وكالات - الاقتصادي- تعتبر تورينو من أشهر المدن الإيطالية بفضل تمتعها بأجواء باريسية ساحرة، ما جعلها تشتهر بلقب "باريس الصغيرة". تقع مدينة تورينو عند سفح جبال الألب، ولا تبعد عن الحدود الفرنسية أكثر من ساعة بالسيارة.
ونقل أعضاء طبقة النبلاء في مملكة سافوي العاصمة من "شامبيري" إلى "تورينو" في عام 1563. وجلب حكام سافوي روعة فن الباروك إلى مدينة تورينو والمنطقة المحيطة بها، وقد تم إدراج أكثر من 10 قصور من هذه الحقبة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، ومنها على سبيل المثال قصر "فيناريا ريالا"، والذي تم إنشاؤه لمحاكاة روعة قصر فرساي؛ حيث يشبه الغاليري الأنيق في هذا القصر الملكي قاعة المرايا بقصر فرساي.
كنيسة البازيليكا
وتعتبر من أهم معالم تورينو، حيث يمكن للسياح الاستمتاع بإطلالة رائعة على المدينة بأكملها، وقد قام دوق سافوي فيكتور أماديوس الثاني ببناء كنيسة البازيليكا كنوع من الشكر للرب لصد هجمات القوات الفرنسية، التي أرسلها الملك لويس الرابع عشر والمعروف باسم "ملك الشمس".
ويعود أصل مدينة تورينو إلى زمن الإمبراطورية الرومانية، ولكن يرجع الفضل إلى حكام سافوي في تنظيم المدينة وتدشين الطرقات الواسعة والميادين الكبيرة، ويعتمد تخطيط المدينة على الشكل المركزي على غرار النظام المتبع في فرنسا.
ويعنمد تخطيط المدينة يعتمد على نظام طرقات يشبه رقعة الشطرنج، وتبدأ الشوارع دائما من قلعة سافوي في ساحة كاستيلو، وقد ساعد هذا التخطيط والاستقامة في جعل سكان تورينو يشعرون بأنهم متفوقون على سكان ميلانو، والتي تعتبر المدينة المنافسة لتورينو. وأضاف المؤرخ الإيطالي قائلا: "يعود أصل الشوارع والأزقة في مدينة ميلانو إلى العصور الوسطى".
بورتيشي
ويظهر التأثير الفرنسي في تورينو أيضاً في بورتيشي، حيث تعد هذه الأروقة الأنيقة رمزاً للمدينة، وتتصل معظم هذه الأروقة ببعضها البعض وتمتد لمسافة تزيد عن 18 كلم. وتنتشر المتاجر القديمة والمقاهي التاريخية تحت هذه الأروقة الأنيقة، وينعم سكان تورينو بتناول الأطباق الشهية في الهواء الطلق حتى في ظل ظروف الطقس السيء.
وتظهر اللمسة التصميمية الباريسية الأنيقة أيضاً من خلال الأروقة التقليدية وممرات التسوق المغطاة، وخاصة غاليريا سوبالبينا الأنيق، والذي يقع بين ساحة كاستيلو وساحة كارلو ألبيرتو، ويوجد في هذه المنطقة أيضاً قصر "بلاتسو كاريجانانو" المشيد على طراز الباروك، والذي شهد اجتماع أول برلمان إيطالي، وقد استوحى المهندس المعماري فكرة التصميم من واجهة متحف اللوفر في باريس.
برج "مول أنطونيليانا"
ويعتبر من المعالم البارزة جداً في مدينة تورينو، وقد تم تشييده في البداية ليكون معبداً يهودياً، إلا أنه لم يتم استعماله على هذا النحو، ويرتفع برج المبنى إلى 167 متراً، ويمكن للسياح استعمال المصعد الزجاجي العائم للوصول إلى ارتفاع 85 متراً من أجل الاستمتاع برؤية بانورامية على مدينة تورينو بأكملها والمناظر الجبلية الخلابة المحيطة بها.
وأوضحت نيكول، طالبة الهندسة المعمارية من سويسرا بصحبة زملائها، روعة هذا المشهد بقولها: "ببعض الخيال يمكن للمرء اكتشاف جوانب الشبه بين هذا البرج وبرج إيفيل في باريس". وفي واقع الأمر تم بناء الهيكل المعدني لكلا البرجين في نفس التوقيت، وتم افتتاحهما في عام 1889، وهو الوقت، الذي شهد بداية تطور مدينة تورينو وتحولها إلى مدينة صناعية حديثة.
معقل لصناعة السيارات
وبعد عشر سنوات من إنشاء "مول أنطونيليانا" تم تأسيس شركة فيات، وبالتالي أصبحت مدينة تورينو معقلا لصناعة السيارات في إيطاليا. وأوضح المؤرخ أليساندرو باربيرو قائلاً: "كانت مدينة تورينو بأكملها تعتمد على مصنع فيات، حيث كان يدب النشاط مبكرا وينتهي اليوم بعد انتهاء الوردية الأخيرة، وبعد ذلك بفترة وجيزة تغلق المحال أبوابها، ولم يكن من الوارد آنذاك الخروج في وقت متأخر من الليل".
وقد شهدت هذه الفترة قدوم الكثير من سكان جنوب إيطاليا إلى مدينة تورينو بحثا عن عمل، وأقاموا في المدينة، التي تستقبل حاليا الكثير من المهاجرين من جميع أنحاء العالم.
وعلى الجانب الآخر وضعت ورش العمل في لينجوتو، التابعة لشركة فيات الحديثة في عام 1924، معايير معمارية جديدة، ولكن تم إغلاق هذه الورش في عام 1982، ويتم حاليا إنتاج سيارات فيات جنوب منطقة لينجوتو في مصنعها في منطقة ميرافيوري سود.
وقد قام المهندس المعماري بتحويل المصنع القديم في لينجوتو إلى مركز للثقافة والتسوق، ومع ذلك فقد تم الحفاظ على مسار الاختبارات الأسطوري مع منحنياته شديدة الانحدار.