وكالات - الاقتصادي - في ظلّ التزايد المتوقع للإصابات بكوفيد-19 في يناير(كانون الثاني)، تتزايد المخاوف من أن تعرقل المتحورة أوميكرون سير شركات الأعمال، موجّهة ضربة قاصمة للاقتصاد بعد تلك التي تكبّدها إثر الموجة الأولى.
كثيرة هي القطاعات التي قد تعاني من تغيّب العمّال بسبب "مئات آلاف" الحالات التي يُخشى رصدها في مطلع العام 2022، وفق أوليفييه غيران العضو في المجلس العلمي الفرنسي الذي ذكر على سبيل المثال "توزيع المنتجات الغذائية والأمن والطاقة والمواصلات والاتصالات والصحة".
وتطرّق رئيس المجلس جان-فرنسوا ديلفريسي من جهته إلى "اختلال محتمل لعدد من الخدمات الأساسية".
ولا تزال الإصابات بالمتحورة أوميكرون قليلة في فرنسا وهي لم تؤد بعد إلى تدابير حجر موسّعة بسبب حالات إيجابية أو تخالط. لكن بعض المؤشّرات ينذر بالأسوأ وبدأ التركيز ينصبّ على الموجة السادسة في يناير(كانون الثاني).
وأفاد مسؤولون في الشركة الوطنية لسكك الحديد في فرنسا (اس ان سي اف) بتسجيل اضطرابات بسيطة في حركة القطارات المحلية، لكن ليس على الخطوط الرئيسية. ولا يساور القلق بعد الهيئة المعنية بالمواصلات في باريس (ار ايه تي بي)، في حين تؤكّد هيئة البريد أنها لم تواجه أي مشكلة بعد.
وفي مجال الطيران، لا ترى "اير فرانس" بعد أيّ ضرورة لإلغاء رحلات بسبب إصابة الطواقم.
غير أن الخطوط الجوية الاسكندينافية (ساس) اضطرت إلى إلغاء عشرات الرحلات الثلاثاء والأربعاء بسبب تغيّب موظّفين بدواعي المرض. وواجهت "لوفتهانزا" المشكلة عينها لرحلاتها الطويلة، من دون أن تنسب المسؤولية إلى أوميكرون.
وبعد ظهر الجمعة، ألغيت أكثر من ألفي رحلة حول العالم، ربعها في الولايات المتحدة، بحسب موقع "فلايتوير". وتذرّعت شركات طيران كثيرة بالجائحة التي تضرب طواقم عملها.
وفي مجال العمل الحرفي وشركات البناء الصغيرة الذي يعاني أصلا من نقص في العمال، "تتضاءل اليد العاملة بسبب المرضى والمخالطين لهم وسيصبح من الصعب الحفاظ على وتيرة الأعمال"، بحسب ما حذّر رئيس الاتحاد النقابي لهذا المجال جان-كريستوف ريبون الجمعة عبر أثير "فرانس انفو".
وتسعى الحكومة الفرنسية إلى الطمأنة وقد أكّد وزير الصحة أوليفييه فيران "وجود خلايا استباقية على كلّ المستويات... بحيث تبقى عجلة الأعمال دائرة في البلد" في مجالات الصحة والتعليم والنقل والاقتصاد.
وهو صرّح "ينبغي لنا تفادي أيّ شلل في البلد".
وأعربت وزارة المالية من جهتها عن الحذر وكشفت في تصريحات لوكالة فرانس برس أنها تراقب الوضع عن كثب في وقت قد تطلب قطاعات كثيرة المساعدة مجدّدا.
وتوصي الحكومة باعتماد العمل عن بعد قدر المستطاع، غير أن 44 % من اليد العاملة النشطة تؤكّد أنه يتعذّر عليها اللجوء إلى هذا النهج، بحسب استطلاع أجرته شركة "هاريس" في منتصف ديسمبر(كانون الأول) لحساب وزارة العمل.
وهو بطبيعة الحال وضع قطاع العروض الحيّة حيث ألغيت عروض عدّة مسارح شهيرة، مثل "مولان روج" و"كرايزي هورس"، في أعقاب برودواي، ما أعاد إلى الأذهان الوضع التعيس الذي كان سائدا في ربيع 2020.
ولاحظت الهيئة البريدية الملكية في بريطانيا (رويال مايل) أن حالات التغيّب في هذه الفترة من العام هي أعلى بمرّتين من تلك المسجّلة في 2018، في حين ازدادت الإجازات المرضية في أوساط الطواقم العاملة في تسيير القطارات، ما أثّر على حركة الشبكة، وفق ما أفادت صحيفة "فاينانشل تايمز" في منتصف ديسمبر(كانون الأول).
وقد سجّلت بريطانيا التي طالتها موجة أوميكرون قبل بلدان كثيرة أخرى 120 ألف حالة إيجابية الخميس، في حصيلة قياسية جديدة، في حين أحصت فرنسا أكثر من 90 ألف حالة.
ومن المحتمل جدّا أن "تتأثّر أنشطة عدد من الشركات بدرجة كبيرة، إذ إن أوميكرون هي بكلّ بساطة أشدّ عدوى بكثير"، بحسب ما قال رول بيتسما، الأستاذ المحاضر في الاقتصاد في جامعة أمستردام، لوكالة فرانس برس.
وكانت الحال كذلك مثلا في بلجيكا حيث أغلق مصنع "أودي" في بروكسل، أحد أكبر مصانع السيارات في البلد، أبوابه في أواخر نوفمبر(تشرين الثاني) بسبب إصابات بكوفيد-19.
ولاحتواء انتشار موجة كاسحة من الإصابات، تعيد الحكومة الفرنسية النظر في تدابير الحجر، باعتبار أنه "لا بدّ من الاستعداد لفرضية... أن يكون جزء يسير من اليد العاملة النشطة مصابا بالمرض أو مخالطا لمصابين به في الوقت عينه".
ويعقد مجلس لهذا الغرض الاثنين في فرنسا.