سامي مشعشع يكتب: مستقبل الأونروا الآن.. إما أن تكون أو تتلاشى
7:09 مساءً 04 شباط 2024

سامي مشعشع يكتب: مستقبل الأونروا الآن.. إما أن تكون أو تتلاشى

عزيزي المفوض العام: إنهم ينتظرون منك أن تقول للكيان: كفى وأن تؤكد بأن الوكالة "بعد الحرب" باقية.

الاقتصادي - سامي مشعشع، الناطق الرسمي باسم وكالة الأونروا السابق

فى معرض رده على سؤال "هل هناك شيء كان بإمكان الأونروا  القيام به بشكل مختلف (فى غزة)؟
أجاب  المفوض العام فيليب لازاريني : "لا أعرف. هل ندفع ثمن رفع صوتنا في لفت الانتباه إلى محنة الناس في غزة، وإلى هذه الكارثة الإنسانية التي تتكشف أمام أعيننا؟ ربما يكون هذا قد ساهم في توجيه الانتقادات أو تسريعها أو تضخيمها".

انضممت للأونروا عام 1991، وعملت مع فيليب لازاريني قرابة سنوات ثلاث كناطق رسمي للوكالة ومشرفا على مكاتب إعلامها ودائرة الاتصال والتواصل فيها، وأدرك تماما الضغط الذي يرزح تحته المفوض من سلطات الكيان المختلفة والضغط (الناعم/القاسي والهادئ/الصارخ) من قبل الدول المانحة للأونروا وخصوصا الولايات المتحدة وغيرها من "أصدقاء" الأونروا [والمثل يقول احذر عذوك مرة واحذر اصدقائك الف مرة].

وكجزء من هذه الضغوط المدروسة جاءت تصريحات نتنياهو بضرورة القضاء على الاونروا "كاملة" وليس فقط فى غزة، وتبعها تصريح جلعاد أردان مندوب الكيان لدى الأمم المتحدة بأنه "يجب القضاء على الأونروا الآن وإلى الأبد". وتبعتها التوصية من كبار الضباط لرئيس هيئة اركان جيش الاحتلال بضرورة تخفيف حدة الهجوم على الأونروا لأن لا بديل واقعيا لها حاليا (بمعنى لنقضي عليها لاحقا "بعد الحرب" ولحين أن نجد لها بدائل إما أممية أو إقليمية او محلية او "كوكتيل" من هذه المؤسسات). 

وتتواصل الضغوط عبر تصريحات ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بضرورة إدخال تغييرات جوهرية فى عمل وأداء الأونروا، وهو موقف رددته كالخراف والببغاوات عديد الدول الأخرى ولسان حالهم يقول "سنرجع التمويل الزهيد لكم لكي نضمن توفيركم للخدمات للاجئين ولكى نبقيهم على خط الفقر وأقل بقليل بينما نستمر بضخ مليارات الدولارات لتأمين القنابل والذخائر الملقاة على غزة ولكي نبقى على خط الدعم البري من دول بالخليج للكيان"!

رجوعاً لإجابة المفوض على السؤال أعلاه أقول إن الهجمة الجديدة على الوكالة، ليست الأولى ولكنها الأشد ونعم جاءت بسبب تواجد الوكالة وخدماتها (على شحها) وبسبب تقاريرها الأممية حول ما  يحدث بالقطاع. وإذا كانت هكذا نيتهم وتصريحاتهم وأفعالهم ضد الأونروا يبقى العمل الدبلوماسي ووراء الكواليس لدفع هذا الهجوم المسعور غير ذي نفع.

قتل 152عامل أمم متحدة يعملون لدى الأونروا وجاء "الزعل" من الأمين العام ومسؤولي الأمم المتحدة ومن كبار متبرعي الأونروا "مهذبا" و "عاتبا " و "مستهجنا" بينما سببت تهم ضبابية وغير مثبتة ضد 12موظفا للوكالة  "رعبا وهلعا" وتسببت بطرد سريع لهولاء الموظفين وتحقيقات وبيانات استنكار وكأن السماء أطبقت على الأرض. و

تم قصف 147 منشأة تابعة للوكالة تأوي مئات الألاف من النازحين واستشهد داخلها العشرات وكل ما فعلته مؤسسات العالم الدولية هو "الحوقلة"، و ضرب اليد على اليد كتعبير عن قلة الحيلة وترسخ ازدواجية المعايير وأن دم طرف أكثر احمرارا من طرف آخر.

إنها حرب مفتوحة ومسعورة على اللاجئين وعلى الأونروا. 

يقولون نهارا جهارا بأنهم يريدوا القضاء على الأونروا ومن تمثل وماذا تمثل.

وعارنا أن من يتحدث باسم اللاجئين من بين  صفوفنا كلاجئين  لا يستطيع الا الندب والاستنكار والحوقلة!

إذن على الوكالة وعلى المفوض أن يخلعوا القفاز  الحريري ويرفعوا عاليا صوتها الإعلامي والدبلوماسي والعملياتي والحقوقي لأعلى المستويات مطالبة بالتحقيق  (وبصراحة لا حاجة له)، ومعاقبة الكيان على القصف والقتل المدروس وعن سابق إصرار وترصد لمنشآتها والفرض عليها دفع تعويضات مالية كاملة.

وثانيا، على الأونروا الإصرار على محاسبة الكيان على إبادة 152موظفا امميا فلسطينيا وعائلاتهم (ووالله لو كانوا غير فلسطينيين لقامت الدنيا ولم تقعد).

وثالثا "إزعاج وإرهاق العالم" بأسره ليل نهار بأن أهل غرة يموتون جوعا ولغياب العلاج وأن الوكالة بقدراتها اللوجستية والبشرية والخبراتية تستطيع إنقاذهم، ويجب إدخال المساعدات فورا وبدون إعاقات.

 هناك دور ومكانة ورمزية كبيرة لمنصب وشخص المفوض العام، إذ يقف على رأس أكبر موسسة أممية وبسجل قوي فى تقديم الخدمات الطارئة والمنقذة للحياة امتدت لعقود.

عزيزي المفوض العام: 
إنهم يقتلونهم بالجملة، ويدمرون البشر والحيوان والحجر . ولم يتبق من غرة إلا الأطلال وأناس شجعان، أصحاب عزة وكرامة وجباه مرفوعة ويعرفون كيف يجابهون ويدافعون عن حقهم بالحياة والحرية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأمم المتحدة يتطلعون ليس للأمين العام ولا لمنسق الشؤون الانسانية ولا لمنسقة إعادة البناء والمساعدات الانسانية المعينة قبل أسابيع، ولا إلى اليونيسيف ولا الصليب الأحمر .. إنهم ينتظرون دورا  كاسحا شاملا من المؤسسة التى  رافقتهم  على مدى سبعة عقود. 

إنهم ينظرون اليك كصوت أممي يقف على رأس وكالة تمثل نكبتهم الأولى وشاهدة على النكبة الثانية التى تتجلى أمام أعيننا بكل دقيقة وأنك تقف على رأس موسسة تمثل حق العودة. 

إنهم ينتظرون منك أن تقول للكيان: كفى وأن تؤكد بأن الوكالة "بعد الحرب" باقية.
 
لقد صوتت  157دولة لتجديد وكالة الأونروا في ديسمبر 2022 وحتى منتصف 2026 ودولة الكيان صوتت ضد.
 
قل لهم وللجميع بإن الوكالة باقية فى كافة مناطق عملياتها وحتى يتم إعادة بناء غزة من جديد، وحتى تحل قضية اللاجئين حلا عادلا شاملا وحتى تحقيق حق العودة. 

قل لهم إنك باق على رأس عملك وإنك سترد الصاع صاعين. 

لا شيء تخسره
 لا شيء نخسره.

 

Loading...