الاقتصادي: لا يكترث صامد محمود (اسم مستعار) بالتصريحات الحكومية عن انخفاض نسب البطالة والتوقعات بارتفاع نسب النمو في الأراضي الفلسطينية، ولا حتى بيوم العمال العالمي. همه اليومي هو تأمين أجرة المواصلات من قريته بمحافظة نابلس إلى مدينة رام الله أو نابلس بحثا عن عبوات معدنية فارغة لجمعها وبيعها.

محمود (24 عاما) هو الابن الأوسط بين أخوته الستة (من بينهم شقيقتان). والده عامل نظافة في إحدى البلديات المجاورة لقريته، وبالكاد يكفي راتب والده (2200 شيقل) لسد رمق ثمانية أنفار لم يكمل أي منهم تعليمه المدرسي. الأشقاء الأربعة باتوا عاملين في مجال جمع العبوات الفارغة، وكل منهم يقصد وجهته الخاصة مع طلوع نهار جديد.

ترك محمود المدرسة بعد الصف الرابع الأساسي، وانطلق مبكرا نحو سوق العمل. مهنته أصبحت البحث عن العبوات المعدنية الملقاة في حاويات القمامة بجوار المطاعم. 

كل يوم يقصد محمود رام الله أو نابلس بعد احتفاظه بأجرة السيارة العمومية من عمل اليوم الماضي. ينبش أكياس القمامة في الحاويات، ويجمع عبوات المشروبات في كيس أحضره معه خصيصا لهذه المهمة.

كل 10 عبوات يبيعها بشيكل واحد. هدفه اليومي جمع 400 علبة لبيعها بـ 40 شيكلا في نهاية كل يوم. "شو بدي أشتغل"، تساءل محمود حينما التقيناه قرب حديقة الاستقلال في مدينة البيرة حيث توجد مجموعة من المطاعم.

"بطلع من الصبح، وبرجع بعد العصر"، يقول محمود حاملا على ظهره كيسا أبيض لم يجمع فيه سوى 150 علبة تقريبا عند منتصف النهار. يبدو الطريق طويلا أمامه فلديه مهمة جمع 250 علبة أخرى. أحيانا يؤدي المهمة خلال ثلاث ساعات، وفي أوقات أخرى لا يوفق في جمع العدد المطلوب بعد نبش الحاويات والتقاط ما تيسر من جوانب الطرقات.

لا يتردد محمود في التقاط بعض الملابس الملقاة في الحاويات. يقوم باستصلاحها واستخدامها، فلا أموال لديه لشراء ملابس جديدة. "شوف شو لابس"، قال بنبرة حزينة. كان يرتدي ملابس متسخة وحذاء رثا يبدو أنه أكبر من مقاس قدميه. "ما بهمني إذا الحذاء كبير أو صغير، المهم أسلك حالي"، قال وعيناه على جوانب الطريق علها تحمل له علبا فارغة تسهل مأموريته.

وعشية يوم العمال العالمي، تفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) قد تجاوز 26% في 2021، ومحمود واحد من بين هؤلاء. في حين بلغ إجمالي نقص الاستخدام للعمالة حوالي 34٪ (524 ألف شخص).

بلغت نسبة الفقراء في قطاع غزة 53% عام 2020. أمّا نسبة الفقراء في الضفة الغربية فبلغت 14%، بينما ثلث سكان القطاع (33.7%) يعانون من الفقر المدقع، فيما يعاني 5.8% من سكان الضفة الغربية من الفقر المدقع.