صهيب الشريف
كأصل عام، منع قانون الشركات الجديد (القرار بقانون بشان الشركات رقم (42) لسنة 2021)، الشركات الأجنبية من ممارسة أي أعمال تجارية في فلسطين ما لم تكن مسجلة وفقًاً لأحكام قانون الشركات. وكان القانون الملغى (قانون الشركات الأردني رقم (12) لسنة 1964) قد منح الشركات الأجنبية خيارين لممارسة أعمالها في فلسطين:
أولهما، مساهمة الشركات الأجنبية في تأسيس شركات فلسطينية دون أن تزيد نسبة المساهمة للشركة الأجنبية عن 49 %، مع الإشارة إلى أنه يمكن رفعها إلى ما يزيد عن ذلك بإستثناء من الوزير. (لا يوجد بالقانون ما يشير إلى تحديد هذه النسبة، إنما نظام الدفاع رقم 51 لسنة 1987) مع اشتراط أن يكون المفوض بالتوقيع عن الشركة الفلسطينية "المؤسِسة" إما فلسطينياً و/أو يحمل إقامة فلسطينية ( وفق تفسير - غير منشور - ورد لوزارة الإقتصاد الوطني من ديوان الفتوى والتشريع) وبذلك مُنع الشريك الأجنبي أن يكون مفوضاً بالتوقيع عن الشركة.
ثانيهما، أن تُسجَّل الشركة الأجنبية كفرع أجنبي في فلسطين.
وفي هذه الحالة يُشار إلى أن التعليمات الواردة في دليل خدمات الجمهور الصادرة عن وزارة الإقتصاد الوطني عام 2011، قد أوجبت على الأجانب (أفرادًا وشركات) الحصول على إذن عمل من مراقب الشركات وموافقة وزير الإقتصاد، وقد ميزت الأنظمة بين إذن العمل للفرد الأجنبي وإذن العمل للشركة الأجنبية، ذلك أن الفرد الأجنبي لا يشترط أن يكون له شريك فلسطيني، بينما في حال الشركات الأجنبية يُشترط انتداب ممثل للشركة يحمل الجنسية الفلسطينية أو الإقامة الفلسطينية.
بالعودة إلى عنوان المقال في جزءه الأول، نجد أن قانون الشركات الجديد، قد وسّع الخيارات أمام الشركات الأجنبية التي تريد ممارسة أعمالها في فلسطين؛ إذ منحها القانون أربع خيارات لممارسة أنشطتها في فلسطين وفق الأصول، هي:
الأولى: المساهمة أو العضوية أو الشراكة في شركة فلسطينية قائمة ومسجلة، ودون تحديد لحد أعلى لنسبة المساهمة أو العضوية أو حد أعلى لعدد الحصص في الشراكة، على أن لا تكون الشركة الأجنبية (الشخص المعنوي) مفوضاً بالتوقيع.
الثانية: تأسيس وتسجيل شركة فلسطينية، سواء كانت عادية أو ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة، ودون اشتراط أن يكون للشركة الأجنبية شريك فلسطيني. (تجدر الإشارة إلى أن مراقب الشركات الأستاذ طارق المصري قد أشار إلى أن حق الشركة الأجنبية ينحصر في تأسيس شركات ذات مسؤولية محدودة وشركات مساهمة فقط،دون أن يكون لها الحق في تسجيل شركات عادية، معتبرًا أن ما ورد بالقانون هو خطأ مادي من المفترض العمل على معالجته لاحقاً).
الثالث: تسجيل الشركة الأجنبية كفرع أجنبي في فلسطين، ويذيل إسم الشركة بعبارة مختصرة هي (ش.أ) ويجب بيان إسم الفرع في جميع وثائقها الرسمية المستخدمة أثناء ممارستها لأعمالها وفي جميع العقود التي توقعها، مع بيان رقم تسجيلها وجنسيتها وعنوانها المحلي.
هذا وقد اعتبر القانون الجديد، فرع الشركة الأجنبية العاملة (الفرع) في فلسطين جزءًا من الهيكل التنظيمي للشركة الأجنبية (الشركة الأم)، ولا يستقل الفرع عن الشركة الأم بالشخصية القانونية، إنما يتبع لها ويمارس الفرع الأعمال التجارية بالنيابة عن الشركة الأم ولحسابها. هذا وتتحمل الشركة الأم المسؤولية بطبيعة الحال عن أي التزامات ناشئة عن ممارسة ونشاط الفرع. (يمكن لأي طرف ثالث مقاضاة الشركة الأم في حال أخل الفرع بإلتزاماته في فلسطين).
وقد أوجب القانون على الفرع أن يزود سجل الشركات بأي تغييرات قد تطرأ على بياناتها ووثائقها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إجراء التعديل/التغيير. كما وألزم القانون الفرع، أن يقدم إلى سجل الشركة بياناته المالية عن أعماله مصدقة من مدقق حسابات قانوني مرخص خلال أربعة أشهر من نهاية كل سنة مالية.
وفي سياق متصل، فقد حدد القانون الحالات التي يتم فيها شطب وإغلاق الفرع من سجل الشركات،وهي:
وقد أشار القانون في المادة (250/3) إلى أنه: "يقدم طلب إغلاق فرع الشركة الأجنبية وشطبه إلى سجل الشركات خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ حدوث أي من الأسباب الموجبة للإغلاق" .
وباستقراء نص المادة أعلاه، نجد أن القانون اتجه إلى منح أصحاب المصلحة خيار الإغلاق أو الشطب، عندما أشار إلى إمكانية التقدم بطلب لشطب الشركة، بينما الأصل أن يكون الشطب حق حصريّ لمسجل الشركات على خلاف الإغلاق الذي يشترط فيه إنطباق أحكام التصفية.
الرابع: تسجيل الشركة الأجنبية كمكتب تمثيلي في فلسطين، ويذيل اسم الشركة بعبارة مختصرة هي (م.ت). ويجب بيان إسم المكتب التمثيلي في جميع وثائقه الرسمية المستخدمة أثناء ممارسته لأعماله وفي جميع العقود التي يوقعها، مع بيان رقم تسجيله وجنسيته وعنوانه المحلي.
في تطور عصري وجديد، سمح القانون للشركات الأجنبية بتسجيل وافتتاح مكتب تمثيلي لها في فلسطين، وإعتبر القانون هذا المكتب جزءً من الهيكل التنظيمي للشركة الأجنبية (يخضع لشروط تسجيل الفرع الأجنبي مع مراعاة طبيعته ومهامه ونشاطه)، حاصراً تسجليه لغايات القيام بنشاطات تسويقية وأعمال أخرى ذات صلة بهذه الغاية -مع إمكانية فتح حسابات بنكية للمكتب التمثيلي- ودون أن تشمل غايات المكتب التمثيلي أو نشاطاته المعاملات التجارية.
هذا وقد حظر القانون على المكتب التمثيلي مزاولة أي عمل أو نشاط تجاري يهدف إلى الربح، وحظر على المكتب التمثيلي تأسيس الشركات المحلية أو المساهمة فيها أو القيام بأعمال الوكلاء والوسطاء التجاريين، تحت طائلة الشطب والتغريم والتعويض عن أي خسائر أو أضرار تلحق الغير. هذا وإعتبر القانون أن الشركة الأجنبية التي يتبع لها المكتب التمثيلي هي المسؤولة عن أي إلتزامات تجاه الغير تنشئ عن أعمال مكتبها التمثيلي.
وقد أوجب القانون على المكتب التمثيلي (كما فرع الشركة الأجنبية)أن يزود سجل الشركات بأي تغييرات تطرأ على بياناته ووثائقه خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إجراء التعديل/التغيير. كما وألزم القانون المكتب التمثيلي أن يقدم إلى سجل الشركة بياناته المالية عن أعماله مصدقة من مدقق حسابات قانوني مرخص خلال أربعة أشهر من نهاية كل سنة مالية، كما وأحال القانون إلى تطبيق ذات أحكام الإغلاق والشطب لفرع الشركة الأجنبية على المكتب التمثيلي مع مراعاة طبيعته.
بالعودة إلى عنوان المقال في جزءه الثاني، وحيث نجد أن هنالك إمكانية جيدة بأن يساهم قانون الشركات الجديد في تهيئة حاضنة مشجعة على الاستثمار في فلسطين، عبر منحه خيارات متعددة للشركات الأجنبية تتلاءم وغاياتها واستراتيجياتها في فتح أسواق جديدة لها؛ هذا ومما لا شك فيه، أنه سيعزز قدرة الشركات المحلية على تطوير أدائها ويفتح لها آفاق أكبر عبر إمكانية استقطاب شركاء وشراكات أجنبية من ذات المجال والغايات.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الشركات الجديد، وفي إضافة نوعية نص على مبادئ وأحكام تساعد الشركات المحلية على استقطاب الشركات الأجنبية للمساهمة فيها، وخصوصاً: