وكالات-تهديد بالقتل، وتهديدات بالعقاب، ووفاة واحد من أمهر الفنيين، واستمرار شح المياه وتفاقم أزمة مياه الشرب في محافظة الخليل، واستغاثة الاهالي وقلق الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، هذا هو حال الخط الناقل الوطني -خط مياه دير شعار- والذي سيزود محافظة الخليل بنحو 60 الف كوب من المياه يومياً، في حال اكتمل المشروع المتوقف حالياً، بسبب الوصلات غير الشرعية.

بعد خمس سنوات من المفاوضات بين سلطة المياه الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، وبعد تدخل من الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، وافقت اسرائيل، على تمديد خط مياه دير الشعار، من آبار عصيون حتى خزان حلحول بطول 12 كيلو، اضافة الى 13 كيلو شبكات داخلية، وبكلفة اجمالية للمشروع تبلغ نحو 17 مليون دولار، ليستفيد منه ما يزيد عن نصف مليون نسمه. هذا ما ذكره الدكتور داود القواسمي المدير الفني لشركة "بلاك اند فيتش".

كان من المفترض ان تنتهي معاناة سكان محافظة الخليل، من شح المياه نهاية الشهر الماضي، على اعتبار ان المشروع والذي بدأ العمل به قبل 18 شهراً قد انتهت، الا ان بعض المشاكل واهمها السرقات -الوصلات غير الشرعية- حالت دون حصول المواطنين على مياههم.

لم يكن يعلم، أمهر الفنيين في المشروع جهاد غطاشة، بانه سيكون ضحية هذه الوصلات غير الشرعية، حينما حاول بتاريخ 2015/8/3، اغلاق وصلة غير شرعية بأنه سيلاقي حتفه.

هذه الحادثة أثرت كثيراً على واقع فريق العمل في المشروع، سواء الوكالة الامريكية للتنمية أو سلطة المياه صاحبة المشروع، او شركة "بلاك اند فيتش" منفذة المشروع او الشركة المقاولة للمشروع "آبكو آركون" وحتى بعض الفنيين الذين تم احضارهم من الهند، وحتى البلديات تأثرت من هذه الحادثة.

تهديد بالقتل والعمل لن يتوقف

وفي حادثة أخرى، كما يرويها كبير المهندسين، المهندس محمد جرادات: "قبل نحو الاسبوعين اتصل بي شخص من رقم "رقم خاص" وقام بتهديدي، بأنه سيقتلني اذا ما استمريت في الكشف عن الوصلات غير الشرعية".

وأضاف المهندس جرادات:" لم القي بالاً لهذا التهديد ونحن مستمرون في عملنا والقضاء على الوصلات غير الشرعية، فمن غير المعقول ان نحرم اكثر من نصف مليون مواطن من الماء لأجل خارجين على القانون".

خلال قيام مراسلنا بعمل هذا التقرير، اتيحت له الفرصة لمشاركة اللجنة الامنية والتي شكلها محافظ الخليل -الامن الوقائي، المخابرات العامة، الشرطة- وممثلي الشركة والمتعهد، بجولة تفقدية على خط المياه في منطقة بيت أمر، حيث تكثر السرقات على هذا الخط، كونه يقع في مناطق "C" وبعيد عن حماية الاجهزة الامنية الفلسطينية.

كانت تعمل في المنطقة آلية تابعة للمتعهد، وحينما قام بالحفر على عمق مترين حيث يوجد الخط، كان أحد الخارجين على القانون قد قام بتركيب وصلة غير شرعية، في محاولة منه لسرقة المياه، الا أنه وبفضل أدوات الرقابة الحديثة التي تم استخدامها كشفت عن هذه الوصلة ووصلات أخرى.

وقال المهندس غالب نجاجرة المهندس المقيم في المشروع:" بهدف القضاء على الوصلات غير الشرعية، قما باحضار أدوات حديثه للمراقبة، بضمنها قمنا بادخال كاميرا لمراقبة الخط من الداخل حيث شاهدنا وصلة غير شرعية، كما قمنا باستخدام أدوات الاستشعار للكشف عن الوصلات غير الشرعية، وتم الكشف عن 4 وصلات لغاية الآن -لغاية كتابة هذا التقرير- ونحن مستمرون في القضاء عليها بالتعاون مع الاجهزة الامنية التي حضرت للمكان مشكورة.

محافظ الخليل وخلال لقاءه بنائب المدير العام للوكالة الامريكية للتنمية الدولية، أكد على ان كل من يتعدى على خط مياه دير الشعار وباقي الخطوط في المحافظة سيتم ايقاع اقصى العقوبات عليه وسيتم محاسبة من يقيم وصلة غير شرعية وكذلك صاحب الارض الموجودة فيها داعيا جميع اصحاب الاراضي المحيطة بالخط بمنع اي شخص من استغلال اراضيهم والا سيتم وضعهم تحت الشبهات والتحقيق معهم واخذ الاجراءات القانونية بحقهم.

وقال ضباط من المخابرات العامة والأمن الوقائي، خلال الجولة الميدانية:" نحن جاهزون لتقديم اي مساعدة لوقف التعديات على الخط الوطني لضمان وصول المياه بشكل عادل الى المواطنين في محافظة الخليل، وسنعمل بأقصى سرعة على توفير الامن لهذا الخط الهام، فهو شريان الحياة للمواطنين".

وعلق المهندس نجاجرة على الموضوع قائلاً:" يبدو بأن من شاهد عمليات سرقة المياه وتركيب وصلات غير شرعية، غير مهتم بالمياه التي يشربها، وكأنها ليست مياهه".

الشعار والعديسه في خطر

يرى الدكتور القواسمي، بأن توقف العمل في الخط الناقل الوطني، يشكل تهديداً على خط العديسة راس الطويل -بين بلدتي بني نعيم وسعير- والذي تموله الوكالة الامريكية للتنمية الدولية بكلفة 5 مليون دولار.

وقال القواسمي:" اذا لم يعمل الخط الناقل الوطني، فإن خط العديسة راس الطويل، لن يعمل ايضاً، وهذا يعني أن مئات الآلاف من المواطنين لن يحصلوا على مياه كافية لاحتياجاتهم، وقد عبرت الوكالة الامريكية عن مخاوفها وقلقها مما يحدث من سرقات على الخطوط".

من جانبه قال الدكتور وجدي ملحم رئيس بلدية حلحول:" لقد عمدنا بأن يمر الخط الوطني من الشارع الرئيسي لمدينة حلحول، لحمايته من التعديات والسرقات، والاعتداء عليه يمثل "خيانة" وعلينا جميعاً أن نتكاتف لحمايته من التعديات".

وأضاف:" يُعتبر خط دير الشعار، الخط الناقل الوطني من أهم المشاريع التي قامت بها ونفذتها الوكالة الامريكية للتنمية الدولية، ويهدف الى تحسين الواقع المائي في منطقة الجنوب ونشكر جميع الجهات الشريكة من الوكالة الامريكية، وشركة "بلاك اند فيتش" و شركة "آبكو آركون" والمقاولين والمهندسين والمحافظ والاجهزة الامنية، وكذلك المجتمع المحلي الشريك الاكبر لنا والذي تحمل عبء عرقلة حياته اليومية خلال فترة تمديد وتركيب الخط الوطني".

وفي حال استمرت اعمال التعديات على الخط الناقل الوطني والخطوط الاخرى من المياه في محافظة الخليل، سيزداد الطلب على صهاريج نقل المياه، ولن يتمكن هؤلاء من تلبية احتياجات المواطنين.

نقلا عن معا.