تشير العديد من الدراسات إلى أن الوطن العربي ما زال مُرشحاً لاستهلاك كميات أكبر من لحوم الدواجن، في ظل الزيادة المُستمرة في التعداد السُكاني. ولعل أبرز العوامل المُشجعة على الاستثمار في الدواجن بخلاف انخفاض المصروفات، هو ارتفاع العوائد الاستثمارية التي تصل في بعض أسواق المنطقة إلى 50%. ولكن في الجهة المُقابلة تتسم مزارع الدواجن بمخاطر مُرتفعة، ولذا تضع "العربي الجديد" أمامك الخطوات التي ستقودك إلى الاستثمار في هذا القطاع، بأقل مخاطر وأعلى استفادة ممُكنة.
القاهرة: سرعة الأرباح
تلقى تربية الدواجن إقبالاً كبيراً من جانب الشباب في مصر، إلى درجة جعلت المزارع الصغيرة تستحوذ على أكثر من 70% من إنتاج اللحوم البيضاء، بل إن الإنتاج اليومي الذي يصل إلى 1.6 مليون دجاجة لا يكفي احتياجات المواطنين.
"هذه الإحصائيات مشجعة للاستثمار، خاصة أن المشروع لا يتطلب أموالاً كثيرة، وفي المقابل يحتاج إلى الكثير من الحرص" بحسب حسين محمود، صاحب مزرعة دواجن.
ويقول محمود إن "أولى خطوات الحذر تكمن في عدم شراء أرض وبناء مزرعة أو شراء مزرعة جاهزة في البداية، إذ من الأفضل استئجار مزرعة دواجن مُجهزة، حتى تتمكن من السيطرة على الخسائر إذا كنت تفتقر إلى الخبرات الكافية".
ويوضح أنه يمكن استئجار مزرعة بمساحة 500 متر تدور حول 3500 جنيه، على أن تقع في أطراف المدينة، بعيداً عن الكتلة السكنية. وفي نفس الوقت ينبغي أن تكون قريبة من شبكة الطرق. "هذه المساحة ملائمة لاستيعاب ألفي صوص (كتكوت) بتكلفة 5 آلاف جنيه، تستهلك أعلافاً تصل كُلفتها إلى 75 ألف جنيه شهرياً، وهي مرشحة للزيادة باستمرار، بخلاف رصد 5 آلاف جنيه للأدوية والعقاقير"، والحديث لمحمود، في حين لا تتطلب العمالة كثيراً، حيث يكفي وجود عاملين براتب 1500 جنيه، والتعاقد مع طبيب بيطري غير متفرغ للإشراف على المزرعة مقابل 1000 جنيه، إلى جانب رصد 400 – 500 جنيه مصروفات المرافق و500 جنيه مصروفات نقل.
وبناءً على هذه المؤشرات تصل كُلفة إدارة المزرعة شهرياً إلى 88.5 ألف جنيه ( 11ألف دولار أميركي".
ووفقًا لصاحب المزرعة، فإن دورة التربية تستغرق 45 يوماً لإنتاج دجاجة بوزن 2300 – 2500 غرام، وتصل عدد دورات الإنتاج إلى 6 دورات وتحقق إجمالي الدورات بعد حساب الدورات الخاسرة أرباحاً تقدر بـ 50%، أي يُمكن تغطية المصروفات في غضون عامين.
عمّان: توسع مُلفت
تشهد مزراع الدواجن توسعاً كبيراً في الأردن، إذ تتجاوز 3000 آلاف مزرعة باستثمارات تصل إلى 1.410 مليار دولار. وتزداد شهية التوسع في المزارع مع ارتفاع تعداد المقيمين من 6.5 ملايين نسمة في 2013 إلى 11 مليون نسمة الآن مع توافد النازحين من سورية والعراق وغيرها إلى الأردن.
وبحسب دراسات الجدوى فإن كلفة استئجار المزرعة تتراوح بين 800- 900 دولار. ولكن الأهم من الكُلفة هو اختيار المزرعة المُناسبة، وخصوصاً من حيث المكان.
وشددت الدراسة على توفير تهوية جيدة عبر إقامة مجموعة نوافذ يفصل بين كل نافذة والأخرى 70- 90 سنتيمتراً.
وبحسب الدراسات، فإن تكلفة شراء الصيصان والأعلاف تتراوح بين 6000 – 6500 دولار، وذلك في ظل تحديد وزارة الصناعة سعر توريد الأعلاف بـ 297.5 دولاراً.
ولن تتجاوز مصروفات العمالة والخدمات البيطرية حاجز 1200 دولار شهرياً، بخلاف 1500 دولار للأدوية والتدفئة ورسوم المرافق والنقل، أي أن إجمالي مصروفات المشروع تصل إلى 10100 دولار.
غزة: إقّبال سُكاني على المزارع
وسط الحصار المفروض على قطاع غزة، تبرز على السطح المشاريع البسيطة، التي تلعب دوراً هاماً في سد الاحتياجات الغذائية. وتأتي على رأسها مزارع الدواجن، ونظراً لأن قطاع غزة انفرد خلال الأعوام الماضية بمخاطر استثنائية بسبب الغارات الإسرائيلية، يفضل تقليص المخاطر عبر الاكتفاء بمزرعة صغيرة تستوعب ألف صوص،وعلى إثرها سينخفض إجمالي التكاليف إلى 5 آلاف دولار.
ولكن، في المُقابل، في إمكانك الاستفادة من عدة مبادرات إقليمية لتمويل المشاريع الصغيرة، مثل المُبادرة العمانية الأهلية لمناصرة فلسطين، التي وفرت قروضاً مالية. وتنصح دراسات الجدوى بأن يُحدد صاحب المشروع نمط التسويق، الذي يُفضله الموزع أو المُستهلك قبل بداية المشروع، حيث قد تُباع الدواجن حية أو كذبائح طازجة أو مُجمدة.
الجزائر: الاستهلاك المحلي في الصدارة
"تنتشر مزارع الدواجن بين أبناء الريف في الجزائر، فهُم يقومون باستئجار مزارع صغيرة المساحة تستوعب على أقصى حد 5 آلاف صوص، وذلك للاستفادة من ارتفاع الاستهلاك الداخلي للحوم البيضاء" وفقًا للخبير الاقتصادي، محمد حميدوش.
وبحسب حميدوش، فإنه بالنسبة للمَزارع المجهزة لاستيعاب ألفي صوص، تتراوح كُلفة الإيجار وشراء الصيصان بين 1200- 1400 دولار.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن بقية التكاليف الرئيسية تتمثل في 3 عناصر هي الأعلاف والأدوية والعمالة، وهي مصروفات تتراوح بين 6 و7 آلاف دولار، في حين تبلغ كُلفة رسوم المرافق والنقل في حدود 400 – 500 دولار.
وفي ظل هذه المصروفات تصل كُلفة إدارة المزرعة إلى 7900 دولار، إلا أن حميدوش حذر من المخاطر المُرتفعة لهذه الصناعة حيث تؤدي درجات الحرارة العالية إلى نفوق دورة على الأقل من دورات تربية الدواجن.
تونس: بوابة للتصدير الأوروبي
ووفقًا للخبير الجزائري، حميدوش، فإن تكاليف استئجار وتشغيل المزرعة في تونس الخضراء تزيد قليلاً عن السوق الجزائرية، إذ لن تتجاوز حاجز 9 آلاف دولار. ولكنْ، هناك ميزتان تتوفق فيهما تونس، يحددهما حميدوش في اعتدال درجات الحرارة بما يوفر بيئة ملائمة لتربية الدواجن وتقليل مُعدل نفوقها، علاوةً على توجيه جانب من الإنتاج إلى أوروبا، لتكون منفذًا إضافيًا للمزارع الكبيرة لتسويق إنتاجها.
الخرطوم: مستقبل الدواجن عربيًا
هل يمكن أن يتضاعف حجم الإنتاج في الدواجن 4 مرات دفعةً واحدة؟ هذا ما حدث بالفعل في السودان، حين أعلنت وزارة الثروة الحيوانية والسمكية والمراعي عن ارتفاع إنتاج البلاد من 20 ألف طن إلى 80 ألف طن في 2014.
وإذا كُنت تتساءل عن فرص الاستثمار في مزارع الدواجن، فمن الناحية الاقتصادية، يحظى المشروع بفرص نجاح مرتفعة. فالدولة تستهدف رفع معدل استهلاك المواطن من كيلوغرام واحد سنوياً إلى 5 كيلوغرامات، وذلك فضلاً عن أن سعر بيع كيلو الدجاج في السوادن يعتبر من بين أعلى الأسواق في المنطقة إذ يصل إلى 5 دولارات.
ولكن على الجانب الآخر، تشبه السوق السودانية جارتها المصرية من حيث تقلب أسعار الأعلاف، التي تشكل أكثر من 70% من التكاليف، وهو ما يجعل كُلفة استئجار وتشغيل مزرعة دواجن مُشابهة لمصر تدور بين 10- 11 ألف دولار أميركي.
ولا تنسى أن هناك مخاطر إضافية يواجهها أصحاب المزارع السودانية، تتعلق بارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الأوبئة من حين لآخر في بعض المناطق، مما يتطلب توفير نظام تهوية جيد، وتدقيق الاختيار لموقع المزرعة.