إن لم تدافعوا الآن عن الأونروا.. فمتى ستفعلون؟!
1:04 مساءً 05 آذار 2024

إن لم تدافعوا الآن عن الأونروا.. فمتى ستفعلون؟!

الاقتصادي- سامي مشعشع، الناطق الرسمي للأونروا سابقا 

على خلفية خطاب مفوض عام الأونروا الهام بالجمعية العمومية (والمتساهل ببعض جوانبه تجاه سعي البعض لايجاد بدائل للوكالة) … يا أهل ومحبي فلسطين: بدائل عن الأونروا تتبلور أمام أعينكم. 

إن لم تدافعوا الآن عن حق العودة والدفاع عن الأونروا بالوجود فمتى ستفعلون؟!

 حسنا فعل المفوض العام للأونروا، لازاريني، عندما وقف بالأمس أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة (أمام دول العالم قاطبة) موبخا إياهم بأن صمت الكثيرين منهم (وأضيف تواطؤ وغدر البعض عربا وعجما) هو الذي أطال من عمر الوكالة كهيئة دولية مؤقتة الولاية وأن وجودها اليوم وبعد أكثر من 75 عاما على النكبة هو "وصمة عار على ضميرنا الجمعي". وحسنا فعل المفوض العام عندما ذكرهم أن الوكالة بالأساس ستذهب للبيت ويتم حلها عندما يتحصل اللاجئ الفلسطيني على حقوقه المشروعة ويرجع إلى وطنه، وأن استمرارية دور الوكالة يجب أن يتم ضمن هذا التوجه الانتقالي وصولا للهدف المنشود.

ولكني أعتقد - وآمل أن أكون مخطئا — وأنا هنا ارتكز على نص خطابه بالعربية أن المفوض العام، ومع أهمية ما احتواه خطابه، أخطأ خطأً سياسيا جسيما عندما أنهى خطابه قائلا: "وأخيرا، أحث تلك الدول التي تبحث عن بدائل للأونروا على أن يكون ذلك بطريقة لا تمس بحق لاجئيي فلسطين في تقرير المصير وبحق تطلعاتهم إلى حل عادل ودائم لمحنتهم" !!! هذا تصريح غريب في توقيته ومضمونه ومن المكان الذي تحدث منه. 

يدرك الجميع أن حق اللاجئ الفلسطيني بحسب القانون الدولي والمرجعيات القانونية والقرارات الأممية اللازمة لا ينتفى بغياب مؤسسة كالأونروا ولكن من الخفة والخطورة بمكان من أن "يحث" المفوض العام الدول (عربا وعجما) التي تبحث عن بدائل للمؤسسة التي أنيط به إدارتها، مناشدا إياهم "بأن لا تمس" (تلك المحاولات والتوجه) بحقوق اللاجئين! غريب هذا الطرح وكأنها دعوة لتلك الدول بالاستمرار في سعيهم المحموم البحث عن بدائل للمؤسسة التي يشرف عليها! أو كأنه يدرك أن قطار إنهاء الوكالة بات يحث الخطى لوجهته النهائية أو لأنه بات مدركا أن داعمي الأونروا ماليا باتوا يريدون أدوارا مختلفة للأونروا (دورا إنمائيا وتنمويا وتوطينيا في بعض الأقاليم) ويريدون اختفاءها في بعض المواقع (القدس) وأن تمسي مؤسسة شريكة لمؤسسات أخرى ومؤسسات شبه حكومية وغير حكومية، في اليوم التالي للحرب على غزة وضمن أفق زمني لاستبدالها ومن ثم إنهاء وجودها.

المفوض العام حدد بخطابه الهام وبالإضافة للنقطة المقلقة جدا أعلاه ضرورة التزام الدول "بتسيير عملية سياسية" لتحقيق السلام "ورسم مسار انتقالي للأونروا" ضمن هذا التوجه. نقطة مهمة ولا خلاف عليها. وطالبهم كذلك بسد الفجوة بين دعمهم لولاية الأونروا وضعف دعمهم المالي لها، وأنه بدون إصلاح نموذج التمويل خاصة الأونروا فإن ولايتها ستضعف أكثر فأكثر. أيضا نقطة مهمة ولا خلاف عليها، باستثناء أنه أضاف أنه يطالب بذلك "على المدى القريب" وكأنه (حسب رأيي) لا يشجب ولا يخطيء الدول الباحثة عن بدائل للأونروا، ولكنه يطالبهم على الأقل بإيجاد توليفة مقبولة على المدى القريب للجمع بين ولاية الأونروا ونموذج التمويل المعطوب!

لقد رسم المفوض العام صورة مفجعة لما يحدث في غزة، والتداعيات النفسية والمجتمعية والتعليمية والصحية والاقتصادية الكارثية في اليوم التالي للحرب وكان موفقا في شرح مركزية دور الوكالة عندها، ولكن القلق الأكبر هو ما تضمنته كلمته من إشارات وتصريحات مقلقة حول مستقبل الوكالة. 

إن النصر الاستراتيجي الذي تبتغيه الحكومة الإسرائيلية هو إنهاء حق العودة وتثبيت وحدانية القدس — وهما ملفيين أساسيين ووجوديين لها. الإجراءات الإسرائيلية الميدانية لإنهاء وجود الأونروا في القدس جارية ويبدو أن البعض قد سلم بذلك قضاء وقدرا، والبعض منا قد بدأوا يسلمون بأن إضعاف الأونروا وشيطنتها وتهميش دورها وتغييره والعبث بتفويضها والحث لتوفير بدائل لها هو أمرا مفروغا منه! 

الأونروا على حافة الانهيار المالى وهذا مقصود. البحث عن بدائل لها والالتفاف على حق العودة واستبداله بالتوطين والتهجير مدروس ومقصود! وبالتالي فإن غياب أي حراك جدي ومنظم وغياب خطة مدروسة وبرنامج عمل واضح وغياب تحرك رسمي وفصائلي وغياب تحركات جماهيرية فعالة وشعبية وكذلك بين جموع الفلسطينيين كحراك مضاد يستوجب قرع كل الجدران وقرع كل نواقيس الخطر. إن لم نتحرك الآن.. فمتى؟


 

Loading...