وكالات - الاقتصادي - يعتمد عديد من الدول حول العالم تقنية التعرّف الى الوجوه في كثير من قطاعاتها، بهدف تسهيل عملية التحقّق من هوية الأشخاص. لكن في المقابل، بدأت هذه التقنية تلقى رواجاً بين المستخدمين العاديين غير الخاضعين لقوانين تنظّم عملية الإفصاح عن المعلومات، ما جعلها تمسّ بخصوصية المجتمع بشكل مباشر.
تعمل تقنية التعرّف الى الوجوه عبر كاميرا تقوم بتصوير الوجه وتقيس ملامحه المختلفة كوضعية العين وشكل الحاجب وطول الأنف، ما يؤدّي إلى تكوين ما يُعرَف ببصمة وجه رقمية تشبه بصمة اليد، وتنتشر على الهواتف الذكية وفي المطارات وبعض المرافق الأمنية.
وتعتمد هذه التقنية بيانات مخزّنة مسبقاً، يمكن من خلالها مقارنة الوجه ومعرفة المعلومات الكاملة عنه في ثوانٍ معدودة عبر برنامج قادر على التحقق من الشخص من خلال صورة رقمية أو إطار فيديو حيث تتمّ مقارنة صورة الشخص المعروضة مع بيانات الكومبيوتر ونظام التعرّف الى الوجوه، وعند تطابق الملامح يتعرّف النظام الى الشخص المطلوب.
وقد أكّد المعهد الوطني الأميركي للمعايير والتقنية أنّ نسبة الخطأ في أنظمة التعرّف إلى الوجه لا تتجاوز الـ0.8 في المئة، وهي أفضل بكثير من ميزة التعرّف الى الصوت وتتمتّع بميزة إضافية مهمة وهي أنها لا تتطلّب موافقة أو تعاوناً أو حتى معرفة الشخص المعني.
حماية الخصوصيّة
مع تنامي تطوّر هذه التقنية وانتشارها، تتصاعد المخاوف من انتهاكها للخصوصية. فقد حذّر العديد من الخبراء من سوء استخدامها، خصوصاً بعد ظهور تطبيقات قادرة على التعرّف إلى الوجوه متاحة للجميع، تعمل على مقارنة صور الوجه بالبروفايلات على وسائل التواصل الإجتماعي، وإعطاء المعلومات الكاملة عنه مثل الإسم ومكان السكن والعمر والنشاطات وغيرها من المعلومات الشخصية.
وعلى الرغم من أنّ المستخدم نفسه هو مَن وضع هذه المعلومات على شبكات التواصل، أكد الخبراء أنّ هذا لا يعني أنه يمكن إستغلالها في أيِّ مكان وزمان. فتخيّلوا مثلاً لو تمّ وضع كاميرات يمكنها التعرّف الى الوجوه على أبواب المتاجر أو على الطرقات أو على أبواب الفنادق، أو في المسارح والتجمّعات أو في أماكن أخرى أكثر حساسية، تعطي مستخدمها تقريراً مفصّلاً عن أسماء جميع الاشخاص الذين مرّوا أمامها.
بالطبع هذا الأمر يُعتبر إنتهاكاً صارخاً للخصوصية، وحتى إنه يشكل خطراً على المواطنين، لأنه يمكن بسهولة إبتزازُهم من خلاله. ويبقى الأسوأ، تركيب هذه التقنية في الأماكن المطلّة على الطرقات والحدائق العامة مثل المتاجر الصغيرة أو مداخل المباني، ومعرفة كل ما يدور في فلكها بالتفاصيل والاسماء وحتى إفصاح المعلومات لمَن يرغب وحتى نشرها على مواقع التواصل.
وهذه الأسباب، أثارت من جديد مسألة حماية خصوصية المستخدمين، وهو ما دفع العديد من الدول إلى تشكيل لجان خاصة تقوم بدراسة التهديد الذي يمكن أن تمثله تقنيّة التعرّف الى الوجوه من قبل جهات غير رسمية على خصوصية المستخدمين.