رام الله - الاقتصادي- يتساءل الكثير من الفلسطينيين عن مصير الرواتب التي تصرفها السلطة الفلسطينية لقرابة 180 ألف موظف مدني وعسكري يعملون في صفوفها منذ أن وقع الفلسطينيون اتفاق أوسلو قبل قرابة 21 عاما، حيث تسارعت المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية إبان إنشائها تمهيدا لإنشاء الدولة الفلسطينية وهو ما لم يحدث، ولا تزال السلطة الفلسطينية تعتمد على تلك المساعدات في توفير رواتب الموظفين العاملين لديها.
ومع اندلاع الأحداث الأخيرة والصدامات التي تشهدها مختلف مدن الضفة الغربية بما فيها القدس، بعد خطاب الرئيس محمود عباس "أبو مازن" في الأمم المتحدة والذي تحدث فيه عن إلغاء اتفاقيات أوسلو، تزايدت التساؤلات حول إمكانية تمكن السلطة من سداد الرواتب للموظفين الذين يصل عددهم إذا أضفنا لهم المتقاعدين إلى 225 ألف أسرة تحصل على رواتب من السلطة، فهل ستحصل عليها في حال توقف المانحون عن تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية بعد المواجهات الأخيرة والتي أطلق عليها الكثيرون تسمية الانتفاضة الثالثة بعد انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى؟
في هذا السياق، يقول المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، إن حديث السلطة عن توفر الرواتب حتى نهاية العام لا يجانبه الصواب، متسائلا" كيف للسلطة أن تدفع الرواتب في حال توقفت إسرائيل عن دفع ضريبة المقاصة للسلطة الفلسطينية؟"، ورأى أن تصريح رئيس الوزراء الفلسطيني بهذا السياق يكون صحيحا في حال تحسن التحصيل داخل السلطة الفلسطينية واستمر تحويل المقاصة.
وقال عبد الكريم لــ"الاقتصادي" إن توفير الرواتب يعتمد على تطور الأوضاع الميدانية على الأرض، فإذا اتسعت دائرة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية الفلسطينية ودائرة المواجهة على الأرض الفلسطينية وامتددت إلى غزة، ستلجأ إسرائيل لفرض عقوبات جماعية وفي مقدمتها حجز أموال المقاصة، بالإضافة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني سيدخل في ركود أعمق وحركته تتوفق، وستتراجع الجباية المحلية والمساعدات أيضا المرتبطة بالتقدم في عملية السلام كما حصل في الأشهر الأولى من هذا العام، وإن توفر هذا السيناريو سيكون الوضع صعبا".
لكن نصر عبد الكريم رجح سيناريو آخر وهو أن يبقى هناك مواجهات محدودة مع الاحتلال الإسرائيلي وليست شاملة، وأن تتم تهدئة الوضع بالرجوع للوسائل السياسية ولا تتسع، ومع الأيام سنجد هناك محاولات ومبادرات سياسية لاستيعاب الموقف، وبالتالي جمع الطرفين والوصول لتهدئة.
وختم حديثه قائلا: " انا أرجح أنه في المرحلة الراهنة على الأقل لن تقدم إسرائيل على حجز الأموال بل احتواء الموقف، والخروج بأقل التكاليف، وهي معنية بالاستقرار وكذلك الجبهة الداخلية الفلسطينية غير جاهزة لمواجهة الآن أيضا".
تهديدات إسرائيلية بوقف تحويل الضرائب
يتزامن الحديث عن توقف الرواتب مع تهديديات صدرت عن الحكومة الإسرائيلية بوقف تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية في حال تواصل ما أسموه بالعنف في الضفة الغربية بما فيه القدس المحتلة.
وهنا قال وزير الهجرة والاستيعاب الإسرائيلي زئيف ألكين " يجب قطع الأموال المحولة لأبو مازن الذي يدفع الرواتب الكبيرة للمخربين القتلة، ولا يكف عن التحريض ضد دولة إسرائيل".
وطالب رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الحكومة بالتوقف فوراً عن تحويل أي أموال إلى السلطة الفلسطينية وبمنع مسؤوليها من حق امتلاك بطاقات الـVIP التي تمنحهم الامتيازات المختلفة.
إلى ذلك، عاد وزير المواصلات الاسرائيلي "يسرائيل كاتس" التي تهديد الفلسطينيين بالويل والثبور ردا على سلسلة العمليات الاخيرة.
واضاف كاتس الذي يشغل منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء الى جانب وزارة المواصلات "سيتم وقف عمل 100 الف فلسطيني وطردهم من اماكن عملهم في اسرائيل وسيتم منع الفلسطينيين من السفر على ذات الطرق التي يستخدمها اليهود وسننفذ بالتعاون مع رئيس الوزراء كل ما خططنا له لتغيير الوضع الأمني".