الاقتصادي: مع قرب صدور قانون جديد لقانون ضريبة القيمة المضافة في الأراضي الفلسطينية، نقدم لكم شرحا حول هذه الضريبة التي سيدخل عليها تعديلات كثيرة في القانون الجديدة، من شأنها زيادة الإيرادات على نحو ملحوظ، وتحقيق "العدالة" الضريبية، من خلال تسجيل جميع القطاعات الاقتصادية في سجلات الضريبة، كما تقول وزارة المالية الفلسطينية. نسبة الضريبة لن تكون ثابتة عند 16%، وإنما ستكون هناك "عتبات"، بحيب يمكن تخفيض هذه النسبة على بعض السلع.
ضريبة القيمة المضافة، هي ضريبة غير مباشرة تفرضها الدولة على استهلاك معظم السلع والخدمات، وتقع على كاهل المستهلك النهائي، بينما تؤدي الشركات دور الوسيط بين الدولة والمستهلك في تحصيل هذه الضريبة.
وتعد ضريبة القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة لأنه لا يتم تحصيلها مباشرة من الدولة، كما هو الشأن بالنسبة للضريبة على الدخل، وإنما تقوم الشركات بتحصيل مبالغ الضريبة ودفعها إلى الدولة بعد خصم المبالغ التي أدتها هي نفسها عن مشترياتها من السلع والخدمات لباقي الشركات.
محطات تاريخية
تعد فرنسا أول دولة فرضت ضريبة على القيمة المضافة، وكان ذلك عام 1954 بعد عدة تعديلات أُجريت على الضرائب على الاستهلاك التي كانت سائدة من قبل.
وكانت أول ضريبة على الاستهلاك أُحدثت عام 1917، وكان معدلها 0.20% فقط، ثم رفعت إلى 1% عام 1936 و6% عام 1948.
وتطورت الضرائب على الاستهلاك في مختلف أرجاء أوروبا والولايات المتحدة منذ بداية القرن العشرين، لكن كانت للفاعلين الاقتصاديين بهذه البلدان عدة مآخذ على هذا النوع من الضرائب.
ومن العيوب التي تؤخذ على ضرائب الاستهلاك أنها تخلق تمييزا ضريبيا لصالح الشركات المندمجة التي تنتج داخليا الجزء الأوفر من القيمة المضافة لمنتجاتها، فتقل بذلك فرص التعامل التجاري مع الشركات الأخرى التي قد لا تحصل إلا نادرا، وتقل بالتالي مبالغ الضريبة التي تُدفع مع كل عملية شراء، وتكون تكلفة المنتج النهائي أقل أيضا.
في حين أن الشركات غير المندمجة أو التي تُناول بعضا من أنشطتها لشركات أخرى، تتكلف ضرائب أكبر بسبب تعاملها التجاري مع شركات أكثر (موردون، وسطاء، نقل، …). وهذا ينعكس سلبا على الكلفة النهائية للمنتج، والقدرة التنافسية لهذه الشركات.
وجاء تعديل الضريبة على الاستهلاك في منتصف القرن العشرين ليصحح هذه الاختلالات، من خلال تعويضها بضريبة على القيمة المضافة تقع على عاتق المستهلك النهائي، ويكون أثرها محايدا بالنسبة للشركات.
إذ إن لكل شركة الحق في خصم كل مبالغ الضريبة التي أدتها عن مشترياتها من مبالغ الضريبة التي أداها زبائنها عن اقتناء منتجاتها، وتدفع الحصيلة (إذا فاقت الضريبة على المبيعات الضريبة على المشتريات) إلى الدولة.
وبدأ تطبيق الضريبة بشكلها الجديد أول ما بدأ بفرنسا، ثم امتد إلى باقي البلدان الأوروبية، وتفرض الضريبة على القيمة المضافة حاليا في عدد كبير من البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء.
نطاق التطبيق
تُفرض الضريبة على القيمة المضافة على استهلاك معظم السلع والخدمات، باستثناء الإعفاءات التي يحددها القانون والتي تختلف من بلد إلى آخر.
وتُعفى السلع التي يتم تصديرها من الضريبة على القيمة المضافة في البلد المصدر، بينما تخضع السلع المستوردة للضريبة في البلد المستورد.
ضريبة غير عادلة
تُتهم غالبا ضريبة على القيمة المضافة بكونها ضريبة عمياء وغير عادلة؛ نظرا لكونها لا تميز بين الفقراء والأغنياء، ولا تأخذ تفاوتات الدخل بين المستهلكين بعين الاعتبار.
وتشكل الضريبة على القيمة المضافة عبئا كبيرا على أصحاب الدخل المحدود؛ إذ تمتص جزءًا مهما من مواردهم على قلتها، مما يحد من قدرتهم الشرائية ويقلل فرصهم في الاستهلاك.
وتلجأ بعض الدول من أجل تصحيح هذا الوضع إلى فرض ضريبة مخفضة (مقارنة مع المعدل العادي) على السلع الضرورية التي تمثل النصيب الأوفر من استهلاك الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود.
وقد تُقدم الدولة في الوقت نفسه على فرض معدلات عالية من الضريبة على السلع الكمالية، أملا في الحد من استهلاك هذه السلع التي تستورد عادة من الخارج، أو فقط من أجل تعويض النقص في الجباية الناتج عن تخفيض الضريبة بالنسبة للسلع الضرورية.