لطفي مهداوي
أصدرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مؤخراً قراراً يتضمن وضع تحديدات اقتصادية مع الجانب الإسرائيلي، حيث أقرت اللجنة المركزية لحركة فتح ومجلس الوزراء الفلسطيني العمل بهذه التحديدات .
إن هذه التحديدات تتمثل بما يلي :
إن هذه القرارات هي قرارات صائبة وهي حق من حقوق شعبنا على طريق الاستقلال الناجز برحيل الاحتلال الإسرائيلي وإحقاق حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهي مقدمه مشروعة للعمل على فك الارتباط مع الجانب الإسرائيلي المهيمن على الأرض ومقدرات شعبنا مستخدماً الوسائل الأمنية والتقسيمات الإدارية التي تضمنتها اتفاق أوسلو واتفاق باريس لإبقاء سيطرته على الأرض والوطن الفلسطيني وإبقاء الاقتصاد الفلسطيني تابعا لاقتصاده وسوقاً استهلاكياً لمنتجاته .
منذ بداية تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية نادى العديد من المحللين والسياسيين والخبراء بضرورة وضع برنامج طويل المدى ومتكامل من كافة الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والتنظيمية والقانونية ...الخ هدفه التقليل تدريجياً من الارتباط والهيمنة والسيطرة الإسرائيلية وذلك من خلال وضع إستراتيجية تشترك فيها مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الوليدة مع المنظمات والأحزاب والنقابات والقوى الاجتماعية والشعبية الفلسطينية لتجسيد طموح إنهاء الاحتلال، لأنه كان مفهوماً منذ اليوم الأول أن إنهاء الاحتلال ليس عبارة عن قرار سياسي يمكن اتخاذه من قبل إسرائيل والدول المانحة، بل إن ذلك يتطلب نضالات طويلة ومتشابكة ومترابطة مع بعضها البعض على كافة الصعد والمستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والشعبية والمؤسساتية بجميع أشكالها الرسمية والخاصة بالإضافة إلى العمل من خلال برنامج تأسيسي وتطويري للنظم والقوانين لتنظم العلاقة ما بين الشعب وممثليه وقياداته بمختلف أشكالها بأشكال وأساليب ديمقراطية سليمة .
لا أريد أن ألوم أحدا في هذا المضمار لأنه لو تم العمل بما تم ذكره سابقاً لكان الشعب الفلسطيني ومؤسساته قد قطعت شوطاً كبيراً في وضع مثل هذه التحديدات وغيرها موضع التنفيذ بالرغم من الرفض الإسرائيلي لذلك، إلا انه للأسف الشديد نزل الكثير من على ظهر الجبل دون أن يكون هناك اهتمام أن مرور الوقت سيكرس الإبقاء على كل ما اتفق عليه مع الجانب الإسرائيلي كما هو، دون العمل على التقليل من تأثيراته المعيقة والتي تجعل من الاعتراف الدولي لدولة فلسطين انجازاً يصعب تحقيقه على الأرض والذي يتطلب إنهاء كافة المعيقات والمتمثلة بالعديد العديد من الارتباطات المنصوص وغير المنصوص عليها في الاتفاقيات والتي تحتاج إلى تحديد و أو إنهاء أيضاً.
إن ما يجب الانتباه له عند العمل على وضع التحديدات الثلاثة المذكورة موضع التنفيذ هو توفر العديد من الإمكانيات والآليات والمتطلبات المتداخلة والمتشابكة والمتمثلة بما يلي :
إن ما تقدم يتضمن ثلاثة من حالات التحديدات مع الجانب الإسرائيلي فقط والتي ستوفر مئات الملايين من الدولارات للجانب الفلسطيني وتشكل في نفس الوقت خسارة للجانب الإسرائيلي بنفس القيمة .
إن هذه التحديدات الثلاثة هي جزء من مجموعة كبيرة من الارتباطات التي تربطنا مع الجانب الإسرائيلي والتي تحتاج إلى تحديد أيضا والتي تضمنتها اتفاقيات أوسلو وباريس .
إن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والوصول إلى الاستقلال الناجز يتطلب تحديد و أو إنهاء كافة الارتباطات مع الجانب الإسرائيلي لان التحديدات الثلاثة هذه ليست بكافية لإيصالنا للاستقلال الناجز المنشود، وإنما ذلك يتطلب حشد كل الإمكانيات والطاقات الجماهيرية المدنية والمجتمعية والمؤسساتية الاقتصادية بطرفيها العام والخاص بالإضافة إلى الأحزاب والمنظمات السياسية لان الصراع الذي نحن بصدده هو صراع مصالح وإرادات وثقافة وتاريخ وحق يجب استرداده والذي تم سلبه منا بالقوة والغطرسة ومن خلال دعم القوى المهيمنة والمسيطرة في العالم .
إن ذلك يتطلب منا جميعا لغة واحدة هي لغة الوطن أولا وقبل كل شيء بعيداً عن الفردية والأنانية وإنكار أو تهميش أو إبعاد الآخر، ويجب أن يتم من خلال برنامج عمل وطني متكامل يشارك فيه الجميع انطلاقا من كون الوطن للجميع يتضمن بنوده إنهاء الاحتلال من دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وتأمين حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وبناء دولة فلسطين العتيدة لتأخذ وضعها بين الدول .
*خبير اقتصادي