تسبب إسقاط الطائرة الروسية بنيران تركية على الحدود مع سوريا بحالة من الفوضى والتوتر في أسواق الأسهم والمال والسلع طوال يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط حالة من الترقب لردود الأفعال في المنطقة، بما فيها الرد الروسي المحتمل على إسقاط الطائرة المقاتلة من طراز "سوخوي 24" والمخاوف من توسع رقعة المواجهة العسكرية في المنطقة.

ومنيت أسواق الأسهم في أوروبا وروسيا وتركيا وبعض الأسواق الأخرى في العالم بخسائر حادة الثلاثاء نتيجة ارتفاع وتيرة المخاوف من تطور الموقف بما يؤدي الى حرب شاملة في المنطقة، فيما عادت أسواق الأسهم لترتفع الأربعاء بعد أن تراجعت حدة المخاوف من أن تتجه روسيا نحو التصعيد العسكري، فيما كانت أسواق الذهب والنفط على النقيض حيث ارتفعت الثلاثاء واتجهت نحو الخسائر الأربعاء بسبب التوتر في المنطقة.

وفسر محلل مالي تحدث لـ"العربية نت" مخالفة النفط لاتجاه الأسهم بالقول إن "روسيا التي تعتبر أكبر منتج للنفط في العالم من خارج منظمة أوبك تسببت بحالة خوف كبيرة في أسواق الطاقة، حيث أن دخولها في أي مواجهة عسكرية قد يؤدي الى تهديد إمدادات النفط، وهو ما أدى الى ارتفاع الأسعار الثلاثاء بأكثر من 3%، ومع تراجع حدة المخاوف الأربعاء عاود النفط الهبوط وفقد نحو 2%، أي أنه فقد جزءاً كبيراً من المكاسب التي حققها الثلاثاء".

وبحسب المحلل فان أسعار الذهب أيضاً ارتفعت مدفوعة بالتوترات بين روسيا وتركيا، حيث أن الكثير من المستثمرين والمحافظ لجؤوا الى الهروب من أسواق الأسهم ذات المخاطر العالية الى المعدن الأصفر الذي يمثل الملاذ الآمن في حال الاضطرابات السياسية والعسكرية.

بورصة اسطنبول

وأسقطت مقاتلات حربية تركية طائرة عسكرية روسية فجر الثلاثاء، وهو ما دفع موسكو الى إرسال تحذير شديد اللهجة الى أنقرة حيث قالت إن الحادث سوف يكون له "عواقب وخيمة"، إلا أن روسيا عادت وخففت من لهجتها الأربعاء وقالت إنها سترد في حال تكرر المشهد، وهي تصريحات فهمها المراقبون على أنها تتضمن تخفيفاً من الجانب الروسي، وأن موسكو لن ترد على هذا الحادث.

وخسرت بورصة اسطنبول أكثر من 4% من قيمتها السوقية الثلاثاء مع ارتفاع المخاوف من تورط تركيا في مواجهة عسكرية اوسع مع روسيا، أو تورطها داخل الأراضي السورية، او تعرضها لرد فعل عنيف من قبل روسيا، كما منيت البورصة الروسية بخسائر مشابهة تقريباً حيث تراجعت بنسبة زادت عن 3.5% الثلاثاء، كما تأثرت البورصات الأوروبية هي الأخرى، حيث منيت الأسواق الثلاثة الأكبر في أوروبا بخسائر تجاوزت الواحد في المئة، حيث تراجع مؤشر "فوتسي" في لندن بنسبة 1.2%، وتراجع "داكس" الألماني بنسبة 1.4%، وتراجع "كاك" الفرنسي بنسبة 1.9%.

وعوضت أسواق الأسهم الرئيسية غالبية خسائرها الأربعاء، فيما خسرت أسعار النفط والذهب أغلب مكاسبها، حيث تراجع الخام الأمريكي وخام برنت بنحو 2% في تداولات الأربعاء بعد مكاسب بنسبة 3% الثلاثاء، أما الذهب فسجل تراجعاً طفيفاً مع تفضيل الكثير من المستثمرين التمسك بمراكزهم فيه خوفاً من عودة التدهور في الوضع على الحدود التركية السورية.

يشار الى أن لدى روسيا وتركيا روابط تجارية بالغة الأهمية والقوة، حيث أن 60% من واردات الطاقة التركية تأتي من روسيا التي تعتبر من أهم منتجي النفط والغاز في العالم، فيما تتهم موسكو تركيا بأنها تشتري النفط السوري المهرب من تنظيم "داعش" بأسعار زهيدة بدلاً من أن تشتريه بسعره الطبيعي من الأسواق العالمية.