الاقتصادي - جهاد حرب- يتزايد الحديث هذه الأيام عن تشكيل حكومة "تكنوقراط" فلسطينية، لإدارة الشأن الفلسطيني في المرحلة المقبلة، في وقت تشن فيه إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتردد مصطلح "تكنوقراط" أو "حكومة التكنوقراط".. كثيرا خلال السنوات الماضية في المشهد السياسي الفلسطيني، فكم مرة سمعت عن تشكيل حكومة تكنوقراط في بلد ما؟ أو دعوات لذلك؟ إليكم نبذة عن هذا المصطلح ونشأته.
ماذا يعني تشكيل حكومة تكنوقراط؟
الدعوة إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تعني ببساطة تشكيل حكومة كفاءات بغض النظر عن الانتماءات السياسية والحزبية لهؤلاء الوزراء، أي اختيار وزراء ورئيس وزراء على أساس خبراتهم في مجالات معينة سواء علمية أو تقنية، دون النظر بأي حال إلى مواقفهم السياسية.
في كثير من الأنظمة الديمقراطية يتم اختيار الوزراء على أساس أنهم يمثلون أحزاباً سياسية معينة، لكن عندما يتعلق الأمر بتشكيل حكومة تكنوقراط، فعندها توضع كل الحسابات والتقسيمات السياسية على جنبٍ، ويكون التركيز في الاختيار على حسب مناصبهم الأكاديمية والعلمية المتخصصة فقط.
ويتم تشكيل حكومة تكنوقراط عندما تسعى الدولة إلى تطبيق المنهج العلمي في حل المشكلات الاجتماعية والأزمات التي تواجهها، أو عندما تهتم الدولة بتطوير قطاع أو قطاعات معينة، مثل القطاعات الهندسية والتقنية والصناعية وإدارة المشاريع، وغيرها من الأمور المتخصصة.
ما أصل كلمة تكنوقراط؟
التكنوقراطية (بالإنجليزية: Technocracy) مشتقة من كلمتين يونانيتين، τέχνη، وتعني المهارة، وκράτος وتعني القوة أو الحكم، أي حكم أو قوة المهارة بالترجمة الحرفية.
من ابتكر كلمة تكنوقراط؟
في العام 1919، كان هناك عضو بالكونغرس الأمريكي (عن الحزب الديمقراطي) يدعى هنري سميث، وهو مهندس بالمناسبة، ربما فكر هذا المهندس في أن تخصصه الجامعي والمهني قد يكون فعالاً ومهماً أكثر من انتمائه السياسي في بعض الأحيان.
وقتها كتب مقالاً في مجلة "الإدارة الصناعية" (Industrial Management) استعرض فيه فكرته عموماً حول بعض الأشخاص الذين أصبحوا فاعلين ومؤثرين بحكمهم من خلال اعتمادهم على علماء ومهندسين وغيرهم من ذوي الكفاءات، هذا المقال كان عنوانه "التكنوقراط: طُرق ووسائل كسب الديمقراطية الصناعية"، ويعتقد أن هذه كانت أول مرة يستخدم فيها هذا المصطلح.
أعجب هذا المصطلح مهندساً أمريكياً آخر اسمه هوراد سكوت (من أصل أسكتلندي أيرلندي)، وعالم جيولوجيا اسمه ماريون كينغ هوبرت. وبعد 13 عاماً من مقال صديقنا سميث، خرج سكوت هذا الذي كان يعمل في أعمال البناء، والعالم المهتم بالدراسة الأكاديمية هوبرت بحركة اسمها "حركة التكنوقراط".
أسس الاثنان شركة تكنوقراطية (في العام 1932) واقترحا استبدال الأموال بشهادات الطاقة، أو بمعنى أكثر بساطة أن يصبح المهندسون غير السياسيين والأشخاص العقلانيين المهتمون بالعلم هم أصحاب السلطة ليوجهوا اقتصاد الدولة لتصبح دولة منتجة، وليقضوا على العجز المادي والديون والبطالة بأفكارهم العلمية.