رام الله- الاقتصادي- تخيل لو رأيت بوظة تمط مثل جبنة الموزاريلا الساخنة! قد يظن البعض أنه أمر فوضوي، لكنه على عكس ذلك، فهي طريقة مبتكرة ومسلية لتناول البوظة بشكل لم تعهده من قبل.
البوظة ذات البنية اللزجة والمرنة هي من الحلويات التي يمكن إيجادها في الشرق... ففي رام الله، هناك متجران يتقسمان التاريخ والاهتمام برغبات الفلسطينيين.
"رُكَب" هي الأصل، حيث افتتحت عام 1941، كمقهى في المكان نفسه الذي ما زالت عليه، لكن متجر البوظة كان يعمل من قبل ذلك بكثير، حسب ما يقول حسن ركب، ابن مؤسس المتجر.
ويتابع ركب (59 عامًا): "قبل افتتاحنا المتجر عام 1941 كانت جدتي تحضر البوظة في المنزل، وكانوا يبيعونها بعد المدرسة".
أما الآن، فتشهد "ركب" ازدحامًا حتى عند العاشرة صباحًا، فتجد الناس يتوافدون للمكان لتناول البوظة باكرًا.
فالزبائن يحبون الطعم والشكل، وبالطبع ميزة هذه البوظة التي تمط عند تقديمها، كخيوط من التوفي، إلى أكثر من ثلاثين سنتيمتر.
عائدة سمارة، التي أتت لتناول المثلجات مع رفاقها في العمل، تقول: "لا أدري ما هو سرّ المط في هذه البوظة، لكن كل من يتذوقها يعجب بهذه الميزة ويحبها".
أما فاطمة الشينة فتبيّن أن كل ما زادت قابلية البوظة على المط، كلمّا كانت هذه ذات جودة أفضل".
سامي طعمة، رجل أعمال يسكن في مكان يبعد ساعة كاملة عن رام الله، يقول: "لا بد لي من زيارة ركب في كل مرة آتي إلى رام الله، فالبوظة هنا تذكرني بتلك التي كنت أتناولها في الشام قبل الحرب الأهلية".
حيث كان طعمة قد تناول المثلجات في باكداش، وهو أشهر متجر لبيع البوظة في دمشق، والذي انتشر ليصل إلى الأردن، إلا أن أصل هذه البوظة من المعتقد أن يكون نشأ في تركيا، حيث يسميها الأتراك "دندورما"، وهي تبدو لزجة أكثر من مطاطة، أو على الأقل هذا ما يظهر في المقاطع المصورة على اليوتيوب.
وحسب ما تقول ماري اسين، مؤلفة إحدى كتب الطبخ الشهيرة في تركيا، فإن البوظة التقليدية التركيا تضرب وهي مجمدة بعصا خشبية طويلة، حتى تأخذ البنية المطاطية.
ويوضح ماكس فالكوفيكس، الخبير في صناعة المثلجات في موقع الطبخ "ٍSerious eats"، أن المحتويات (مثل السحلب والمستكة) تلعب دورًا كبيرًا في زيادة مطاطية البوظة، وتجعلها تذوب ببطء.
ويتابع فالكوفيكس: "هذان المكنونان هما من الغرويات المائية، وهي مواد كيماوية تشكل مادة هلامية عند امتزاجها بالماء".
ويضيف: "الغرويات تنتج أنواعًا متعددة من الهلاميات، فمثلاً عند مزج السحلب والمستكة بالكريم والحليب والسكر، فإنما ينتجان مادة مطاطية وقابلة للمضغ".
في رام الله، ما زال التجار يستعملون مضارب خشبية وبعض أنواع الغرويات لإنتاج نكهات مختلفة.
في مصنع "بلدنا"، يستخدم العمال المضارب الخشبية للضغط على البوظة بينما تدور داخل ماكنات الإنتاج، تمامًا كما يحدث عند صناعة الجيلاتو الإيطالي.
ويبين العامل في بوظة "بلدنا عماد ممسه أن لزوجة البوظة لها علاقة بكيفية التخزين وبالمكونات التي وضعت فيها، إلا أنه يأبى البوح عن هذه المكونات.
ثم يضحك ويقول: "نخلط بعض الحليب الطازج بالحليب الجاف والسكر وبعض أنواع الجلوكوز ومكونات سرية أخرى..."، ثم يخرج صندوقًا من المستكة اليونانية، ويقول أن السحلب باهظة الثمن.
لكن بلدنا وركب ليسا على قدر من التوافق، فعم ممسه الراحل، أنشأ بوظة "بلدنا" بعد عقود من العمل في "ركب"، إلا أن الطرفان يقصّان بدايتهما بطريقة مختلفة جدًا، وكلاهما يدافع باستماتة عن مثلجاته.
أما المزيج الكلاسيكي الذي يقدّم في رام الله، فيضم 6 نكهات مختلفة، بالإضافة إلى الفستق الحلبي، والمسكة العربية، والشوكولاته، والأناناس، والفراولة، وفي كلا المتجرين (ركب وبلدنا)، تباع هذه بأقل من دولار واحد.
لكن مع كل هذه الشعبية التي تنالها البوظة المطاطة، ما زال صاحب متجر ركب السيد حسن ركب محتارًا من شغف الناس بهذه البوظة، ويقول: "الناس تفضل الجبنة في المطاطية في الكنافة والبيتزا، ويبدو أنهم يحبون أيضًا البوطة المطاطة".
نقلا عن" NPR"