الاقتصادي-وكالات-رغم اعتبار الكثير، أن الذهب هو الملاذ الآمن للاستثمار والادخار، إلا أنه تحول للنقيض بالنسبة للكثيرين من الصاغة في المغرب الذين هجروا المهنة بسبب ارتفاع أسعار المادة الأولية خلال الأعوام الأخيرة، ليتجهوا إلى مهن أخرى.
محمد سريجة، تعلم قواعد صناعة الذهب من أبيه بالدار البيضاء. أتقن تلك الحرفة وخبر أسرارها، لم يكن يظن يوماً أنه سيتحول عنها. غير أنه لم يجد بدّاً من السعي إلى رزقه في نشاط آخر، بعدما لم تعد ورشة أبيه تستقبل الطلبيات كما كانت في السابق.
سريجة أضحى سائق شاحنة تابعة لشركة مشروبات غازية، لأنه لم يجد عملاً في ورشة أخرى لصناعة الذهب، مؤكداً أن عدداً لا يستهان به من الصناع الصغار التقليديين في مدينة الدار البيضاء، خفضوا مستوى نشاطهم أو أغلقوا متاجرهم وبحثوا عن رزقهم في قطاعات أخرى.
سريجة يربط تراجع الطلب على الذهب في السنوات الأخيرة بارتفاع الأسعار، التي وصلت في الفترة الأخيرة إلى أكثر من 31 دولاراً للغرام الواحد، بعدما لم تكن تتعدى قبل ثمانية أعوام 11 دولاراً، لكنه يتصور أن الطلب لا يعزى فقط إلى ارتفاع أسعار المعدن النفيس، بل له علاقة بتغير عادات المغاربة الاستهلاكية.
ويؤكد أن الذهب لم يعد الملاذ الآمن للأسر كي تدخر عبره أموالها، بل إنها أضحت توزع ما يتوفر لديها من مال بين اقتناء السكن وتعليم الأبناء في التعليم الخاص والترفيه.
وقد أفادت المندوبية السامية للتخطيط في تقرير لها حول الأسر المغربية، أن 56.2% من الأسر ترى أن الوقت غير مناسب من أجل شراء سلع مستديمة، وأكثر 35% من الأسر أوضحت أنها تقترض من أجل تغطية نفقاتها، بينما ذهبت 83.7% من الأسر إلى أنه ليس بإمكانها الادخار في الـ 12 شهراً المقبلة.
ويذهب سريجة إلى أن البيع للأسر يشهد ركوداً كبيراً، خاصة بعد ارتفاع الأسعار في السنوات الأخيرة. ويلاحظ أن الأسر التي تضطر لشراء الذهب لدواع ترتبط بمناسبات الزواج، تختار باعة الذهب الذين يمكن أن يمنحوها تسهيلات كأن تؤدي الثمن على مدى شهور، مشيراً إلى أن الصيف لم يعد يعيد للذهب بريقه كما جرت العادة على ذلك في السابق.