رام الله – الاقتصادي- محمد علوان - خسائر الفلسطينيين الذين ينتظرون موسم الزيتون ستكون هذا العام كبيرة، على الرغم من الأمطار الكثيرة التي هطلت هذا العام، بسبب عتداءات المستوطنين والأراضي التي تم مصادرتها لإقامة بؤر استيطانية أو لإقامة المساحة الآمنة بين المستوطنة وبيوت الفلسطينيين العرب او مكان تواجدهم، حيث يفترض جنود الاحتلال ابقاء مسافة 25 مترا على الأقل بينهم.
واستخدم المستوطنون سلاح "المجاري" في العديد من المواقع التي سيطرت عليها او التي تريد ابعاد اصحاب الأراضي عن اراضيهم من خلالها، فيقومون بضخ مياههم العادمة إما بشكل مباشر أو في الأراضي القريبة منها بحيث تتسرب وتتجه إلى الزيتون الأمر الذي يؤدي إلى فساد الزيتون او عدم القدرة على قطفه أصلا بسبب غرق الشجرة بها .
الفلسطينييون بالمقابل ابتكروا طرقا للحفاظ على المنتج الزراعي من هذه الأشجار فعلى الرغم من عدم الرعاية بسبب المنع استمروا في الوصول إلى هذه الأراضي وجسدوا الصمود الذي يقوم به العديد من المزارعين، في قرية عين يبرود جسد أهالي البلد هذا الصمود في سبيل الحفاظ على أراضيهم حيث تم الاتفاق على النزول في يوم واحد لكل أصحاب هذه الأراضي، " اتفقنا انقوي قلوبنا وننزل كلنا مع بعض غير هيذ بتضيع كل الأرض علينا" تقول ام احمد وهي صاحبة أرض في منطقة الواد.
وعمد أهالي المناطق التي تتعرض أراضيهم للمجاري إلى قطف حبات الزيتون ورعاية هذه الأشجار ما استطاعوا إليه سبيلا، فيقومون باستدعاء جرافة لإبعاد المياه عن هذه الأشجار، اما الشجر الذي غرق تماما يترك ولا مجال لاستصلاح ما انتج من زيتون لا حبا ولا زيتا ولا حتى صابون، في حين يتم تحويل حبات الزيتون التي قطفت عن هذه الأشجار غير الصالحة للاكل إلى صابون بلدي، حتى لا يخسروا كل ما انتجته أراضيهم.
"أكثر من أربعين شجرة لعائلة واحدة حَرقت تماما بسبب المجاري" والحرق هنا أي اسودادها وخسارة الشجرة، ويتراوح سعر جذع شجرة الزيتون هذه ما بين 700 إلى 1500 شيقل اسرائيلي.
معاناة الأراضي المصادرة تتضاعف
"في كل عام نحاول الحصول على تنسيق قبل بدء قطاف الزيتون، هذا العام نحن نعيش بقلق كبير حيال وصول هذه الأراضي لقطف الزيتون، نحن محاطين بثلاث مستوطنات وهي تيلموند ونحلا إيل ونحلا تل، وهذه المستوطنات سيطرت على ما يقارب 5000 دونم من الاراضي، ما يزيد عن 2000 دونم مزروعة بالزيتون"، يقول عبد الله لدادوة رئيس بلدية المزرعة الغربية في محافظة رام الله والبيرة.
"نراقب المواجهات التي اندلعت بعد الهبة الشعبية الاخيرة، فازداد خوفنا من جنون المستوطنين، نحن نواجه صعوبة في قطف الزيتون منذ العام 2007 في كل موسم قطاف، كان الناتج لدينا يتراوح ما بين 30- 35 تنكة زيتون من هذه الأراضي، بعد أن صادروها أصبح الدخول إليها بمجرد تصاريح وتنسيق أمني، إلا اننا مَنعنا من دخولها من اجل رعايتها، بالتالي الشجر مش حامل بسبب وجود الأعشاب الضارة بهذه الأراضي، وانخفض إنتاج هذه الأراضي إلى 3 أو 4 تنكات زيت" يقول صايل حنون وهو أحد سكان منطقة المزرعة الغربية وصودرت له أكثر من 35 شجرة زيتون.
المستوطنة تلموند تمددت على أراضي العديد أهالي المزرعة الغربية والجانية وراس كركر، ويَسمح قطف الزيتون هناك بأوقات محددة وبالغالب إما أن تكون مبكرة جدا أو متأخرة جدا، يضاف لذلك السماح لسكان المستوطنات قطف هذا الزيتون فينزلون وعوائلهم على هذه الأراضي قبل الفلسطينيين.
كما عمد المستوطنون إلى اتباع أسلوب "الشلخ" بدلا من قطع شجرة الزيتون، حيث يتم قطع الفرع من المنتصف وهي قائمة، ويستخدمون المناشير الكهربائية، الأمر الذي يوقف انتاج الشجرة، وتحتاج بعد هذه الشلخة ما بين سنتين إلى عشر سنوات حتى تستعيد قدرتها على الإنتاج.
موسم الزيتون هو مصدر رزق للعديد من العائلات الفلسطينية الذين يعملون في هذه الأراضي طوال العام ما بين رعاية وقطف وحراثة، ويشكل المستوطنون العبء الأكبر بسبب عدم السيطرة عليهم وبسبب اعتداءاتهم المتكررة على الفلسطينيين، ويعي العديد من الاسرائيليين اهمية الزراعة في زيادة الانتاج القومي لديهم الأمر الذي يجعل الخوف من استغلالهم للأوضاع السياسية لزيادة سيطرتهم على المزيد من الأراضي الزراعية.
ومرت الزراعة في فلسطين بمثل هذه الظروف حيث قُلع نصف مليون شجرة خلال الانتفاضة الأولى، 80 % منها كانت شجر زيتون، في حين قَلع وجَرف ما يقارب 22 ألف دونم من الأراضي الزراعية منذ العام 1994 بحجة شق الطرق.