رام الله- الاقتصادي- أكد المدير العام لشركة التكافل الفلسطينية للتأمين محمد الريماوي أن الشركة تحقق حاليا نموا هو الأعلى في سوق التأمين الفلسطيني، فاللسنة الثالثة على التوالي تزيد نسبة النمو عن 30-35% في وقت يعاني فيه سوق التأمين الفلسطيني من انعدام النمو أو قلته.
وأشار الريماوي في لقاء مع "الاقتصادي" إلى أن الأرقام المالية الخاصة بأداء الشركة تعكس مدى النمو الذي تحققه، منوها إلى أن العائد على رأس المال هذ العام كان الأعلى من بين شركات التأمين، كما أن العائد على الأقساط كان الأعلى من بين الشركات أيضا وتراوح بين 12-14%، وكذلك الأرقام فيما يخص بالعائد على الموجودات وعلى حقوق الملكية.
وأكد الريماوي أن المصداقية التي تتمتع بها الشركة في سرعة تسديد التعويضات للمؤمنين، صنعت فارقا بالنسبة للشركة إذ أنها بالإضافة إلى تقديمها لخدمة التأمين التكافلي الذي يتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية إلا أنها كذلك التزمت بالمصداقية في سرعة تسديد التعويضات، ما جعل ذلك من الأسباب الرئيسية لزيادة الاقبال على الخدمات التي تطرحها الشركة.
وأضاف" النجاح الذي تحققه الشركة يعبر عن وجود سياسة اكتتابية سليمة تبعدها عن المخاطر، ومن ناحية ثانية فإن تكاليف الإنتاج أقل من تكلفة الإنتاج لدى الشركات الأخرى".
وأعلن الريماوي عن خطة تطويرية للعام المقبل تشمل التفرع خارج المدن، إذ تنوي الشركة اقامة فروع في القرى والبدات الفلسطينية الكبرى. وفيما يلي نص اللقاء:
التأمين الاسلامي..فلسفة اقتصادية مختلفة
* عالميا، هناك نمو متزايد على صعيد الاقبال على خدمات التأمين التكافلي "الاسلامي، ما هي المعطيات المتوفر لديكم و تثبت أن التأمين الاسلامي يلقى رواجا كبيرا في المجتمع الفلسطيني؟
لا شك أن سوق التأمين التكافلي على مستوى العام شهد في العقدين الأخيرين نموا مستمرا، فقد تم تأسيس 250 شركة تأمين تكافلي في العالمين العربي والاسلامي وبخاصة في دول شرق آسيا، وقد أصبحت ماليزيا عاصمة التأمين الاسلامي على مستوى العالم.
الأزمات التي مر بها النظام الرأسمالي ومن قبله النظام الاشتراكي، وتأثر الاقتصاديات العالمية بنتائج الأزمة المالية التي ضربت اسواق راس المال في العالم عام 2000، والأزمة الثانية التي حدثت في عام 2008 والتي مازال الاقتصاد العالمي يعاني من آثارها لغاية اليوم، اتجهت كثير من دول العالم بما فيها دول من أوروبا والتي تعد محور النظام الرأسمالي لفتح نوافذ اسلامية سواء على صعيد الصيرفة الاسلامية أو على صعيد التأمين الاسلامي، وكثير من شركات إعادة التأمين فتحت نوافذ لإعادة التأمين وفق أحكام الشريعة الاسلامية، وهذا بمجمله لم يكن محض صدفة بل نتيجة إدراك وقناعة هذه الشركات بأن المستقبل للتأمين التكافلي، والدليل على ذلك أن المؤسسات المالية الاسلامية كانت الأقل تأثرا بالأزمتين الاقتصاديين العالميتين اللتين تحدثت عنهما، والسبب أن صيغ التمويل الاسلامية على مستوى الصيرفة أو على مستوى التأمين مختلفة كليا عن نماذج التمويل في البنوك التقليدية وكذلك الحال بالنسبة للتأمين الذي يختلف كليا عن التأمين التقليدي.
في فلسطين، لا شك اننا جئنا متأخرين عن دول العالم الأخرى و(أن تأتي متاخرا خيرا من ألا تأتي)، ففي عام 2008 تم تأسيس شركة التكافل الفلسطينية للتأمين وبدأت تقديم خدماتها من خلال مركزها الرئيسي في محافظة رام الله والبيرة، فقد بدأت بفرع واحد واليوم والحمد لله تقدم خدماتها للجمهور الفلسطيني من خلال 22 فرعا ومركزا، بالإضافة إلى أكثر من 22 نقطة بيع في البنك الاسلامي الفلسطيني وفق اتفاقية التكافل المصرفي ، فالشركة جزء من منظومة العمل الاسلامي في فلسطين والتي تضم (شركة التكافل للتأمين والبنك الاسلامي الفلسطيني والبنك الاسلامي العربي ومؤسسة إدارة وتنمية اموال اليتامى، ومؤخرا انضمت شركة "إجارة الفلسطينية" والتي تم تأسيسها من قبل البنك الاسلامي للتنمية في جدة والبنك الاسلامي الفلسطيني، فنحن مكملون لبعض.
وعودة إلى التكافل للتأمين أشير إلى أن تأسيسها جاء بناء على دراسات جدوى تبين من خلالها أن شريحة واسعة من أبناء شعبنا تحجم عن التأمين في الشركات التقليدية لأسباب شرعية، بالإضافة إلى اختلافات كثيرة أهمها أن شركات التكافل أصبحت تشكل فلسفة اقتصادية من خلال فكرة التكافل نفسها فيما بين المساهمين باعتبارهم من قام بدفع رأس مال الشركة اي المساهمين، وحملة الوثائق "المؤمن لهم" باعتبارهم من قام بالتبرع بأقساط التأمين، فالمساهمون شركاء في الأسهم التي يمتلكونها والمؤمن لهم شركاء باعتبارهم من قاموا بالتامين لدى الشركة، وفي نهاية العام يشارك المؤمن لهم في صافي الأرباح التي تحققها الشركة، إذ أن المساهمين يقومون نيابة عن المؤمنين بإدارة المحفظة التأمينية مقابل أجر معلوم يسمى "أتعاب وكالة" والذي يتم تحديد قيمته سنويا بالاتفاق مع هيئة الرقابة الشرعية ، وما يزيد عن الأجر المعلوم " رسوم إعادة التأمين" المتعلقة بالمحفظة التأمينية تسدد منه التعويضات وصافي الفائض التأميني يعاد توزيعه مع نهاية كل سنة على المؤمن لهم، وهذا بحد ذاته عبارة عن فسلفة اقتصادية، فالمؤمن لهم كأنهم مالكون او مساهمون في الشركة.
هكذا يتم تغطية التعويضات في التأمين التكافلي
تتميز فلسطين للأسف بارتفاع نسبة حوادث السير فيها مقارنة مع عدد السكان على مستوى العالم، فنحن من بين أعلى خمس دول عربية تسجيلا لحوادث السير، وهذا مرده إلى أسباب كثيرة من بينها عدم وجود بنية تحتية وطرق مؤهلة وبيئة مرورية ومجموعة تشريعات تحدد قوانين السير وهامش محدود من الحركة بفعل الاحتلال وإجراءاته، وقد يحدث بسبب ارتفاع نسبة الحوادث في فلسطين أـن ترتفع قيمة التعويضات الناجمة عنها ما يؤدي إلى عجز في صندوق المتكافلين، وهذا العجز يتم تسديده من خلال قرض حسن من قبل المساهمين(هناك حسابان واحد للمساهمين وآخر للمتكافلين)، ففي احدى السنوات قد يكون هناك فائضا في حساب المتكافلين وقد يكون عجزا، ففي حالة الفائض يوزع على المؤمن لهم أنفسهم، وفي حالة العجز يتم إعطاء قرض حسن من صندوق المساهمين يسدد في السنوات اللاحقة التي يكون فيها فائض، مع الإشارة إلى أن القرض يمنح دون اية عائد "فوائد".
برنامج التأمين التكافلي العائلي
المجالس الفقهية في العالم الاسلامي تعاملت مع التأمين على الحياة بحساسية مطلقة وقامت بتحريمه بشكل مطلق، وهذا دفع منظمة المؤتمر الإسلامي إلى تكليف مجالس فقهية لبناء برامج (تأمين على الحياة) تنسجم وأحكام الشريعة الاسلامية الغراء، فتم استحداث ما يعرف بـ"التكافل العائلي" الفردي والجماعي، فإما يؤمن الفرد بنفسه أو أن تقوم المؤسسة بتأمين جماعي للعاملين فيها، وبناء على تواصلنا مع شركات تأمين اسلامي في العالم الاسلامي وفي ماليزيا تحديدا، استطعنا أن نحصل على البرامج المختلفة التي تم استحداثها في مجال (التأمين على الحياة) والتي تتناسب ومستوى الدخل لدينا.
المؤن لهم في هذا التأمين يشاركون في صافي الأرباح، عدا عن الجوانب الشرعية والتي يكون فيها قسط التأمين تبرعا ولا يوجد فيه غرر، فالضامن للأعمار هو الله عز وجل، وهنا تأمن الأسرة بعدم انقطاع دخل في ظل وفاة المعيل.
فقد تم استحداث أكثر من برنامج، منها "حصن" و"سنابل" و"تكافل فردي" و"تكافل جماعي" وكلها تتناسب ومستوى الدخول الاقتصادية في فلسطين، وسيتم الترويج عن هذه البرامج في وقت لاحق.
الرقابة الشرعية..متطلب أساسي
في التأمين الاسلامي تعدّ هيئة الرقابة الشرعية متطلبا أساسيا وقانويا، إذ ينص عليه في القانون والنظام الداخلي للشركة، فهيئة الرقابة الشرعية يجب أن تكون مشكلة ممن هم ضليعون في الفقه والتشريع، ويكون أعضاؤها من خارج الشركة، وتقوم بمراقبة جميع أعمال الشركة وتراجع العقود، للتأكد من سلامة العمل وتوافقه مع أحكام الشريعة الإسلامية، إذ لا تجيز تأمين أي شيء تشوبه الربا أو فيه شبهة حرام.
صندوق المتكافلين
كما ذكرت سابقا، قد يحدث أن يكون هناك فائضا في صندوق المتكافلين، يعاد توزيعه على حملة الوثائق الذين قاموا بالتأمين لدى الشركة على مدار سنة كاملة، ويشارك كل واحد منهم بأقساط متفاوته، فقد تجد أحدهم يبلغ قسطه ألف شيقل، وآخر لديه مؤسسة يتجاوز قسطها الـ 100 ألف شيقل، فتكون حصته من الفائض نسبة إلى قيمة قسطه المدفوع، وهنا تخلق ثقافة مفادها أن المؤمن لهم هم شركاء في الشركة، فكلما قل حجم التعويضات المدفوعة زاد الفائض التأميني وبالتالي زاد أرباح المؤمن لهم ، فطالما أنك مستفيد من الفائض التأميني ستكون حريصا على مصلحة الشركة، من خلال الحرص على ممتلكاتك المؤمنة بحيث لا يصيبها الضرر.
مصداقية التأمين وسرعة التعويضات
التأمين مصداقية، فوثيقة التأمين ليست إلا ورقة تحمل البيانات الفنية للمركبة واسم المؤمن له وعنوان ورقم تلفون، ولكن ثمنها كبير، تتجلى مصداقية الشركة عند وقوع الحوادث، فالمرآة التي تعكس سمعة الشركة ايجابا او سلبا هي سياستها في تسديد التعويضات عن وقوع الحوادث، وللأسف تجد هناك من يسوف ويماطل في تسديد حقوق العباد عند وقوع الحوادث، وهذا خطأ ينعكس سلبا على سمعة اية شركة.
نحن منذ اليوم الأول الذي انطلقت فيه الشركة، كان من ضمن سياساتنا وفلسفتنا في الإدارة أن نبدأ من حيث انتهت الشركات الأخرى، فلا نريد أن نعيد تجارب الآخرين، فالمصداقية هي في سرعة تسديد التعويضات للمؤمن لهم، وبالفعل هذه الميزة صنعت فارقا بالنسبة لشركة التكافل بالاضافة إلى الجانب الشرعي، فإنها كانت من الأسباب الرئيسية لزيادة الاقبال على الخدمات التي تطرحها الشركة.
الأرقام تتحدث
شركة التكافل الفلسطينية للتأمين تحقق نموا هو الأعلى في سوق التأمين الفلسطيني، فاللسنة الثالثة على التوالي تزيد نسبة النمو عن 30-35% في وقت لا يوجد نمو في سوق التأمين الفلسطيني، وإن وجد فهو نسبة بسيطة لا تتجاوز في أحسن الأحوال 5%.
من ناحية أخرى، فإن العائد على رأس المال كان الأعلى من بين شركات التأمين، كما أن العائد على الأقساط كان الأعلى من بين شركات التأمين وتترواح بين 12-14%، مع الإشارة إلى أنه إذا بلغ العائد على الأقساط نسبة 8% فإنها تعتبر ممتازة لأن التأمين منتج خطر وهامش الربح التشغيلي فيه محدود، وكذلك الأرقام فيما يخص بالعائد على الموجودات وعلى حقوق الملكية.
*قبل فترة وجيزة صدرت بيانات الربع الثالث عن العام الحالي..ما هي قراءتكم لتلك البيانات؟
الأرقام تؤكد أن شركة التكافل الفلسطينية للتأمين الأكثر تحقيقا للربح بين شركات التأمين السبع الموجودة في فلسطين، بالرغم من أن محفظتنا الإنتاجية لم تكن الأولى، فالبنسبة لحجم الأقساط احتلت الشركة المرتبة الرابعة، لكنها الأكثر تحقيقا للربح، معنى ذلك أن هناك سياسة اكتتابية سليمة تبعد الشركة عن المخاطر، ومن ناحية ثانية أن تكاليف الإنتاج أقل من تكلفة الإنتاج لدى الشركات الأخرى.
التأمين في عالم الاستثمار يعتبر استثمارا طويل المدى، ولا يمكن أن تولد ثقة لدى الجمهور في فترة قصيرة، في السنين الأولى لاطلاق الشركة خدماتها لم تكن حصتنا السوقية تتجاوز الـ2-3%، أما حاليا فبلغت حصتنا السوقية نحو 15%، وهذه نسبة ممتازة في فترة زمنية قياسية، مع الإشارة إلى أن الشركة انطلقت في عام 2008.
سهم الشركة في البورصة
رأسمال الشركة 8,5 مليون دولار، اي ما يعادل 8,5 مليون سهم، وهناك طلب متزايد على سهم الشركة وبامكانكم أن تتأكدوا من هذه المعلومة من شركات الوساطة المالية، فهناط طلب كبير على اسهم الشركة ولا يوجد عرض، فحجم التداول على سهم الشركة هذا العام لم يتجاوز 150 ألف سهم، رغم الطلب الكبير ، وأود أن اشير إلى أن القيمة السوقية للسهم ارتفعت منذ بداية العام الجاري بنسبة تزيد عن 50% فقيمة السهم مع نهاية العام الماضي كانت 1.36 دولار واليوم وصل سعر السهم 2.04 دولار. من خلال البورصة يستطيع أي مستثمر أن يقرأ المؤشرات ويراقب البيانات، بالإضافة إلى قيام شركات الوساطة المالية بإعداد تقارير أداء لكل القطاعات المدرجة في البورصة. وفي العام الماضي وزعنا على المساهمين ما نسبته 15% من قيمة الأرباح وهذه نسبة عالية، وأتوقع أن تكون العوائد والتوزيعات هذا العام ممتازة، وكل ما سبق يؤشر بصورة واضحة إلى التقدم الذي تحققه الشركة.
خطة للتفرع في القرى والبلدات
سنتجه في العام المقبل إلى التفرع خارج المدن، فالقرى والتجمعات الفلسطينية بحاجة للخدمات التأمينيية والمصرفية، وقد ثبت أن الخدمات المقدمة في الريف تحقق نجاحا كبيراً، فالريف فقير من ناحية هذه الخدمات، كما أن سكانه يتجهون أكثر إلى المحافظة والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، ولذلك سنفتتح فروعا في البلدات الفلسطينية الكبيرة .
فكرة التكافل ثبت نجاعتها
تجربة التكافل الفلسطينية للتأمين تجربة ناجحة، وفكرة التكافل ثبتت نجاعتها، والنتائج اتي تحققها الشركة تعكس مدى إقبال الشارع الفلسطيني على فكرة التأمين التكافلي، والدليل على ذلك النمو يكمن في حجم الأقساط التي تجبيها الشركة والتي تزيد عاما بعد آخر، وهذا مرده إلى الجانب الشرعي في التأمين الإسلامي، بالإضافة إلى مصداقية الشركة في الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن لهم في تسديد التعويضات، وأنا اؤكد أن التأمين التكافلي اخذ في الاتساع ليس على مستوى فلسطين فحسب، بل على المستويين العربي والاسلامي، ومن المفارقات العجيبة أن بريطانيا التي كانت الامبراطورية التي لم تغب عنها الشمس، الآن تزاحم كوالالمبور ودبي كي تكون لندن عاصمة رأس المال الإسلامي، وهناك احصائية تظهر أن مؤسسات مالية تعمل على استثمار أصول مالية في العالم وفق أحكام الشريعة الاسلامية بحوالي 2 تريليون دولار.