفقودة من عام 2012 إلى 2023.
وقال مصرفي فلسطيني للصحيفة "لا يمكننا إيداعها لكسب الفائدة، ولا يمكننا إقراضها، لأننا لا نقرض نقودا سائلة، ويمكن وضع هذه الأموال في الاقتصاد وتداولها وإنتاج القيمة".
قيود إسرائيلية
وينبع الفائض من الحد الأقصى الذي فرضه البنك المركزي الإسرائيلي على مقدار النقد الذي يمكن لمؤسسات الضفة الغربية تحويله إليه.
وقد تعرض هذا الحد الأقصى -الذي تم تحديده عند 18 مليار شيكل سنويا (4.9 مليارات دولار)- لانتقادات شديدة، لأنه لا يناسب تدفقات الشيكل إلى النظام المصرفي الفلسطيني.
وعلق دبلوماسي فلسطيني للصحيفة قائلا "نحن لا نرى أدلة على غسيل الأموال عبر الضفة الغربية بما يتطلب فرض قيود صارمة على الشيكل الزائد".
كما انتقد صندوق النقد الدولي هذا الحد الأقصى، مشيرا إلى أنه لا يتناسب مع التدفقات الفعلية.
ويدافع بنك إسرائيل عن هذا الحد الأقصى بكونه "يعكس حصصا متناسبة مع النشاط الاقتصادي المشروع"، وفق تعبيره.
وعلى الرغم من هذا -تقول الصحيفة- فإن القيود الإسرائيلية تظل تشكل عبئا كبيرا على المقرضين في الضفة الغربية.
التأثير الاقتصادي
وأدت الحرب المستمرة على قطاع غزة والقيود الناجمة عنها إلى تفاقم الفائض النقدي، كما أدى حظر إسرائيل دخول العمال الفلسطينيين إلى أراضيها منذ بدء الحرب إلى الحد من تدفق الشيكل السائل.
وكان الفلسطينيون الذين يتنقلون إلى إسرائيل للعمل يجلبون ما يصل إلى 20 مليار شيكل إلى الضفة الغربية سنويا، في حين ساهم فلسطينيو الداخل الذين يتسوقون في الضفة الغربية بما يتراوح بين 6 مليارات و7 مليارات شيكل أخرى.
الفلسطينيون الذين يتنقلون إلى إسرائيل للعمل يجلبون ما يصل إلى 20 مليار شيكل إلى الضفة الغربية سنويا (الجزيرة)
ومنذ اندلاع الحرب تفاقم الفائض بسبب زيادة الودائع من الفلسطينيين الذين كانوا يحتفظون بالنقود في منازلهم في السابق ويشعرون الآن بأمان أكبر بالاحتفاظ بها في البنوك.
كما أدى الركود الاقتصادي الناجم عن الحرب إلى انخفاض الإنفاق، مما زاد حجم النقود الخاملة.
تدابير للتخفيف من المشكلة
ولمعالجة التدفق النقدي فرضت البنوك الفلسطينية على العملاء رسوما على الودائع ورفضت أحيانا قبول الودائع بالشيكل بسبب قيود التخزين، وفق ما ذكرت الصحيفة.
وسمح بنك إسرائيل أحيانا بتخصيص مبكر لحصص الودائع لتخفيف الضغط، وقال أحد المصرفيين الفلسطينيين للصحيفة "في بعض الأحيان كان علينا الحصول على اقتراض قصير الأجل لتغطية التحويلات والشيكات على الرغم من أن لدينا 10 أضعاف هذا المبلغ في خزائننا".