تسبب احتكار الدولة لمادة الكحول اللازمة لإنتاج المواد العطرية، في توقف العديد من الوحدات الخاصة لإنتاج العطور وتسريح عمالها، ناهيك عن استيراده وبيعه لأصحاب الوحدات الإنتاجية بأسعار باهظة جدا مقارنة بسعره في السوق العالمية.
وحسب بعض منتجي العطور بالوادي، في تصريحات لصحيفة "الخبر"، فإن وحداتهم تعاني منذ شهور ندرة حادة في مادة الكحول الذي مازالت الدولة تحتكره وتستورده من بعض البلدان الأوروبية.
وأكدوا أن تأخر عملية تزويدهم بمادة الكحول التي طال أمدها منذ شهور، أحدثت لهم أضرارا بليغة في إنتاجهم وكساده، حيث قامت عدة مصانع إنتاجية بتسريح عمالها، فيما لجأ البعض الآخر إلى توقيف نشاط العمال مع دفع أجورهم بانتظار حلول الفرج.
وأوضح هؤلاء أن السعر العالمي للتر الواحد من مادة الكحول خارج الضريبة لا يتجاوز 80 دينارا جزائريا، بينما تبيعه مصلحة الكحول التابعة للمديرية العامة للضرائب بعد استيراده بسعر 145 دينارا، مشيرين إلى أن ارتفاع السعر إلى هذه الدرجة يجعل العديد منهم يفكرون بتحويل وحداتهم الإنتاجية إلى بلدان خارج الوطن للاستثمار هناك للاستفادة من انخفاض السعر، ثم لاحقا تصدير منتوجاتهم العطرية إلى الجزائر، على غرار الكثير من المنتجين من خارج الوطن، حيث يقوم المستوردون باستيراده ثم بيعه داخل الجزائر بأسعار أقل من أسعارهم، ما جعل الإنتاج الوطني للعطور يتحطم ويتلقى ضربات موجعة جراء منافسة أسعار العطور المستوردة.
واعتبر المعنيون أن هذا الوضع المتدهور لإنتاج العطور الجزائرية لا يبشر بمستقبل واعد لإنتاجها محليا، مع إمكانية تصديرها للخارج وجلب العملة الصعبة، ما دامت الجزائر هي الوحيدة في الفضاء المتوسطي التي مازالت تحتكر بيع كحول العطور دون حتى توفيره بالكميات اللازمة في السوق وتركته في أيدي السماسرة ليحددوا أسعاره كما يريدون.
وحسب عدد من المنتجين، فإن الجزائر ورثت من فرنسا النظام الضريبي وعرف عدة تغييرات وتعديلات، إلا ما تعلق بمادة الكحول الموجه للعطور فإن الأمر ظل على حاله للأسف، كما قالوا، رغم أن من أنشأ نظام حركة الكحول وهو فرنسا قد تخلى عنه لصالح الخواص وأبقى فقط على عملية مراقبته من بعيد. وتساءل هؤلاء المنتجون عن المستفيد من تعطيل منتجي العطور الجزائريين وتسريح العمال، إذا لم يكن ذلك لصالح المستوردين وغلق أبواب الاستثمار المحلي في وجه المستثمر الجزائري.