مع تزايد نفوذ قطاع أعمال التقنية وتأثيره الكبير فى العالم وعلى حياة الشعوب، أثرت تلك الشركات التكنولوجية بنجاحاتها المختلفة ليس فقط على حياة الناس، لكن على قطاعات إقتصادية أخرى، وألقت تلك النجاحات التقنية بظلال قد تكون سوداء على مستقبل العاملين فى شركات أخرى ذات تخصصات مختلفة، ويكفى أن نلاحظ فقط أن الشركات التقنية صنعت تقريباً ما يمكن أن نسميه بـ “ثورة” فى كافة مناحى الحياة عند الناس، سواء الحياة الإقتصادية أو الإجتماعية أو ماتسببت فيه مواقع مثل الفيس بوك وغيره من إحداث تغيير فعلى فى حياة الشعوب السياسية.
لكن أهم التطورات التى نلاحظها فى شركات التكنولوجية العالمية، والتى تعتبر من أهم أسباب نفوذها وبزوغها فى الأونة الأخيرة هى كالأتى:
أولاً: شركات التكنولوجيا تتميز بأن العمل فيها مربح للغاية، ويحصل الموظفين بها على ربح أو راتب جيد جداً فى فترة قصيرة، وشركات مثل الفيس بوك وجوجل، أو حتى شركات التطبيقات مثل روفيتو وإنستجرام هى أفضل مثال على ذلك، ولقد رأينا كم الأموال التى جمعها مؤسس إنستجرام فى فترة ليست بالطويلة ثم باع التطبيق فى النهاية للفيس بوك بسعر خيالى إذا ما قورن بأسعار صفقات تجارية فى قطاعات إقتصادية أخرى.
ثـانياً: شـركات التقنية تتميز بطابعها العالمى، أى أن تلك الشركات لاترتبط فى الواقع ببيئة عمل محددة، أو دولة ما، فالمواقع والتطبيقات ومتصفحات الويب قادرة على الإنتشار بسرعة مثل النار فى الهشيم، أو مثل أحدث صيحات الموضة والأغانى والموسيقى، فما أن يظهر تطبيق جديد أو إبتكار ما حتى يبدأ الناس فى التحدث عنه ونشره (سواء بصورة تلقائية أو غير تلقائية) على نطاق واسع ويطلع عليه كثير من المستخدمين، وهذا عامل هام ساعد على تجلى وإزدياد نفوذ شركات التقنية أكثر وأكثر فى عالمنا اليوم.
أخـيراً: فإن نشاط شركات التكنولوجيا وواقع عملها أصبح له تأثير قوى على سلوكيات الناس وطريقة تفكيرهم العادية فى أمور الحياة، وخاصة فى كيفية تعامل الناس مع المعلومات وكيفية تواصلهم ليس فقط فى المجتمع الواحد بل فى العالم كله متجاوزين كافة الحدود، ليست فقط الحدود السياسية والجغرافية بل أيضاً الحدود الثقافية والفكرية والإجتماعية.
إذن، كـيف أثر قطاع الـتكنولوجيا على الصناعات الأخرى؟
على الرغم أن دولة مثل المملكة المتحدة – وهى دولة تعتبر من الدول الخمسة العظمى – تسعى لأن تكون دولة رائدة فى مجال التكنولوجيا فى العالم وتشجع على نمو الإستثمار فى هذا المجال، لكننا نلاحظ أن قـطاع التقنية فى دولة مثل المملكة المتحدة – على سبيل المثال – يمثل نسبة صغيرة فى الإعمال التجارية أو فى الإقتصاد البريطانى، بالتالى فإن التغلب على الكساد الإقتصادى فى بريطانيا بالتأكيد لن يأتى عبر قطاع التكنولوجيا وحده ولكنه يلزمه أيضاً بعض الدعم والنمو فى قطاعات إقتصادية أخرى قد تكون ذات نسبة أكبر فى الإقتصاد.
أيضاً قـطاع التكنولوجيا نجد أنه قطاع تجارى لايتميز بكثرة العمالة، أو بخلق مزيد من فرص العمل ومن ثم المساهمة فى حل مشكلة البطالة، لكن يمكننا توصيف نشاط شركات التقنية الإقتصادى بأنه نـشاط إقتـصادى يساعد فقط الإقتصاد القومى على الإستمرار وعلى أن يبقى أكثر صلابة، أو هو قطاع إقتصادى يتميز بغزارة الأرباح وليس بكثرة العمالة، على العكس من القطاعات الإقتصادية الأخرى التى تتسم بإمتلاكها قوة عاملة أكبر وتحقق نمو إقتصادى مستدام.
قـطاعات إقتصادية أخرى، مع قطاع التقنية ببعض الدعم من الحكومة فى دولة مثل بريطانيا يمكنها أن تقلل كثيراً من أرقام البطالة فى المملكة المتحدة، والبطالة فى بريطانيا ليست ذات نسبة منخفضة، كما أن التحسن الإقتصادى السريع سواء على المستوى العالمى أو على مستوى الدولة لايكمن فى قطاع شركات التقنية فقط، لكن بالعمل على دعم القطاعات الإقتصادية الأخرى مع قطاع التكنولوجيا.