رام الله- الاقتصادي-حسناء الرنتيسي- ملايين الدولارات يتم إنفاقها سنويًا على مستحضرات التجميل، من مستحضرات التنحيف، وعلاج حب الشباب، ومستحضرات مقاومة الشيخوخة وغيرها.
المواطن يرنو لايجاد الحل السحري والسريع من استخدام تلك المستحضرات، رغم أن سعرها مرتفع جدا في معظم الأحيان، ونتائجها غير مضمونة، فكم من المستحضرات فشلت في تحقيق جزء من النتائج التي أوهم التجار المرضى بها؟
ما يذهل حقا أن تجد هذه المستحضرات مكانها الاستراتيجي على رفوف الصيدليات، حتى أنها فاقت الأدوية مكانة، فما أن تتوجه للصيدلاني لشراء الدواء حتى يعرض عليك منتج تنحيف أو تفتيح بشرة او غيره، بغض النظر إن كان مرخصا أم لا؟
تجارب تتكلم
"عانيت من مشكلة ظهور البقع السوداء عن الوجه، توجهت لصيدلية في رام الله، وطلبت دواء لازالة تلك البقع، فسارع الصيدلاني لاعطائي منتجا على شكل كريم، فسألته إن كان هذا المنتج مرخصا من وزارة الصحة، استرجع المنتج وقال لي، عندما يحضر صاحب الصيدلية اسأليه، حينها شككت انني اطلب مادة ممنوعة التداول، وحتى أنني شككت ان الصيدلاني غير متخصص".
لم تكن الطالبة الجامعية ايمان وحدها من اخطأت اتجاهها وحاولت اختصار الطريق بالتوجه للصيدلية فورا، وليس لاخصائي جلد.. ام اسلام، من سكان المصايف في رام الله حاولت على مدار ثلاث سنوات خفض وزنها عن طريق الاعشاب والأدوية التي يتم عرضها عبر بعض القنوات الفضائية، تقول "ما أن كنت أسمع عن منتج للتنحيف حتى أسارع للاتصال بالوكيل في الضفة لطلبه، وأقل سعر دفعته كان 350 شيقلاً، ما يقارب الـ100 دولار، حتى أصبحت أعاني أعراض جانبية مثل الدوخة الدائمة، وضعف التركيز، والعصبية المفرطة، والكل لاحظ ذلك، رغم أن وزني كان ينزل بشكل جيد، لكن يعاود الرجوع إلى وضعه الطبيعي خلال اسابيع، فنصحتني صديقتي بالتوجه لاخصائية تغذية".
اخصائية التغذية دعت ايمان إلى التخلص الفوري من مستحضرات التنحيف لديها، واخبرتها أن علاجات السمنة على مستوى العالم ما هي الا نوع من النصب والاحتيال، فهي غير مرخصة وليس عليها رقابة، كما أن هناك علاجات يتم ت
صديرها من الخارج وتحوي مواد غير معلن عنها تؤدي لمخاطر عديدة وتصل أحياناً إلى الوفاة المباشرة.
اما العامل موسى عز الدين فيقول "ذهبت لصيدلية (س) لصرف وصفة طبية، واستوقفني لنصف ساعة وهو يستعرض الأدوية لعلاج البثور على وجهي، واخذ يحاول اقناعي عن طريق الاستعانة ببشرته كمثال واثبات على نجاعة العلاج، حتى اخذ يسرد لي اسماء أطباء جلد ينصحون بهذا الدواء، وهو لا يعلم أني لا أجد الخبز لاطعم اولادي حتى اعالج بشرتي".
الأدوية كلها مرخصة!
المادة 2 من قانون الصحة العام رقم 20 لسنة 2004 تنص على وجوب 8. ترخيص الأدوية المحلية والمستوردة وتسجيلها ومراقبة المستودعات والصيدليات. 9. ترخيص صناعة العطور ومستحضرات التجميل ومراقبتها.
توجهت لتلك الصيدلية التي كثرت شكاوى المواطنين منها، والتي تغطي جدرانها الاعلانات، وكان هناك فتيات يأخذن قراءة الوزن، واحداهن تناقش الصيدلاني حول المبالغ الكبيرة التي تدفعها، وتطلب منه تخفيض السعر لها كونها زبونة كما قالت.
يقول الصيدلاني (م) "ليست كل الأدوية مرخصة، هذه أدوية مرخصة من الخارج، وعليها فحص ورقابة خارجية، محليا لم ترخص لأن وزارة الصحة لا تفحص كل المنتجات، ليس لديها الامكانية لذلك".
ويضيف الصيدلاني "م" أن وزارة الصحة لا تفحص مكونات المستحضرات، ولا تمنح التراخيص على هذا الأساس، وبالتالي ليس كل منتج غير مرخص معناه انه ضار وخطير.
د. ايمن خماش، من نقابة الصيادلة في رام الله أكد ان الأدوية والمستحضرات الطبية جميعها مرخصة، والأدوية غير المرخصة ممنوع بيعها، اما مراكز اللياقة البدنية والمراكز التي تبيع مستحضرات عشبية وغيره فهذه ليست من مسؤولية نقابة الصيادلة.
وعن المستحضرات الأجنبية، قال خماش إن هناك لجنة دوائية تضع السعر، ويترأسها وزير الصحة. وأشار الى أن هذه الأدوية ترخص من قبل وزارة الصحة، حيث تسجل ويجري عليها فحوصات في مختبرات الصحة المركزية في رام الله، أما الأدوية غير المرخصة فتصادر من الصيدليات من قبل دائرة التفتيش في وزارة الصحة.
أسعارها مرتفعة.. ومحتواها غامض
حذر د. جواد الخواجا أخصائي تغذية في مجمع فلسطين الطبي من هذه المستحضرات، وأشار الى أن بيع تلك المستحضرات التي يتم عرض اعلاناتها على بعض الفضائيات بهدف التخسيس وغيره إنما هو نوع من تجارة الوهم، فهذه المستحضرات أسعارها مرتفعة جدا ومحتوياتها غامضة، وفي الوقت نفسه لها مضاعفات قد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان.
أما عن مضاعفات هذه المستحضرات، والتي وجدت مكانها في بعض الصيدليات، فمنها ما يؤثر على دقات القلب، والضغط، ومنع امتصاص بعض الفيتامينات الضرورية للجسم، ومنها ما يؤثر على الاعصاب والسلوكيات للمريض.
وأوضح د. الخواجا انه استقبل عدة مرضى سمنة كانوا يتبعون نوعا معين من "الدايت" او يستخدمون مستحضرات غير مرخصة، وقد عانوا من الأعراض الجانبية ما سبب لهم مشاكل اجتماعية، من عصبية وغيره، وايضا أدى لتساقط الشعر وشحوب البشرة نتيجة نقص الفيتامينات.
وأضاف "الأهم من ذلك كله، أن المواطن يدفع مبالغ طائلة لشرائها، ثم بعد فترة من التوقف عن استخدامها يعود الجسم إلى ضعف ما كان عليه، فمثلا اذا استخدم مستحضر للتخسيس ووزنه 80 كغم، سيصبح وزنه أكثر من 90 كغم بمجرد التوقف عن استخدام المستحضرـ، وبالتالي يستنزف التاجر والذي قد يكون صيدلانيا جيب المواطن، وفي الوقت نفسه لا يعالج المشكلة لديه.
من ناحية أخرى، أشار د. الخواجا إلى وجود أدوية تخسيس مرخصة مثلا، لكنها مرتفعة السعر وتثقل كاهل المريض، وهي تمنع امتصاص الدهون، لكنها لا تعالج السمنة بشكل جذري، وتسبب خسارة بعض الوزن، لكن لا يمكن للمريض استخدامها مدى الحياة، بسبب ارتفاع سعرها، ولو غيّر المريض نمط غذائه فستكون النتائج أكبر وأفضل.
واوضح د. خماش أن عقوبة بيع مستحضرات غير مرخصة تكون برفع كتاب من وزارة الصحة ويحول الصيدلاني لمجلس التأديب المؤلف من وزارة الصحة ونقابة الصيادلة، ويتم رفع الشكوى لدائرة الرقابة والتفتيش، وقد تصل العقوبة لسحب مزاولة المهنة او الغرامة المالية، بحسب المخالفة.
من جهته، قال د. فتحي ابو مغلي، وزير الصحة الأسبق إن الأدوية الموجودة في الصيدليات ليست مسجلة بكاملها، كون تكاليف التسجيل عالية، والمستورد لا يريد تحمل تكاليف إضافية، وبالتالي يتم اعتماد التسجيل لبلد المنشأ.
وأضاف د. مغلي أن اتفاقية باريس تلزم بتسجيل كل الأدوية في اسرائيل قبل أن تدخل الضفة، وهذا يطمئن نوعا ما.