قضى قناص إسرائيلي تربص في عتمة الليل خلف جدار إسمنتي يحيط بمصانع 'غاشوري' الإسرائيلية غرب مدينة طولكرم، على أحلام الشاب حذيفة عثمان سليمان ببناء نفسه ومساعدة أهله، فأصابه إصابة مباشرة في بطنه أوقعته شهيدا.
لم يكن يملك حذيفة سوى الحجارة لينتقم للأقصى وما يحدث من تصعيد إسرائيلي واعتداءات للمستوطنين، فخرج في مسيرة شعبية غاضبة مساء أمس، انفضت بغضب وعنف أكبر من الجنود الإسرائيليين، فأطلقوا النار وقتلوا حلم حذيفة ابن الثامنة عشرة.
عائلة حذيفة تلقت خبر استشهاده كأي عائلة تفتقد فلذات أكبادها، بالدموع والحزن الشديد، إلا أن 'الصبر' كان سيد الموقف لدى والده المؤذن في مسجد الخضر في بلدة بلعا شرق طولكرم، واحتسبه عند الله شهيداً.
والد الشهيد عثمان سليمان قال، إن ابنه حذيفة كان شاباً بسيطاً طيباً، يحب الجميع أن يمارس واجباته الدينية، لم يسعفه الحظ لإكمال تعليمه المدرسي، فعمل في مجال الدهان مع مجموعة من الشبان، أخبره بالأمس أنه سيذهب إلى طولكرم لتحصيل مبلغ من المال من عمله في ورشة دهان هناك، وسيعود.
وأضاف، قال إنه سيغيب ربع ساعة فقط، ولكن الربع امتد إلى ساعة وساعتين وأكثر، حتى عاد حذيفة شهيداً مضرجاً بدمائه.
وقال: 'حذيفة ليس أول شهيد ولا آخر شهيد، فكل أبناء فلسطين شهداء مع وقف التنفيذ، فداء لفلسطين والقدس والأقصى'.
والدة الشهيد، بكت بحرقة وهي تحتضن ابنها وتقبل وجهه، لحظة تشييع جثمانه ظهر اليوم، ودعت له بالمغفرة، وهو الغالي، مستذكرة رفقته لها في رحلة العمرة قبل فترة قصيرة، وتقول 'كان لي خير رفيق في رحلتي'.
وعم الحزن بلدة بلعا منذ سماعها نبأ استشهاد أحد أبنائها، فالكثير يذكر حذيفة، كونه يعمل في مهنة الدهان التي تترك بصمة خاصة في كثير من المنازل والمنشآت، فوقع خبر استشهاده على المواطن زياد بلعاوي كالصاعقة وهو يقول 'كان حذيفة عندي قبل أسبوع يدهن لي البيت'، فترحم عليه.
وأغلقت المحال التجارية أبوابها في بلعا، ولم تنتظم الدراسة في مدارسها، وعلت أصوات القرآن الكريم في مآذن مساجدها، وخرج الجميع صغيراً وكبيراً إلى مدخل البلدة لاستقبال ابنهم الشهيد.
جماهير طولكرم خرجت منذ ساعات الصباح الباكر لوداع شهيدها في موكب جنائزي رسمي وشعبي وأمني حاشد، اتحدت فيه التكبيرات والهتافات الوطنية والرايات وعلى رأسها علم فلسطين، انطلق الموكب من مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي، ليواصل مسيرته إلى بلعا، حيث دفن.
نقلا عن وفا