كانت العبارات التي تتم كتابتها على السيارات سابقاً محصورة في الأمثال والحكم والدعوات إلى عدم السرعة، ولعل أكثرها شهرة وانتشاراً كانت «لا تسرع يا بابا فنحن بانتظارك». في المقابل هناك العبارات والتي رغم قساوتها ولكنها مستقاة من الأمثال الشعبية مثل «عين الحسود تبلى بالعمى» أو «عين الحسود فيها عود».
كان تتم كتابة الأدعية والحكم والكلام والمأثور، وكانت كلها محصورة في إطار اللباقة بحكم أن الكلمات هذه «متجولة»، والتي كانت مثل « الشكوى لله» « توكلنا على الله» «نمشي ولا ندري عن المقسوم» .
لم يعد هناك أي حرج في كتابة أي عبارة مهما كان نوعها، وحتى أنه تم إعادة تدوير العبارات القديمة للتناسب مع «توجهات» الجيل الحالي. فمثلاً عبارة «لا تسرع يا بابا نحن بانتظارك» تحولت إلى «لا تسرع يا بابا.. ماما تتزوج عليك». فمن العبارات الرصينة إلى مبدأ كل شيء مباح كان الانتقال وعليه لا مجال لمعرفة ما الذي قد تطلع عليه خلال قيادتك لسيارتك اليوم.
السيارات الفارهة خارج الماعدلة
أصحاب السيارات الفارهة نادراً ما تجدهم يضعون أي عبارات على سياراتهم. فهي في نهاية المطاف قد كلفتهم ثروة وبالتالي لا نية لديهم «بتشويهها». كما أن واقع أنها أحدث موديل رسالة بحد ذاتها، أنا ثري وأملك المال وسيارتي مميزة. السيارات القديمة بشكل عام وسيارات النقل العمومية بشكل خاص هي التي تعتمد على العبارات، وطبعاً شاحنات النقل والميكروباص في الطليعة في هذا المجال.
مخالفة للقانون
الكتابة على السيارات مخالف للقانون، وهناك غرامات مالية تفرض على من يقوم بذلك. ولكن يبدو أن العقوبات التي تتراوح بين غرامات مالية ومخالفات مرورية غير رادعة. فبالنسبة لمن يقوم بها فهي إما وسيلة للتعبير عن إحباط من واقع معاش، أو وسيلة للترفيه وحتى أحياناً للغزل. ولكن من وجهة نظر القانون الكتابة على الزجاج الخلفي يحجب الرؤية، وبالتالي هو مخالفة خطيرة. ولكن ما هو خطير للغاية وبتنا نشاهده حالياً هو الكتابة على الزجاج الامامي ، صحيح أنه يتم كتابة الجمل على الجهة المقابلة لمقعد الراكب لا السائق ولكنها خطوة متهورة بحكم أنها تشتت التركيز.
بعض العبارات المستخدمة
العبارات المستخدمة كثيرة ومتنوعة وتطال مختلف مجالات الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والغرامية والسياسية. تتنوع العبارات بين التذمر وبين الظرافة وبين الكوميديا السوداء وغيرها.
ففي إطار المعاناة في الحياة العاطفية هناك عبارة «حتى هدف حياتي طلع تسلل» أو «تحياتي لمن دمر حياتي» وحتى أن البعض يطلب وبشكل واضح وصريح الزواج فيضع عبارة «مطلوب آنسة للزواج» مع رقم الهاتف.
للمرأة نصيبها أيضاً فنجد عبارات مثل «وراء كل رجل مديون امرأة» وآخر قرر إبداء رأيه بموضوع حقوق المرأة فكتب «حقوق المرأة هي المطبخ»، بينما ثالث يشتكي من قلة وفاء النساء فيقول «اتنين ملهمش أمان الفرامل والنسوان» .
السخرية والفكاهة لها حصة الأسد، فتجد مثلاً سيارة صغيرة الحجم قد وضعت عبارة «انتبه باص مدرسة» على زجاجها الخلفي. أو نجد صاحب سيارة أجرة يكتب على الزجاج الخلفي «تكبر وتصير همر» .
ولأن الكتابة على السيارات كما قلنا هي متنفس للتعبير عن الإحباط من واقع معاش فإن للبطالة نصيبها فنجد عبارات مثل «من جد وجد ومن تخرج قعد».
العلاقات الاجتماعية بطبيعة الحال ستجد طريقها إلى السيارات فتجد أحدهم يشتكي من غدر الآخرين فيقول «عشقت السفر من غدر البشر»، أو «كنت عصفور أكلوني، عملت أسد صاحبوني».. «الجوالة مواقف والندالة دروس» ..«مفيش صاحب يتصاحب».
وطبعاً لا بد من ذكر الحسود فنجد عبارة «يا صايب بالعين.. مشتريهة بالدين» .
الأوضاع الأمنية لها نصيبها أيضاً، ففي لبنان مثلاً وعندما كان التفجيرات المتنقلة بين منطقة وأخرى ترعب الأهالي قرر أحدهم تناول الموضوع بسخرية فكتب على سيارته «يرجى عدم التفجير قرب السيارة وشكراً».
في المقابل عبارة «يرجى عدم سرقة السيارة وشكراً» منتشرة في مناطق معينة من الدول العربية التي تنشط فيها هكذا سرقات . أحدهم قرر تقديم نصيحة للسارق فكتب «عزيزي السارق «الحرامي» أبواب السيارة مفتوحة ما له داعي تكسر الزجاج ».
في المقلب الآخر هناك العبارات المسيئة وغير اللائقة وأحياناً الخادشة للحياء. هنا نحن لا نتحدث عن متنفس بل عن أشخاص لا يحترمون أنفسهم ولا يحترمون غيرهم. أحياناً قد يكون طيش شباب لا أكثر انطلاقاً من مبدأ خالف تعرف، أي أن الشاب يحاول أن يثبت بأنه «قبضاي» وبالتالي يضع عبارات مسيئة بهدف إثبات شجاعته وجرأته لمحيطه.
