رائد محمد حلس
على الرغم من أن القطاع الزراعي يشكل أهم دعائم الاقتصاد الوطني, إلا أن هذا القطاع مهمش ويعاني من الإهمال نتيجة العديد من الأسباب والتي أدت إلى تراجع القطاع الزراعي, حيث أن معظم هذه الأسباب تعود إلى الإجراءات والتشوهات التي تعرض لها القطاع الزراعي نتيجة الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 ولغاية الآن.
ومنذ قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية فقد طغت الاحتياجات والقضايا السياسية والأمور الحياتية والخدماتية العامة على الاهتمام بالقطاع الزراعي, ومثل ذلك بشكل أساسي في محدودية الموزانات والمخصصات التي تضعها السلطة الوطنية الفلسطينية للزراعة, حيث لم تصل حصة القطاع الزراعي من الموازنة بعد إلى 1%, إذ بلغت حصة القطاع الزراعي من الموازنة 0.65% في عام 1994 لتصل إلى 076% في عام 2015.
لم يكن ضعف حصة القطاع الزراعي من الموازنة هو السبب الوحيد في تراجع القطاع الزراعي, فإلى جانب ضعف حصة القطاع الزراعي من الموازنة هناك أسباب أخرى تقف وراء تراجع القطاع الزراعي, إذ أن من المعوقات الرئيسية للاستثمار في هذا القطاع تندرج تحت إطار ضعف التمويل, حيث يقدر الطلب على القروض الزراعية بحوالي 200 مليون دولار بينما المتاح منها لا يتعدى 30% فقط (حسب وزارة الزراعة).
إضافة إلى إجراءات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في السيطرة على المناطق "ج" في الضفة الغربية والتي تشكل 61% من مساحة الأراضي الفلسطينية, حيث تتركز الأراضي الزراعية في هذه المناطق, ومنع استخدام المزارعين من استخدام مساحات كبيرة في قطاع غزة من خلال إقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود في قطاع غزة , هذه القيود التي يضعها الاحتلال تمنع استغلال الأراضي الزراعية في الأراضي الفلسطينية مما يؤثر على الاستثمار في هذا القطاع, والاعتداءات على المزارعين, ومصادرة الأراضي أو تجريفها, وحرق الأشجار ومنع الصيادين من تجاوز 3 ميل فقط للصيد البحري, ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم بسبب جدار الفصل العنصري, وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على ما نسبته 85% من مصادر المياه, وتراجع المساحات الزراعية بفعل التمدد العمراني من قبل المواطنين.
كما أن تحكم الاحتلال الإسرائيلي في دخول مستلزمات الإنتاج الزراعي للأراضي الفلسطينية ومنع العديد منها بحجج واهية وبالتالي ارتفاع أسعار تلك المستلزمات.
إن هذا التهميش والإهمال إذا استمر فإن النتيجة واضحة, فاتورة غذاء تضاهي فاتورة النفط, أراض مهملة ومتروكة, وسينجم عن ذلك مشاكل اقتصادية واجتماعية وبيئية وسياسية قد لا يمكن التعامل معها, أو أن التعامل معها وإصلاحها سيكلف أضعاف ما يتطلبه تطوير وتنمية هذا القطاع.
لذلك فإن تنمية وتطوير هذا القطاع يتطلب خطوات تبدأ بزيادة حصة القطاع الزراعي من الموازنة ومن ثم زيادة مساحة الأراضي المستصلحة للزراعة وعدم التعدي على الأراضي الزراعية, والعمل على إنشاء شركة تسويق وطنية تتولى موضوع المنتجات الزراعية وتصديرها للخارج, والسعي إلى فتح أسواق خارجية أمام السلع الزراعية الفلسطينية من خلال عقد اتفاقيات تجارية ثنائية مع الدول الأجنبية لتسهيل عملية التصدير.
بقلم/
رائد محمد حلس
باحث وكاتب في الشؤون الاقتصادية
غـــزة - فلسطين