وكالات - الاقتصادي - الكثير منا يظن أن تكنولوجيا الحوسبة الكمية هي واحدة من التقنيات الكثيرة التي هي عبارة عن ضرب من الخيال، ولن نراها أبداً على أرض الواقع قبل مرور ما يزيد على 20 عاماً، ولكن عام 2017 كان البداية لظهور هذه التكنولوجيا إلى العلن.
تستخدم الحواسيب الكمية مبادئ الفيزياء الكمية لإجراء عمليات حسابية يستحيل على الحاسوب الكلاسيكي التعامل معها، بينما يستطيع الحاسوب الكمّي التعامل معها بدقة؛ بسبب طابعه الدقيق وتعقيده أو طبيعته المتعددة الأوجه، حيث ستعمل حواسيب الكم على زيادة الذكاء الاصطناعي بشكل كبير.
ويعمل العلماء الآن على تطوير الفكرة والأنواع المختلفة من حواسيب الكم لجعلها تخدم الإنسانية بشكل أكبر وغير متوقع في شتى مجالات الحياة المعقدة التي لا تستطيع الحواسيب الكلاسيكية حلها.
مفهوم الحوسبة الكمية هو أمر جديد نسبيًّا؛ إذ يعود تاريخ طرحها إلى عدد من الأفكار خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي، وذلك عن طريق عالم الفيزياء النظرية الأمريكية المميز والحائز على جائزة نوبل ريتشارد فاينمان.
وتصور فاينمان أن هذا المفهوم يمكن أن يؤدي إلى زيادة في سرعة الحواسيب الكمية بشكل ملحوظ وكبير. لكن هذا المفهوم كان في نطاق الفيزياء النظرية، الذي كان يحتاج إلى جهد عقلي كبير لتحويله إلى تطبيق عملي.
مع أجهزة الكمبيوتر العادية، أو أجهزة الكمبيوتر التقليدية -كما يطلق عليها الآن- لا يوجد لدينا سوى خيارين، عمل وإطفاء (on and off) لمعالجة المعلومات. وبالتالي فإن أصغر وحدة تمكن إضافة المعلومات والبيانات إليه، التي يطلق عليها اسم «بيت - bit»، إما أن تكون «1» أو «0». وتعتمد القوة الحسابية للكمبيوتر العادي هنا على عدد الترانزستورات الثنائية -مفاتيح التشغيل الصغيرة- التي تأتي ضمن المعالج (prosessor).
تعريف حوسبة الكم؟
على غير المعتاد في الحواسيب الكلاسيكية فإن الحوسبة الكمية تستخدم الـ"كيو بيت" الجسيمات الذرية الفرعية، بدلاً من استخدام الواحد والصفر "بيت".
أصبحت هذه المفاهيم المذهلة في وقتنا الحالي تتحول إلى واقع في مختبر بدأ بالفعل محاولة إنشاء أول حاسوب كمي بمنطقة برنابي بضواحي مدينة فانكوفر، حيث يعتقد البعض أنه يوجد في المختبر جهاز كمي يحتوي على صورة الكون المتعدد.
يستطيع الكمبيوتر الكمي القيام بعمليات حسابية في خطوة واحدة فقط، على عكس الحواسيب التقليدية التي تحتاج إلى أكثر من خطوة لحلها. وأظهر اختبار آخر عملية إكمال هذا الكمبيوتر لعملية حسابية، من شأنها أن تسمح له باختراق أنواع تشفير آمنة للغاية، التي يُعتقد عادة أن اختراقها مستحيل، كما أن هناك عملية معقدة في حواسيب الكم تسمى "التشابك"، وهي عملية تجعل الحاسوب الكمي يقوم بحسابات خارقة تتغلب على الحواسيب العادية آلاف المرات.
يستخدم العلماء أجهزة تحكم بالأجزاء المجهرية التي تتصرف كبيتات كمومية في الحواسيب الكمية تتمثل في:
لاقط أيونات: لالتقاط الأيونات فقد يستخدم حقل ضوئي أو مغناطيسي أو الاثنين معاً.
اللاقطات الضوئية: للتحكم بالجزيئات عادة ما يتم استخدام اللاقطات الضوئية.
النقط الكمومية: فقد تستخدم هذه النقط لتحوي الإلكترونات وتتلاعب بها حسب الحاجة، وهي تصنع من مواد نصف ناقلة.
أصناف نواقل مشوبة: فهي تحوي الإلكترونات باستخدامها ذرات موجودة في المواد نصف الناقلة.
دارات فائقة النقل: فهي تقوم بالسماح للإلكترونات بالتدفق دون أي مقاومة وعند درجات حرارة منخفضة.
في سبق جديد، شركة غوغل أعلنت عن إطلاق مشروعها لبناء حاسوبها الكمومي الخاص، اعتماداً على حاسوب شركة D-Wave.
وقال البروفيسور "مايكل جي بيركوك" (- Michael J. Biercuk)، أستاذ الفيزياء في جامعة سيدني، ورئيس فريق الباحثين في مجلس الأبحاث الأسترالي لهندسة النظم الكمومية:
«تفشل أنظمة الكم في عملها بطريقة مشابهة لفشل المكونات الفردية في الهواتف النَّقالة، لكن دورة الحياة في الحوسبة الكمومية تقاس بشكل عامٍ بأجزاء الثانية بدلاً من الأعوام».
أمّا عن مستقبل حواسب الكم فيضيف الدكتور بيركوك: «نحن متشوّقون لتطوير تلك القدرات الجديدة التي تحوّل أنظمة الكمّ إلى تقنيات مفيدة، ويبدو مستقبل عالم الكمّ واعداً مع مرور الوقت».
قام أحد خريجي جامعة تكساس بتطوير الحاسوب التقليدي بأن طوره بشكل يجعله قادراً على حل مشكلات وخوارزميات لا يقدر عليها إلا حواسب الكم، كما تعمل شركات كثيرة الآن على تطوير الحواسب الكلاسيكية لتتمكن من حل الحسابات المعقدة كما هو الحال مع حواسب الكم.