وكالات - الاقتصادي - نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن دور المال في تحديد شخصية الفرد، حيث كشفت العديد من استطلاعات الرأي أن الكثيرين لا يحبذون الحديث عن المال؛ نظرا لأنهم يعتبرونه شأنا ذاتيا وشخصيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن الأمر الذي يجهله الكثيرون هو أن المال يلعب دورا في تحديد شخصية الإنسان. في هذا الصدد، تلقي الطبيبة النفسية، مونيكا مولر، محاضرات حول التعامل مع الأموال.
وفي الكثير من الأحيان، يخيم الهدوء على قاعة المحاضرات عندما تلقي مولر سؤال: "ما هو المال؟". في الأثناء، تختلف الأجوبة بين من يرى أن المال هو "الحرية"، وبين من يعتقد أن "المال وسيلة سلطة"، فيما يعتبر بعض الأشخاص "المال مجرد ورقة".
وأكدت الصحيفة أن مولر تعمل على كسر القاعدة التي تقول إن الحديث عن المال أمر ممنوع. ووفقا لاستطلاعات الرأي، لا يهتم 50 بالمئة من الأشخاص بالأصول المالية. وفي ألمانيا، لا يحبذ أغلبية المواطنين الحديث عن الأموال. في هذا السياق، أفادت مولر بأن "الشخص الذي يتحدث عن نفقاته وأصوله المالية لا يستفيد من الجانب المالي فحسب، بل يكتشف الكثير من الأسرار حول شخصيته".
وأشارت الصحيفة إلى أن معهد "يوغوف" الألماني أجرى منذ سنتين استطلاع رأي، توصل من خلاله إلى نتيجة مفادها أن علاقة أغلبية الألمان بالمال لا تخلو من التوتر. ووفقا لنتائج هذا الاستطلاع، يخشى الكثير من الأشخاص استثمار أموالهم. أما أفضل أشكال الاستثمار بالنسبة للألمان، فهي تلك التي تنتج عنها أقل نسبة من الفوائد، على غرار الحصول على دفتر ادخار أو فتح حساب ادخار يومي. في المقابل، لا يُقبل سوى عدد محدود من الألمان على شراء الأسهم.
كما كشف استطلاع الرأي عن أن 40 بالمئة من الألمان لا يتحدثون مع شركاء حياتهم عن المال، فيما لا يتطرق 70 بالمئة من الشعب الألماني إلى هذا الموضوع مع آبائهم وأصدقائهم. في هذا السياق، قال عالم النفس الاجتماعي في جامعة ميونيخ، ديتر فراي، إن "الألمان يمتنعون عن الحديث عن الأموال بشكل أكبر من الأمريكيين. وفي الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم، يعدّ الأجر المرتفع دليلا على النجاح".
وأوضحت الصحيفة أن الحديث عن المال الخاص يعد أمرا محرجا في ألمانيا، حيث لا يزال الكثير من الأشخاص غير قادرين على تحمل مسؤولياتهم الشخصية، وذلك على الرغم من أن الدولة الاجتماعية توفر لهم الحماية. وفي هذا الإطار، أورد المختص في علم النفس الاجتماعي فراي أن "الكثير من الآباء يقنعون أبناءهم بأن الحديث عن المال يعدّ من الممنوعات. وعلى هذا الأساس، يرفض الكثيرون الحديث حتى عن مصروف الجيب".
وأوردت الصحيفة أن الكثيرين يتجنبون مقارنة أنفسهم مع غيرهم في المسائل المالية. حيال هذا الشأن، صرحت سيلفيا باير، المستشارة والمدربة المختصة في علم النفس الاجتماعي، بأن "خوفنا من الفضيحة والمشاعر السلبية تدفعنا إلى كتم أسرارنا". وفي سياق متصل، أوضح فراي أنه "على الرغم من أن ألمانيا ليست دولة محفوفة بالمخاطر، إلا أن أغلب الألمان يميلون إلى اتخاذ الحيطة؛ خشية أن يتكرر سيناريو انخفاض قيمة العملة. بالإضافة إلى ذلك، لا يملك الكثير من الألمان سوى معلومات محدودة حول المال".
وأضافت الصحيفة أن مونيكا مولر ترغب من خلال محاضراتها في تعزيز المعرفة الذاتية لدى الحضور. في هذا الصدد، أوردت مولر أن "الشخص الذي يعرف قيمة أصوله المالية يكتشف الكثير من الأسرار حول شخصيته، علما أن المال يُعدّ مرآة شخصيتنا. إن من يرى أن المال هو الحرية، يربط شعوره بالحرية بما يملكه من أموال".
وتابعت مولر بأن "الشخص الذي يعتقد أن المال هو الثقة بالنفس، يفقد ربما الثقة في نفسه في حال مر بصعوبات مالية. كما أن المال يعد بالنسبة للكثيرين وسيلة لتلبية الاحتياجات الضرورية، على غرار الأمن والسلطة والسعادة. في المقابل، لا يقدر سوى أولئك الأشخاص، الذين يشعرون بالثقة بالنفس والأمان دون المال، على اتخاذ قرارات غير عاطفية".
وأردفت الصحيفة بأن الشخص الذي يقدر على التحكم في مشاعره تجاه المال، يصبح أكثر وعيا بقيمة أمواله الشخصية. في هذا الإطار، قالت مولر إنه "بعد أن يدرك الشخص قيمة أمواله، يمكنه أن يتخلص من تأثير مشاعره ليفكر بعقلانية. بالإضافة إلى ذلك، يدرك الكثير من الأشخاص بشكل مفاجئ أن الأموال جزء من حياتهم الشخصية وشخصياتهم. وبهذه الطريقة، يبادرون بشكل تلقائي إلى تبادل أطراف الحديث حول المسائل المالية".
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن علماء نفس أستراليين وضعوا استبيانا يتضمن 25 سؤالا يمكن أن يستخدمه المستشارون الماليون لتكوين ملف مخاطر خاص بكل عميل. في هذا السياق، قالت مولر إن "معرفة مدى الاستعداد للمخاطرة المالية يعدّ أساس كل القرارات المالية".