قد تتسبب الشخصيات المتأخرة بشكل مستمر عن مواعيدها أو عن تسليم مهامها بالإحباط لنفسها ولمن ينتظرها. ولهذا حاول علماء النفس الاجتماعي تفسير هذه الظاهرة، واستكشاف إن كانت تعد جزءاً من الصفات الشخصية أم أنها خطأ في التصرف يجب تصحيحه.
وفي هذا السياق أوضح بروفيسور جستين كروغر، من جامعة ستيرن، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن التفسير الأساسي والمعروف لهذا التصرف يعتبر بسيطاً لكنه غير كافٍ؛ وهو أن هؤلاء الناس يسيئون تقدير المدة التي يتطلبها إتمام مهمة معينة، وهو ما يسمى علمياً بـ"مغالطة التخطيط".
لكن الخبراء كشفوا عن تفسير أكثر دقة وذي علاقة مباشرة بصفة من الصفات الشخصية للإنسان؛ وهي الهدوء والاسترخاء. فبحسب دراسة أجراها بروفيسور كروغر، تكون الشخصيات الهادئة أكثر احتمالاً لانتهاك الوقت وعدم الالتزام بالمواعيد، في حين تكون الشخصيات الأكثر تركيزاً وعصبية أكثر سرعة في تدبر أمورها وتنفيذ خططها.
وأضاف القائمون على الدراسة أن "مغالطة التخطيط" هي ظاهرة يكون فيها الإنسان غير قادر على توقع الوقت المحدد اللازم لإنهاء مهمة معينة، أو يكون متفائلاً بشكل خاطئ بأنه يستطيع أن ينهي مهامه في الوقت المطلوب. وذكرت الدراسة بأنه من الصعب جداً تغيير هذه العادات، حتى عن طريق استخدام العقوبات كوسيلة لمنعهم من التأخر.
وقال روجر بوهلر، البروفيسور في علم النفس من جامعة "ولفريد لورير" في ووترلو، إن غالبية الناس يسيئون تقدير الوقت اللازم لإتمام مهمة ما بنسبة خطأ تبلغ 40%؛ أي أن ما يظن أنه يستطيع فعله خلال ساعة لا يتمّه قبل مرور ساعة و40 دقيقة.
ويذكر أن الدراسة التي تم نشرها بمجلة "هيومان بيرفورمانس" اعتمدت على 181 شخصاً يعملون في مترو الأنفاق بمدينة نيويورك، وكشف من خلالها أيضاً أن الأشخاص المعتادين على القيام بأكثر من مهمة في الوقت نفسه، يتأخرون أكثر من أولئك الذين يركزون على مهمة واحدة، كما أن الهادئين كانوا أقل انضباطاً.
وبحسب تجربة سابقة أجريت عام 2001، قدّرت مجموعة "الهادئين" الدقيقة الواحدة بـ77 ثانية، في حين قدّرت مجموعة "محدّدي الهدف" الدقيقة الواحدة كأنها 57 ثانية؛ أي أقل ممّا هي في الحقيقة؛ ممّا يعني أنهم يتمون المهام بشكل أسرع من المجموعة الأولى.
وفي دراسة أخرى أجرتها البروفيسورة لورينس واينت، وُجد أن الموظفين الآباء أو الأمهات هم الأكثر تأخراً عن الدوام، كما أن هناك عوامل أخرى للتأخر نابعة عن العمل نفسه، مثل عدم الرضا عن العمل ومهارات التنظيم السيئة.
وفي محاولة لإيجاد حلول للتحسين من قدرات الناس على تقدير الوقت والالتزام به، قام بروفيسور كروغر بدراسة استنتج منها أن تدريب الناس على تقسيم مهامهم إلى قطع صغيرة يجعلهم يقدرون الوقت بشكل أدق، كما يمكنهم الاستفادة من تجاربهم في مهام شبيهة سابقة.
- إحصائيات تويتر
قام موقع تويتر عام 2013 برصد تغريدات الناس حول تأخرهم عن العمل، فوجد أن وسط الأسبوع (الأربعاء، الخميس) هي أكثر الأيام التي يتأخر فيها الموظفون خلال شهر يوليو/ تموز، في حين يتأخرون يوم الجمعة في شهر يناير/ كانون الثاني. من ناحية أخرى غرد الناس بعبارات كئيبة وحزينة أكثر في أيام الأحد من شهر ديسمبر/ كانون الثاني، وأيام الاثنين الباردة من شهر أكتوبر/ تشرين الأول.