أبرز تحديات مؤسس الشركة العائلية
9:23 صباحاً 21 آب 2023

أبرز تحديات مؤسس الشركة العائلية

 
الاقتصادي - المحامي والمستشار القانوني صهيب الشريف - يعي مؤسسو الشركات العائلية جيداً أن الرابطة العائلية قد تكون ميزة أو لعنة على الشركة، فإما أن تكون سبباً لإنجاح الشركة أو سبباً لاندثارها. ويعرف مؤسسو هذه الشركات أيضاً أنه كلما كانت تلك الرابطة أقوى من أنظمة وقواعد وسياسات الشركة، كلما كبرت تحديات الشركة، وزاد حجم المخاطر لديها.
 
تتناول هذه المقالة أهم تحديات مؤسسو الشركات العائلية بشكل عام  والشركات العائلية في فلسطين بشكل خاص، إذ تسلط الضوء "تحديداً" على شركات المساهمة الخصوصية والعادية من حيث النوع، وعلى تلك الشركات التي لا تُحكم بالأنظمة والسياسات، ولا تعتمد على هيكلية توضح الأدوار والمسؤوليات والصلاحيات، ولا تعمل وفق خطة عمل معتمدة ولا تصرف ضمن موازنة معتمدة، وليس لها رؤيا وأهداف مكتوبة ومتفق عليها (وإن كانت حاضرة في ذهن المؤسس) من حيث الطبيعة. هذا وتعالج هذه المقالة على وجه الخصوص التحديات الخارجية للمؤسسين بشكل موضوعي، بمعزل عن البعد الشخصي (التحديات الشخصية)؛ بمعنى أن هذه المقالة تستهدف المؤسسين الذين تجاوزا أي إشكاليات أو معيقات شخصية قد تحول دون تقليص الفجوى بينهم وبين الجيل الثاني.
 
التحدي الأول: اختيار الوقت "المناسب" لإدخال الجيل الثاني في الشركة كمساهمين. 
 
تعتبر مسألة إدخال الجيل الثاني كمساهمين في الشركات العائلة واحدة من أبرز التحديات التي يواجهها المؤسس، إذ يجب على المؤسس التركيز على أهمية تجنّب نقل المشاكل العائلية إلى داخل الشركة؛ ويتوقع منه إيجاد التوازن المعقول في تبني خطط التغيير والتوسع؛ فبين حماس الجيل الثاني وخبرة الجيل الأول يتشكل مزيجً قويً يُساهم في الحفاظ على توازن الشركة. لذلك، لا بد من وضع خطة واضحة ومفصّلة لإدخال الجيل الثاني في الشركة كمساهمين، ومن الطبيعي أن يكون هناك تباين في معايير إدخال الجيل الثاني إلى الشركة من عائلة إلى أخرى باختلاف الظروف الخاصة بكل منها.
 
يجب على المؤسس قبل اتخاذ قرار إدخال الجيل الثاني كمساهمين في الشركة، التأكد أولاً من استعدادهم لهذه المرحلة الجديدة، ويكون ذلك من خلال تحضيرهم للوصول إلى مستوى من النضج في التفكير الخاص بالشركة، إذ يجب عليهم معرفة مزايا الشركات العائلية وعيوبها، واكتساب المهارات والمعارف والخبرة اللازمة للمساهمة بفاعلية في الإدارة والعمل. ويجب التوافق بينهم على إجابة للسؤال الجوهري، هل الشركة ستخدم وتدعم العائلة أم أن العائلة هي التي ستخدم وتدعم الشركة؟ 
 
ثانياً، يجب إخضاع الجيل الثاني لفترة تدريب صارمة، لتكون هذه الفترة هي فترة انتقالية للربط بين الجيلين، يتعلم الأبناء خلالها الجدية في العمل والالتزام بالاستمرار فيه ضمن معايير وضوابط ممأسسة، ذلك أن إدخال الجيل الثاني في الشركة كمساهمين دون اتباعهم لسياسات وأنظمة الشركة؛ سينعكس سلباً على أداء الشركة بالضرورة.
 
ثالثاً، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن التوقيت الأفضل لإدخال الجيل الثاني يتباين من شركة إلى أخرى، إذ يعود ذلك إلى أوضاع الشركة، فمن الممكن إدخالهم في وقت تكون الشركة قد استقرت في سوق العمل، أو في الوقت الذي تكون الشركة بحاجة لأفكار وطاقة جديدة. ومن جهة أخرى، يعود ذلك إلى مدى درجة جهوزية الجيل الثاني للدخول كمساهمين بالشركات العائلية، وهي مسألة تتباين بين عائلة وأخرى.
 
في سياق متصل، على المؤسس إدارك أنه بمجرد اتخاذ قراره بإدخال الجيل الثاني كمساهمين في الشركة، فإنه يصبح لهم حقوق وامتيازات ثابتة وفق قانون الشركات، ومن أبرزها: 
 
1. حقوق التصويت: وفقاً للقانون فإنه يحق للمساهمين في الشركة التصويت والمشاركة في الاجتماعات، ويتم احتساب صوت المساهم بعدد أسهمه كاملة.
 
2. حق الوصول إلى المعلومات: وفقاً للقانون فإنه يحق للمساهمين في الشركة معرفة أي بيانات ذات علاقة بأي ظروف قد تؤثر على تقييم أي مسألة مدرجة في جدول الأعمال، أو يكون لها أثر في تقييم الوضع المالي للشركة، وذلك خلال اجتماعات الهيئة العامة.
 
3. حق المشاركة في توزيع الأرباح: وفقاً للقانون فإنه يحق للمساهمين في الشركة الحصول على  الأرباح المقررة سنوياً وتوزيعات الأرباح وفقاً لحصتهم في رأس المال.
 
4. حق المراقبة والمساءلة: وفقاً للقانون فإنه يحق للمساهمين في الشركة مراقبة أدائها والتحقق من تنفيذ القرارات والسياسات بشكل صحيح.
 
5. حق الطعن بقرارات الهيئة العامة: وفقاً للقانون فإنه يحق لمساهم واحد أو أكثر من مساهمي الشركة اتخاذ إجراءات قانونية للطعن بقانونية اجتماعات الهيئة العامة، أو القرارات الصادرة عنها أمام المحكمة المختصة.
التحدي الثاني: إزاحة العقبات وتخفيض التنافس. 
 
من الممكن أن يعاني مؤسسو الشركات العائلية من وجود تنافس عالٍ بين أفراد الجيل الثاني، وهو أشبه ما يكون بصراع قائم على الاستحقاق. ويؤثر هذا التنافس على أداء الشركة وينعكس بشكل سلبي عليها، لذلك يقع على عاتق المؤسس ابتداءً التأكد وجود حد أدنى من التفاهم بين الجيل الثاني من جهة، ومن جهة ثانية توجيه هذا التنافس بشكل جيد ليكون أساسه السعيّ وراء مصلحة الشركة وليس السعي على الخلافة والموقع.
 
يمكن للمؤسس أن يلجئ إلى سياسات تقوم على الانفتاح والشفافية والموازنة بين الولاء والطموح كخطوة أولى لتوجيه التنافس بالطريق المطلوب والحفاظ على مكانة وقوة الشركة؛ ويتم ذلك من خلال قيامه بالتركيز على رفع قدرات ومؤهلات الجيل الثاني من خلال التدريب والخبرة، ومنح الأبناء الصلاحيات تدريجياً، والتأكيد على أهمية قيام التعاون فيما بينهم.
 
التحدي الثالث: القدرة على حوكمة الشركة عبر تحديد الأدوار والمسؤوليات واعتماد الهيكلية المناسبة. 
إن تحقق استمرارية الشركات العائلية يقوم على حوكمتها ووضع خطة مناسبة للخلافة، ذلك أن التخطيط العمليّ لاستمرارية الشركة يساعد في تجاوز التحديات. وللوصول إلى ذلك؛ على المؤسس أن يتفحص مؤهلات وقدرات الخلفاء ليتأكد إن كانوا على جهوزية ليصبحوا "مساهمين" أم أنهم بحاجة إلى تدريب واكتساب خبرة أطول، ويجب على المؤسس خلال وضعه لهذه الخطة أن يقوم بفصل ملكية الشركة عن الإدارة بشكل استراتيجي ومناسب، مع دراسة إمكانية إدخال مساهمين ليسوا من أفراد العائلة.
 
وفي ذات الإطار، من التحديات الكبيرة التي ستواجه المؤسس؛ هي تطبيق الحوكمة، حيث أنها تقوم على التجانس بين الهيكلان الأساسيان في الشركة العائلية – الشركة والعائلة -  وكون أن الحوكمة هي التي تقوم بإدارة وتشغيل الشركة، فإن لها وجود كبير في انتقال الجيل الثاني كمساهمين، ويتمثل هذا الوجود فيما يلي: 
 
- تعزيز مستوى الشفافية والثقة بين الأجيال في الشركات العائلية.
 
- تنمية مهارات الجيل الثاني وتعزيز قدراتهم القيادية والاستراتيجية.
 
- تحقيق التوازن في الشركة، بين الشركة والعائلة. 
 
التحدي الرابع: معالجة الأخطاء وعدم إهمالها.
 
تعتبر معالجة الأخطاء وعدم إهمالها  مسألة أساسية من ممارسات الحوكمة الجيدة في الشركات العائلية، إذ يجب على المؤسس أن يقوم بوضع نظام يتم من خلاله تحديد المسؤوليات والصلاحيات بشكل واضح، لتمكنه من اتباع سياسة التقييم والمسائلة والمحاسبة في حال وجود أخطاء وتقصير في آداء الواجبات. ويجب على المؤسس عدم قبول أي ازدواج في الصلاحيات وحصرها على أصحابها. ذلك أن واحدة من أبرز إشكاليات الشركات العائلية هي وجود أشخاص فاعلين ومؤثرين لا يزورون الشركة.
 
وقد يكون من المفيد أن تتذكر أنه مهما كان التحدي الذي قد تواجهه الشركات العائلية، فقد مرّت عائلة أخرى به بالفعل، فمن الممكن أن يساعد المؤسس في تحديد المسار الصحيح، التحدث إلى العائلات الأخرى والاستماع إليهم حول  كيفية تغلبهم على تحدياتهم، أو يمكن اللجوء إلى مجلس إدارة قادر على تقديم المساعدة في مواجهة التحديات، أو من خلال اللجوء إلى مستشار قانوني خبير في معرفة تحديات وآزمات الشركات العائلية ومعالجتها. 
 
واحدة من أبرز الإشكاليات التي تواجه الشركات العائلية والأكثر شيوعاً هي الموظفون القدامى، الذين يميلون عادةً لاستخدام الطرق القديمة في العمل ويواجهون التغيير الذي تطلبه المرحلة الجديدة. بالإضافة إلى أنهم يرتبطون بالجيل القديم ويرونه أساس الشركة وعمودها، وفي المقابل يكونون أقل ثقة في الجيل الأصغر من الأبناء، فلا يتقبلون فكرة توليهم إدارة الشركة إذ يعتبرونهم أقل خبرة من استحقاق ذلك المنصب.
 
مساهمة المحامية المتدربة داليا الطويل.
Loading...