الإنسان يخشى من المستقبل دوما، يتطلع اليه فى قلق وخوف .. والخوف يرجع الى عدم التأكد من الإحتمالات، نخاف ان تأت الرياح بما لا تشتهى السفن. ونخاف ان نتألم من هذا الجديد الوافد، اعتدنا على الطمأنينة الزائفة التى تقوقعنا بداخلها. نخاف ان نخرج من منطقة الأمان المألوفة لنا، برغم ان الإحتمالات فى الغد لا تختلف كثيرا عن الإحتمالات اليوم..
وهذا الخوف من المجهول ومن الأشياء الغير مألوفة، قيد ثقيل للغاية معلق فى أعناقنا يمنعنا من التقدم والتطور سواء كأفراد أو كيانات معنوية.. هل تعلم ان احتمال ان تصاب بطلق نارى أثناء شراءك لتذكرة يناصيب، أعلى بكثير من احتمال فوزك بها. ومادمنا نتحدث عن الإحتمالات، فاحتمال ان تصاب بطلق نارى من شرطى أعلى بثمان مرات من ان تصاب على يد إرهابى.
الخوف من المجهول والغير متأكد يجعلك تفقد متع الحياة الحقيقية، تفقد لذة مغامرة المفترض ان تحياها. لكنه الخوف الذى يكبلنا، نخشى ان نغامر فى عمل جديد ولهذا نظل ملتصقين بوظائف كريهة، نخشى ان نغير مسارنا حتى لا نضل، مع ان الطريق الآخر أقصر وأسهل… والحقيقة التى يجب ان توقن بها هى انه لا شئ مؤكد على هذه الأرض، سوى حتمية موت كل كائن حى بعد عمر معين طال أم قصر..
فكيف نتغلب على الخوف من المجهول والغير مؤكد لنا، انها عقبة هامة وصعبة جدا. واذا نجحنا فى تجاوزها فستصبح الحياة أيسر بكثير، سوف تظل غير مؤكدة فى شئ ولكن أيسر. بل ستجد الحياة أكثر مغامرة وحيوية وجراءة من المعتاد. لو كانت الحياة بكل تفاصيلها مؤكدة لأصبحت الحياة مثل الكتاب الممل، فجزء من روعتها راجع لعدم اليقين من اللحظة الآتية لو لم تكن لاحظت، الحياة مليئة بملايين الإحتمالات فلم تريد تحجيمها وتقليصها، الأجدى ان تعتاد عليها هكذا. فكيف يمكنك ذلك؟..
فى نطاق صغير وآمن بعض الشئ، أبدا تجربة جديدة فى حياتك. دع نفسك للحياة تأخذك فى الإتجاه الذى تريد هى، إكسر هذا الروتين الزائف المألوف واستشعر روعة الجديد. الهدية تكتسب قدر من الأهمية كوننا نجهل ما بالعلبة، وتضيع زهوتها بعد فتحها ومعرفتها. ضع نفسك فى هواية جديدة أو عمل جديد على الهامش لتتعلم مهارات جديدة، لتعرف ان الأمور لا تستدع هذا المقدار من الخوف.
سوف تفشل فى البداية، هذا مؤكد كلنا نفشل فى البداية. المهم هو تقبلك لهذا الفشل كجزء من التعلم وطريقة له فى نفس الوقت، التجار الفاشلة تعرفنا الكثير خاصة عن أنفسنا. فى ساحات التزلج على الجليد، نصيحتهم الدائمة هى انك لن تصبح ماهرا حتى تتعلم كيف تقع؟. فمعرفة أسؤا ما سيحدث لك وتوقعه وتقبله يجعلك لا تخشى شيئا، كل لاعبى التنس العظماء الذين يربحون الملايين سنويا فى مرحلة ما فشلوا فى صد ضربات سهلة للغاية ولكن كونهم لا يخشون من المحاولة مرة، وأخرى جعلهم يصبحون على ما هم عليه الان.
أسال نفسك فى مواضع الخوف من المجهول أو من المستقبل، ما أسؤا شئ يمكن ان يحدث؟ وأعمل فى هذا الإطار. هل تريد بناء عمل جديد وترك عملك الحالى؟، أسال نفسك كيف كان الوضع قبل ان تحصل على عملك الحالى؟. سوف تساعدك الإجابة على تخطى فجوة كبيرة فى تفكيرك، فجوة لا تراها لإعتقادك انك تحيا فى الظروف المثالية التى لن تتغير، أنت لا تحيا فى صوبة زجاجية يا صديقى وكل الظروف معرضة للتغير الجذرى فورا وحالا وبدون إنذار..
أنت تنظر حولك وترى هذا الباب وذاك مغلقين فى وجهك، فتزداد قناعتك فى إلتزامك بالحياة فى دائرة مفرغة، كل يوم هو تكرار ليوم سبقه. وهذه الأبواب سوف تظل على حالها، طالما بقيت أنت على استجابتك لها. لكن حالما تبدأ سلسلة جديدة من التغيير فى حياتك سوف تبدأ هذه الأبواب فى ابداء استجابة متغيرة تجاهك. صحيح ان بعض منها سيظل على حاله، لكن بعضها كذلك سوف تفتح وتسمح لك بالمرور عبرها الى آفاق مغايرة..
حسنا ، هل أقنعك ما بهذا المقال بخصوص الخوف من المجهول والمستقبل؟ وهل قررت تغيير استجابتك للحياة؟ وكيف تنوى ان تفعل هذا؟