نابلس- الاقتصادي- وفاء الحج علي- أم أحمد امرأة في الأربعينات من العمر، سمراء، حذقة، وذات صوت جهوري، تنتمي لعائلة كبيرة في قرية قضاء نابلس، تعدك بشريك العمر وزواج ناجح، مقابل بعض الدعوات... والشواقل.
كان اللقاء مع "الخطّابة" خلال جلسة توفيق بين عروسين (أحدهما من القدس والآخر من نابلس)، جمعتهما أم أحمد ليتدارسا احتمالية الارتباط.
وتحكي أم أحمد أن عملها في تدبير العرسان بدأ كمزحة بريئة، حيث كانت في جمعة عائلية وطرح أخاها موضوع زواج ابنه، فكان ردها: "عروستكم عندي"، وتم النصيب بتوفيق من الله، وبالقليل من المساعدة من أم أحمد.
العائلة رفضت التوسع في "العمل"
وتوضح أم أحمد، أنه بعد نجاح زواج ابن أخيها بالفتاة التي اقترحتها، صارت العائلة تلجأ لها، للحصول على نصيحة أو اقتراح لـ"جمع رأسين على مخدة"، وهكذا بدأت القصة.
وتقول (ل.م) التي رافقتها في مشوار عمل لتوفيق عروسين، أنه "مع انتشار سمعة أم احمد الطيبة فيما يخص التزويج والتوفيق، وبعد أن بدأت العائلة تتحدث في "مواهبها" في استكشاف احتمالات التوافق بين العرسان، بات الناس يلجؤون لها من القرى المجاورة، ثم كبرت شبكة معارفها ليصلها "زبائن" من محافظات أخرى".
بعد ذلك، تحكي أم أحمد: "بدأت أخذ الموضوع بمحمل الجد، فأعتقد أن تيسير زواج بين شخصين بالحلال، سيضمن لك أجرًا كبيرًا عند الله"، وتتابع: "لكن هذا العمل يتطلب مني جهدًا وان أغادر بيتي وعائلتي فترة طويلة، لذا أطلب من الشخص المعني مبلغًا من المال يتراوح بين 100 إلى 400 شيقل، وذلك طبعًا إذا أراد الشخص الدفع، أما إذا رفض فاحتسبها أجرًا عند الله، لكن لا أذكر أن فشلت إحدى الزيجات التي دبرتها، سوى واحدة، وكان سبب فشلها بسبب تدخل عائلاتي العروسين".
وتضيف: "لاقيت رفضًا من عائلتي، فعندما اشتهرت في بلدتي طالبني أخي بأن أتخلى عن هذا العمل، لكن مع إصرار الناس على مساعدتي لهم تابعت، لأنني أؤمن بما أفعله وبنيتي الطيبة فيه".
هل أم أحمد نشيطة على الفيسبوك؟
وتبيّن أم أحمد أنه في يوم من الأيام، جاء أحد أفراد العائلة ليبارك لها بصفحتها الرسمية على "فيسبووك"، حيث كانت تروج باسمها عن الخدمات التي تقدمها الخطابة، مع رقم هاتفها واسمها الكامل، وحتى اقتراحات ونصائح حول كيفية إيجاد الشريك المناسب.
وتتابع: "لا أعلم من أنشأ صفحة باسمي، لكن لم أكن أنا، فلست ضليعة بالإلكترونيات والتكنولوجيا، لذا فعندما اكتشفت وعائلتي أن هناك من ينتحل شخصيتي ليدنس من رسالتي أو يستغلها فعلنا ما استطعنا للإبلاغ عن الصفحة حتى أغلقت".
مفتاح نجاح عمل أم أحمد هو الإيمان
علاء (31 عامًا)، من ضواحي القدس، الذي لجأ لأم أحمد لتدبر له عروسة المستقبل، يقول: "بعد ان فشلت في زيجتين، قررت أن أجرب اقتراح أمي، التي كانت قد سمعت عن أم أحمد، وأنها لا تفشل أبدًا، لكنها طلبت مني أن أتقيد برأي الخطابة وأخذ بمشورتها وأن أؤمن بنيتها الصادقة فيما تفعل".
ويضيف: "قدمنا إلى منطقة نابلس برفقة أم أحمد، التي دبرت لي مواعيدًا مع ثلاث فتيات مختلفات، علّ واحدة منها تكون المطلوبة".
لكن، لمَ يوافق الناس على عرض أنفسهم كالبضاعة؟
هنا توضح ل. المصري أنها ترى في "صنعة" أم أحمد عملاً طيبًا، قائلة: "لا أحد منا يعلم كيف يلقى نصيبه، فلعل أم أحمد تكون طريقة الله في فتح نصيب بعضنا بالحلال، وهذا ليس بالشيء السيئ، فعالنوسة في تزايد والناس تبحث عن الاستقرار والحلال والعائلة".
استنسخوا أم أحمد لنخفض نسب العنوسة!
وتبيّن الخطّابة أم أحمد أنها "نجحت في تزويج نساء في عمر الخمسين، بعد أن اعتقدن أنهن سيمتن عذارى!"، مضيفة أن "ببصيرتها يمكنها أن تعرف ما إذا كان الشخص مسحورًا كي لا يتوفق في الزواج"، فتقرأ على الشخص بعض الآيات القرآنية، وقد تلجأ استخدام "ماء الزمزم" لتيسير النصيب!
فيبدو أن مشكلة العنوسة في الشعب الفلسطيني، حسب رأي أم أحمد، لم تعد تقتصر على غلاء المهور وغالبية نسب النساء مقارنة بالرجال، بل تكمن المشكلة الحقيقية في غياب "الخطّابات الموهوبات" القادرات على إيجاد الشريك المناسب بمبلغ لا يتعدّى 400 شيقل... نقدًا!