وكالات - الاقتصادي - نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقال رأي للكاتب بين شو، تحدث فيه عن الأرباح التي تحققها كل من شركة غوغل وفيسبوك نظير تصفح المستخدمين لمواقعها وتمتعهم بخدماتها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرباح تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، حيث تسيطر الشركتان على نسبة كبيرة من المحتوى الرقمي العالمي.
وقال الكاتب، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن البحث عن المعلومات وتقصي الحقائق أمسى سهلا للغاية. فمن خلال تجربة بحث بسيطة عن قانون الجذب العام لنيوتن ونظرية النسبية العامة لأينشتاين، يتضح أن البحث العلمي أصبح يسيرا للغاية بفضل استخدام متصفح غوغل.
وأشار الكاتب إلى تغيير التكنولوجيا الحديثة لنمط حياتنا على مدار العقد الماضي، الأمر الذي ينطوي على تبعات اقتصادية. ويبرز ذلك جليا من خلال معضلة الإعلانات المزعجة، وإمكانية تعرض بياناتنا الشخصية للاختراق. وفي حين أن استخدام محرك البحث غوغل وموسوعة ويكيبيديا أمر مجاني، يبدو أن عدم وضع تكلفة محددة لهذا الاستخدام يتيح للشركات حرية تحديدها ذاتيا.
في المقابل، لا يعني هذا الأمر أن رجال الاقتصاد فقدوا الأمل فيما يتعلق بتحديد قيمة الخدمات الرقمية التي تقدمها الشركات التكنولوجية العملاقة. ففي سنة 2010، أجرت الباحثة الاقتصادية في جامعة ميشيغان الأمريكية، يان تشو، تجربة لاحتساب الوقت الذي يوفره الناس من خلال البحث عن المعلومات عن طريق الإنترنت مقارنة بالأساليب القديمة، لتجد أن البحث عن مسألة ما يستغرق 7 دقائق عند استعمال السبل الحديثة، مقابل 22 دقيقة عند الالتجاء للكتب.
واستنتج الكاتب أن اعتماد محركات البحث لإيجاد المعلومات أسرع ثلاث مرات من الطرق العادية. وبناء على المثل القائل إن الوقت من ذهب، نجد أن هذه الخدمات تكتسي أهمية كبرى. ولتبين هذا الأمر على نحو أسهل، يمكن لنا تضمين الخدمات الرقمية الحديثة في عملنا اليومي، وسنرى بأنفسنا حجم الفرق الذي ستحدثه على مستوى الإنتاجية وتكلفة ساعات العمل.
وبين الكاتب أنه في حال كان عملك قائما على البحث عن المعلومات، ستغدو أكثر إنتاجية عند اعتمادك على الخدمات الرقمية الحديثة، ما يعود بالنفع على المشغل الذي سيجد طريقا لزيادة أرباحه. في المقابل، تبرز حاجة ملحة لرؤية الأمور من منظور آخر، حيث إن استخدام الإنترنت والخدمات الرقمية لا يقتصر فقط على محركات البحث، بل يمتد ليبلغ مواقع التواصل الاجتماعي التي تستأثر بقسط كبير من وقت المستخدمين.
وتطرق الكاتب إلى تجربة مدير مركز الأعمال التجارية الرقمية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إريك برينجولفسون، حيث أجرى دراسة استقصائية تقوم على سؤال الناس عن المبلغ الذي يريدون تقاضيه لقاء امتناعهم عن استخدام الإنترنت لمدة شهر. واتضح أن قيمة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدى المواطن الأمريكي لمدة سنة كاملة تبلغ 322 دولارا، بينما تبلغ قيمة محركات البحث حوالي 17.5 ألف دولار.
وأضاف الكاتب أن برينجولفسون قدم نتائج دراسته الاستقصائية خلال مؤتمر عقده مكتب الإحصاءات الوطنية، واستضافه بنك إنجلترا. وبين الباحث الاقتصادي أن مثل هذه المنافع التي يحظى بها المستخدمون عند اعتمادهم للخدمات الرقمية الجديدة يتم التغاضي عنها في الحسابات القومية لبلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة. وأضاف برينجولفسون أن المواقع المجانية ضخت أموالا تقدر بحوالي 100 مليار دولار في صلب الاقتصاد الأمريكي بين سنتي 2007 و2011.
وأضاف الكاتب أن الخبير الاقتصادي لشركة غوغل، هال فاريان، تطرق إلى فوائد التخزين السحابي باعتباره خدمة رقمية حديثة. وقدم فاريان مقاربة المنزل المحترق لشرح هذه الفوائد، حيث إن الناس يخاطرون بالدخول إلى منازلهم المحترقة لإنقاذ أفراد عائلتهم أو حيواناتهم الأليفة أو صورهم الخاصة، ما يحيل إلى إدراكهم أهمية هذه الخدمة السحابية.
وبرهن الكاتب أن حقيقة كون مستخدمي خدمات التخزين السحابي يدرجون محتواهم الرقمي وصورهم الثمينة داخل المساحة المخصصة لهم تعني أن الثورة الرقمية في مجال الصور تكتسي قيمة هامة لدى العديد من الأشخاص. وبناء على ذلك، يبرز التساؤل جليا حول آفاق مقترح الخبراء الاقتصاديين، على غرار برينجولفسون وفاريان، الذي يشدد على ضرورة إجراء المختصين في مجال الإحصاء لتعديلات جوهرية على حساباتهم القومية؛ بهدف تحديد قيمة الخدمات الرقمية المجانية لدى المستخدمين.
وأفاد الكاتب بأن هناك عدة أسباب تدفعنا لنكون حذرين بعض الشيء. أولا، هناك علامات استفهام حول ما إذا كنا قادرين على اعتبار هذه الخدمات مجانية؛ نظرا لأن بعض الخدمات الرقمية تحقق مرابيحها عن طريق إدارة نموذج تجاري تبيع من خلاله بيانات المستخدمين الشخصية للمعلنين. وثانيا، هناك العديد من الأمور التي لا يمكن تحديد قيمتها عن طريق إجراء الدراسات الاستقصائية؛ نظرا لعدم إمكانية تداخلها مع الحسابات القومية.
وفي الختام، أفاد الكاتب بأنه من المرجح أن المشكلة لا تقتصر على كون المقاييس الرسمية، مثل الناتج المحلي الإجمالي، غير ملائمة لتحديد قيمة بعض الخدمات في العصر الرقمي الحديث. وبذلك، يتضح لنا أننا نضع الكثير من الضغط على هذا المؤشر الرسمي، باعتباره دليلا على النوعية المتغيرة لحياتنا.